الفنان الكارثة: النجاح بالفشل

في العام 2017م صدر فيلم أمريكي غريب الصنع، لا تخلو فكرته من طرافة ودلالة؛ أعني فيلم (الفنان الكارثة).. الذي يقدم محاكاة لتجربة غريبة قام بها الممثلان توماس ويزو وقريق سيسترو، حاولا فيها إنتاج فيلم سينمائي أطلقا عليه (الغرفة The Room)، في العام 2003.

ما يجعل الفيلم مثيراً ولافتاً هو فكرته التي تلمِّح إلى «النجاح بالفشل»، أعني أن يصل شخص ما، أو عمل ما، إلى نتائجه المرجوة (أو بعضها على الأقل) عبر الفشل الذريع الذي يصبح وصمة فخر، أو نجمة عار، على جبين صاحبها. فيلمنا هذا يحكي قصة الشهرة «العكسية» التي حققها فيلم (الغرفة The Room)، وهي هدف من أهداف الرجل الرئيس في الفيلم؛ ويزو، الذي اختار أن يكون المنتج والممول والمخرج والبطل الرئيس للفيلم، دون أن يكون له من هذا كله إلا نصيب الهاوي الحالم.


الفيلم الجديد (الفنان الكارثة) مبني على كتاب أصدره قريق سيسترو وتوم بيسي (الفنان الكارثة: حياتي في «الغرفة»؛ أعظم الأفلام سوءاً في التاريخ).. ويحكي التفاصيل الكارثية لما حدث في تجربة صنع الفيلم من لحظة الشرارة الأولى للفكرة، حتى موعد عرضه في يوم الافتتاح... حينها قد كان ويزو قد خسر ملايين الدولارات التي لا يعلم أحد مصدرها حتى الآن ربما.

يقول الفيلم الكثير، وتقول التجربة أكثر: تشير التجربة إلى أهمية الموهبة لتكون المنطلق الأساسي في عالم الفن والنجاح فيه، وتقول إن غيابها لا تعوضه عوامل أخرى أحياناً (مثل الثراء والطموح الجامح والمثابرة العمياء). يظهر الفيلم كمية الإصرار والعناد الذي يبديه مخرج الفيلم الكارثة ومنتجه وبطله، لكنه يشير بطريقة مؤلمة إلى حجم السذاجة القابع في طموحه واندفاعه.


يلمح الفيلم أيضاً إلى أهمية التخصص.. وضرورة الاهتمام بأدق التفاصيل، والسينما مجال عالمي واسع الانتشار والتأثير، يجد مكانه في صالات العرض وفي بيوت الناس وفي قاعات الجامعة وأقسامها.

كما يمثل الفيلم الكارثة ثقافة الاستهلاك (في أبشع صورها)، حيث يكون المال حلاً لكل شيء، أو يحاول أن يكون حلاً لكل شيء (رغم أنه لا يحل محل الموهبة، ولا الدراسة والتخصص، ولا العمل الجاد المنظم، كما أنه لا يحل محل التواضع ومعرفة القدرات الشخصية)... من هنا، يبدو أن الفيلم ليس عن ويزو وسيسترو، فهذه ليست مشكلتهما فقط في هذا الزمن العجيب!

كان ويزو يريد للعمل أن يصبح ملحمة درامية خالدة على غرار مسرحيات شكسبير، لكن الضحالة وسوء التمثيل والإخراج حولت قاعة العرض الأول (ذا بريميير) إلى طوفان من الضحك الساخر الذي لم ينقطع.. وهو ما أثار حنق ويزو الذي خرج من المسرح وهو يشعر بمرارة عظيمة... لكن الجمهور ظل يناديه ويصفق له ليعود للداخل! كان الفيلم كوميديا حقيقية على طموح تومي الأجوف.. وكان الجمهور يضحك على الفيلم.. لا منه..!! لكن ويزو نجح.. نجح بامتياز في فشله.. فشله ذاك الذي لن تنساه ذاكرة التاريخ بسهولة!!

أخبار ذات صلة

اللغة الشاعرة
مؤتمر الأردن.. دعماً لوحدة سوريا ومستقبلها
الجهات التنظيمية.. تدفع عجلة التنمية
الاستثمار في مدارس الحي
;
معرض جدة للكتاب.. حلَّة جديدة
«حركية الحرمين».. إخلاص وبرامج نوعية
دموع النهرين...!!
الجمال الهائل في #سياحة_حائل
;
عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض