أهمية «المنهج» في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها

يؤكد رشدي طعيمة في كتابه المهم (المرجع في تعليم اللغة العربية للناطقين بلغات أخرى) أن «المنهج curriculum عنصر أساسي من عناصر العملية التعليمية إن لم يكن صلبها.. والسبب في ذلك أنه يقدم تصوراً شاملاً لما ينبغي أن يقدم للطالب من معلومات وما يجب أن يكتسبه من مهارات وما يمكن أن ينمَّى لديه من قيم واتجاهات». (ص121)

وبعيداً عن النقاش القائم بين الباحثين حول الفرق بين المنهج والطريقة، أو بين الطريقة والمحتوى، فإنه يمكن الاطمئنان إلى أن مصطلح المنهج في سياق تعليم اللغة الثانية يشمل كلاً من «الطريقة والمحتوى». والفرق بينهما واضح؛ فالمحتوى هو المقرر أو المادة العلمية التي تقدم للمتعلمين، فيما تمثل الطريقةُ منظومةَ الوسائل والأساليب المتبعة في إيصال ذلك المحتوى وتعليمه.. ولا يقر محمود كامل الناقة بأهمية أحد البعدين على الآخر، إذ يرى في (المرجع المعاصر في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها) «أن كلاً من الطريقة والمحتوى يحدد الآخر، فالطريقة تحدد إلى حد كبير ما يتعلمه التلميذ، وكيف يتعلمه ومدى قابلية ما يتعلمه للتطبيق في الحياة، كما أن طبيعة المحتوى تحدد إلى حد كبير الطريقة وأساليب المعالجة ووسائلها» (ص44).


ويمكن أن أضرب مثلاً بتجربة الرابطة الثقافية للطلاب المبتعثين في بريطانيا في تعليم العربية في جامعة ليدز البريطانية، حيث كانوا واعين بأهمية اختيار المنهج وطرق التدريس، كما أنهم -رغم تخصصهم في علوم اللغة العربية وخبرتهم فيها- لم يغفلوا حقيقةَ أن تخصصاتهم الدقيقة لم تكن في اللغويات التطبيقية التي يُدرج تعليم اللغات الأجنبية تحت مظلتها. لذلك ناقش الأعضاء -قبل بداية البرنامج- النقاط المتعلقة بالمحتوى الذي سيُعتمد في الحصص وطرق التدريس ووسائله.

ولأن ظروف الوقت والإمكانات المادية لم تساعد للمضي في محاولة تصميم منهج خاص للبرنامج، فقد ذهب الرأي إلى الاتفاق على الخطوط العريضة للمنهج باختيار المحتوى المناسب لكل مستوى بعد وضع الأهداف والنتائج المتوقعة في نهاية البرنامج لكل فصل من الفصول. ويمكن أن أنتهي هنا بنقطة مهمة؛ حيث استقر الرأي على السلسلة الصادرة عن مؤسسة الوقف الإسلامي (العربية بين يديك) لتكون المرجع الأساسي للتدريس في مختلف المستويات. وقد اعتمد المعلمون بالفعل كتبَ السلسلة في الأسابيع الأولى من البرنامج، لكنهم اكتشفوا عدم صلاحية الكتب، لأن المحتوى الثقافي كان مختلفاً وغير مناسب للبيئة الثقافية البريطانية. فقد كانت السلسلة تستهدف المسلمين حصرياً. ورغم جودة التصميم والإخراج، إلا أن ما يعيبها كان التركيز على الجانب الإسلامي فقط، كما أن الروح المحافظة سيطرتْ على كتب السلسلة، فطمست صورُ الأحياء وصور الفتيات «الكرتونية». وأذكر أن الطلبة لم يستطيعوا التعرف على ماهية الصورة التي عرضتها على السبورة الإلكترونية في معرض حديث عن ضمائر التأنيث والتذكير. كانت الصورةُ لفتاة محجبة بالأسود الكامل حيث لا يظهر أي جزء من جسدها، وحين أوضحت لهم أنها صورة لفتاة أبدى الطلبة استغرابهم، وكانت نظراتهم تعج بالأسئلة الاستنكارية.


من هنا لم يطل اعتمادنا على هذه السلسلة حيث جنح كل منا إلى تصميم محتواه اعتماداً على ما يقع عليه في المكتبات أو المواقع الإلكترونية بما يناسب ذائقة الطلاب والطالبات.

أخبار ذات صلة

اللغة الشاعرة
مؤتمر الأردن.. دعماً لوحدة سوريا ومستقبلها
الجهات التنظيمية.. تدفع عجلة التنمية
الاستثمار في مدارس الحي
;
معرض جدة للكتاب.. حلَّة جديدة
«حركية الحرمين».. إخلاص وبرامج نوعية
دموع النهرين...!!
الجمال الهائل في #سياحة_حائل
;
عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض