المرأة قبل الزواج.. وقبل لوم العُذَّل!!

لا يزال «عمل المرأة» قضية تثير الأسئلة، وتستفز الجدل في مجتمعنا، رغم أن نظرة المجتمع قد تغيَّرت كثيراً عما كانت عليه (في زمن المفاهيم المغلوطة والتصورات المشوهة). أقول إن النظرة تغيَّرت للأفضل كثيراً، لكن الفكرة لا تزال ضبابية لدى البعض حول أهمية عمل المرأة السعودية وجدواه. ولكي أكون واضحاً فهناك من يرى أن بقاء المرأة في منزلها هو الأصل، وأن خروجها للعمل مفسدة تهدف لإخراجها من بيتها. وقد دُهشتُ من خطيب جمعة خصص خطبة كاملة لإثبات أن بقاء المرأة في بيتها خيرٌ لها... (علمتُ فيما بعد أن زوجته معلمة!!). كما تداولت منصات التواصل الاجتماعي صورة لفتيات يعملن في مطعم، وقد علق عليها أحدهم بما معناه: (لو طلب منهن خدمة أزواجهن أو أهالي أزواجهن لرفضن واستنكرن.. بينما يوافقن على العمل ذاته في مطعم عام!!). وقد شهد التعليق نقاشاً حاداً بين موافقين

ومعارضين ومستنكرات بشدة.


يظهر بوضوح أن مثل هذه الرؤية لعمل المرأة تشتكي من قصور في فهم المسألة وعدم القدرة على وضعها في سياقها الطبيعي. إذ يمثل العمل في هذا العصر، عصر ما بعد الحداثة، ضرورة للمرأة مثلما هو للرجل.. أتحدث هنا عن عصر تمثل فيه المدينة المحرك الرئيس للدول ونموها الاقتصادي والاجتماعي، (لذلك قد لا يناسب كلامي بعض أولئك الذين يعيشون في القرى أو بعض المدن الصغيرة.. أو حتى أولئك

المتعلقين بأستار الماضي الوهمية).


العمل قيمة إنسانية مركزية؛ فهو ليس مجرد وسيلة للرزق فقط. تحتاج المرأة – مثلها مثل الرجل- للعمل لإثبات ذاتها، وتحديد معنى لحياتها، فالعمل مصدر دائم لتجديد عملية

الطموح،

كما أنه برنامج لتنظيم الحياة (مقابل الكسل والنوم للظهر دون هدف واضح)، ولعل أهم المبادئ التي يرسخها العمل يتمثل في تكريس الشعور بالمسؤولية لدى الإنسان، فيتحول النظام الاقتصادي ومن ثم الاجتماعي إلى نظام مشترك متكامل (غير مائل) يقتسم فيه الرجل والمرأة المسؤوليات (المادية والمعنوية) داخل المنزل وخارجه. ويصبح الزواج –مثلاً- عمليةَ مشاركة حقيقية مبنية على تشارك المسؤوليات بكل تفاصيلها (فلا يتحمل الزوج الأعباء المادية فقط، ولا تتحمل الزوجة

أعباء المنزل والأولاد فقط).

من شأن عمل المرأة -إذا أصبح الأصل- أن يسهم -شيئا فشيئا- في التخفيف من المظاهر الاجتماعية السلبية: مثل تكاليف الزواج الباهظة، ونسبة الطلاق، وظاهرة الإدعاء والتباهي الكاذبة (الفشخرة)، وانتقاص الأنثى، أو عدم احترام الرجل، وعدم تقدير عمل الآخر، واتساع الهوة بين مستوى الزوج والزوجة، والاتكالية على الزوج (أو على الزوجة)، أو الاعتماد على العمالة

والخادمات وغير ذلك.

أعتقد أن أهم رسالة يوجهها الوالد لابنته هذه الأيام أن تحرص على الاعتماد على نفسها، وأن يكون «العملُ» أولَ ما تؤثثُ به مستقبلها «الوردي».. العملُ أولاً.. قبل

الزواج.. وقبل أي شيء آخر!!

***

يا أُمَّ ناجِيَةَ السَلامُ عَلَيكُمُ

قَبلَ الرَواحِ وَقَبلَ لَومِ العُذَّلِ

لَو كُنتُ أَعلَمُ أَنَّ آخِرَ

عَهدِكُم

يَومُ الرَحيلِ فَعَلتُ ما لَم أَفعَلِ

* جرير (يبكي رحيل أم ناجية «إلى عملها»!!).

أخبار ذات صلة

اللغة الشاعرة
مؤتمر الأردن.. دعماً لوحدة سوريا ومستقبلها
الجهات التنظيمية.. تدفع عجلة التنمية
الاستثمار في مدارس الحي
;
معرض جدة للكتاب.. حلَّة جديدة
«حركية الحرمين».. إخلاص وبرامج نوعية
دموع النهرين...!!
الجمال الهائل في #سياحة_حائل
;
عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض