التخصصات النظرية في الجامعات.. مصانع لإنتاج البطالة
تاريخ النشر: 10 نوفمبر 2018 03:07 KSA
على الرغم من الدعوات المتكررة منذ سنوات للتحول نحو التخصصات العلمية والتطبيقية لمواكبة متغيرات سوق العمل سواء في الداخل أو الخارج، إلا أن إحصاءات وزارة التعليم لعام 2016 على سبيل المثال تشير إلى أن 68% من الخريجين ما زالوا من تخصصات نظرية تكرس البطالة في ظل عدم حاجة سوق العمل للكثير منهم حالياً، وفيما يتساءل الكثيرون عن جدوى الإنفاق على التعليم الذي يصل إلى قرابة 25% من الميزانية على هذه الوتيرة، يرى البعض أن الحل لا يكمن في تشكيل لجان تتفرع عنها لجان أخرى لدراسة الوضع، وإنما ينبغي التحرك السريع لإغلاق غالبية هذه الأقسام لتقليص طوابير العاطلين عن العمل، مشددين على أهمية أن تكون الأولوية لتخصصات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي وتقنيات الروبوتات والنانو وغيرها. وفي المنتصف من هذين الرأيين يشدد البعض على صعوبة إغلاق التخصصات النظرية تماماً، لأهميتها في التنمية وتشكيل الوعي الوطني.
كتبي: الوضع الراهن محصلة عقود لنظرية التعليم من أجل الشهادة والوظيفة الحكومية
دعا البروفيسور د. إبراهيم كتبي عميد كلية المجتمع بجامعة الملك عبدالعزيز إلى إعادة النظر في حجم الأعداد المتخرجة من الأقسام النظرية، في ظل تخريج أكثر من مئتي ألف طالب وطالبة سنوياً معظمهم من تخصصات نظرية، وفقا لإحصاءات وزارة التعليم. ولفت إلى أن هذه النسبة المرتفعة من خريجي التخصصات النظرية، تعد محصلة عقود على نظرية التعليم من أجل الشهادة، باعتبارها المسوغ الأهم للوظيفة التي كانت في الأغلب بالقطاعات الحكومية وقد تشبعت اليوم إلى حد البطالة المقنعة، أما اليوم فنتحدث عن واقع مختلف ومتغيرات كبيرة، فمجتمعنا يوصف بأنه شبابي لأن نحو 60% من السعوديين تقل أعمارهم عن (25) عاماً، وهذه ميزة لصالح مستقبل التنمية يجب استثمارها من خلال التعليم بشكل عام والجامعي والعالي بشكل خاص. ولفت إلى التطور الكبير في عصر التقنية والمعلوماتية والابتكارات، وضرورة الارتقاء بكفاءة الموارد البشرية لتحقيق مستهدفات التنمية ورؤية 2030، مشيراً إلى أن عدد الجامعات قفز من (6) جامعات حكومية إلى (38) جامعة حكومية وأهلية وعشرات الكليات الأهلية المتخصصة، ويستوعب التعليم العالي ما يقرب من (90%) من خريجي وخريجات المرحلة الثانوية.
ولفت إلى أنه على ضوء هذه المتغيرات ظهر مفهوم الوظيفة ومتطلباتها وحتمية توافق مخرجات التعليم مع سوق العمل، وذلك هو التحدي الأكبر أمام التخصصات النظرية وما يرتبط بذلك من حتمية التطوير المتوازي للتعليم العام باعتباره المغذي للجامعات والتعليم العالي، وقد تضمنت رؤية 2030 أهدافاً طموحة لمستقبل المملكة في كافة القطاعات، وفي مقدمتها التعليم وأكدت على ذلك من خلال توفير فرص التعليم للجميع في بيئة تعليمية مناسبة ورفع جودة المخرجات وزيادة فاعلية البحث العلمي وتشجيع الإبداع والابتكار وتنمية الشراكة المجتمعية والارتقاء بقدرات ومهارات منسوبي التعليم. وأشار إلى بدء خطوات مهمة لسد الفجوة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل، بالتوازي مع تطوير التعليم العام وتغذيته أكثر بالعلوم والأساليب التطبيقية الحديثة، مع دعم آليات صقل القدرات والتأهيل بالمهارات العامة، ومن ثم توجيه الطلاب نحو الخيارات الدراسية المتوافقة مع متغيرات سوق العمل، وزيادة المرونة في التنقل بين مختلف المسارات التعليمية.
ورأى أن الحد من التخصصات النظرية بالجامعات، يتحقق على مسارين، الأول ترشيد هذه التخصصات من حيث أعداد كلياتها وأقسامها ونسبة القبول، والثاني إلغاء بعضها في الجامعات، مشيراً إلى أن الترشيد هو الأكثر واقعية وجدوى مع إعادة هيكلة المناهج، وفق دراسات دقيقة لحاجة السوق، ولفت إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار وجود بعض الطلاب والطالبات من لا يرغبون في التخصصات التطبيقية ولا يجيدون علومها، ولابد لهم من منافذ جامعية، كما يصعب الاستغناء بالمطلق عن العلوم النظرية وخريجيها، لأهميتها في التنمية وتشكيل الوعي الوطني للأجيال كالجغرافيا والتاريخ ودراسة المجتمع وعلم النفس، وتلك علوم يصعب تجاهلها ولا يجب أن تسقط من عقول الأجيال، لذا الأفضل هيكلة تلك الأقسام وبعض التخصصات.
ودعا إلى إعادة هيكلة بعض الكليات بما يتوافق مع سوق العمل ويلبي احتياجاته في تخصصات مطلوبة وتطوير بعض المناهج بالكليات النظرية وإضافة مهارات وتخصصات جديدة، وبرامج قبل التخرج ترتبط بوظائف القطاعات الواعدة وتوسيع فرص الدبلومات والدورات المتخصصة للخريجين والخريجات في أنشطة تلك القطاعات الحيوية الواسعة، مثل الترفيه والسياحة ومشاريع تشغيل القطارات والمترو والمدن الجديدة وريادة الأعمال، خاصة أن بعض التخصصات لا تحتاج إلى تدريب كبير لدخول سوق العمل. كما أن هناك مسؤولية على الطلاب وقد أصبح لديهم المعيار الدقيق لاختيار التخصصات الجامعية، ويجب أن تساعدهم سياسة القبول بالجامعات والتعليم العالي على ذلك، وعلى الخريجين التنازل مؤقتاً عن بعض الشروط، منها معدل الراتب وعدد الساعات، على الأقل في بداية حياتهم الوظيفية حتى يكتسبوا الخبرة والاستقرار وجودة العمل.
25 تخصصاً جديداً توفر آلاف الوظائف
تطرق الدكتور كتبي إلى تخصصات مقترحة واعدة في الجامعات منها: الصحة المهنية، تصميم الجرافيك، التصميم الداخلي، التصوير الفوتوغرافي، خدمات الحج والعمرة وإدارة الحشود، السكن والفنادق، الترفيه، الإعلام الإلكتروني، فنون السينما، الذكاء الصناعي والروبوت، تقنية النانو، الطاقة المتجددة، علوم المياه والتحلية، إدارة سلسلة الإمداد، إدارة الأزمات، الـتجارة الإلكترونية، هندسة البرمجيات، هندسة الشبكات، تقنية المعلومات، الأمن السيبراني، إدارة المشاريع، الرياضيات الحيوية، فيزياء الليزر، تخصصات صحية منها تمريض كبار السن والرعاية الصحية المنزلية، لافتاً إلى أنها تشق طريقها على أرض الواقع كمشاريع تنموية وخدمية ستوفر مئات الآلاف من فرص العمل خلال سنوات قليلة، لكن يظل النجاح في ذلك مسؤولية الجميع بدءًا من الطالب والطالبة والتعليم وقطاع الأعمال والتخطيط الدقيق والمتابعة والتقييم
وأضاف أن سوق العمل يخضع لمعادلة العرض والطلب، وفيما كانت الوظائف الحكومية هي الوعاء الأكبر والأساس في التوظيف ولم يكن يشترط غير الشهادة الدراسية، بات اليوم القطاع الخاص هو الرهان لتنوع وتطور أنشطته واستثماراته في كافة المجالات، مما يحتم تأهيل الخريجين بتخصصات علمية تلبي احتياجاته من الكوادر الوطنية المؤهلة بالتخصص وقيم العمل، وبطبيعة الحال رجل الأعمال يطلب تكلفة أقل وتخصصات مناسبة وخبرة جيدة وهذا حقهم، ولطالبي العمل أيضاً ظروفهم من حيث الخبرة ولديهم رغبات بعضها قد لا يتوفر أو يتحقق تماماً، وهذه من إشكاليات المرحلة الحالية التي يجب تجاوزها بشيء من الصبر والتعاون وجدية التأهيل.
ميمني: تقليص قبول طلاب الانتساب
يقول خبير الموارد البشرية الدكتور خالد ميمني: إن معظم الخريجين فى التخصصات النظريه هم من طلاب الانتساب داعياً إلى ضرورة الارتقاء بنوعية برامجه وتضييق فرص الالتحاق به.
واقترح إغلاق بعض الأقسام أو إضافة المكون الكمي المطلوب لها، ولكن بعد إجراء بعض المسوحات للتأكد من الأقسام المطلوبة. ودعا إلى رفع مستوى الخريجين الحاليين من خلال برامج للتجسير بعد التأكد من حاجة أصحاب الأعمال لهؤلاء الخريجين.
ساعاتي: الجامعات لا تواكب الرؤية وبرنامج التحول الوطني
أعرب عضو مجلس الشورى الدكتور عبدالإله ساعاتي عن أسفه الشديد لعدم مواكبة معظم جامعاتنا مستهدفات رؤية المملكة ٢٠٣٠ وبرنامج التحول الوطني ٢٠٢٠م، مشيرًا إلى أن من أبرزها تحقيق المواءمة بين المخرجات واحتياجات سوق العمل. ولفت إلى أن السوق حالياً لا يحتاج إلى هذا العدد الكبير من خريجي التخصصات النظرية، وإنما إلى خريجي التخصصات العلمية التطبيقية. ورأى أن الجامعات بهذا الوضع تساهم في تعميق مشكلة البطالة واستفحالها، مطالباً بضرورة إعادة هيكلة برامجها وتعديل استراتيجياتها الأكاديمية بحيث تنعكس النسبة فتصبح ٧٣٪ للتخصصات العلمية والبقية للنظرية. وطالب بفتح تخصصات جديدة للوظائف المستقبلية، مثل الذكاء الاصطناعي وتقنيات الروبوتات والنانو والبرمجيات وريادة الأعمال والمحاسبة الاكتوارية وغيرها، لافتا إلى أنه في ظل التوسع في الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، فإن 47% من الوظائف مهددة بأن تتحول إلى وظائف تعتمد على الحاسب الآلى وفقاً لدراسة عرضت مؤخراً في المنتدى الاقتصادي العالمي خلال العام الحالى. كما أشار مقدمو الدراسة إلى أنه حتى في الولايات المتحدة نفسها المتقدمة تقنياً فإن 1.4 مليون أمريكي مهددون بفقدان وظائفهم بحلول عام 2026.
زيادة عدد وظائف الذكاء الاصطناعي 4 أضعاف في 5 سنوات
كشف التقرير الأخير لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة عن تضاعف عدد الشركات الكبرى والناشئة العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي حوالي 14 ضعفاً، وزيادة الاستثمار في هذا المجال 6 مرات، كما لفت إلى زيادة عدد الوظائف التي تتطلب مهارات الذكاء الاصطناعي منذ عام 2013 إلى حوالي 4 أضعاف، وهو ما جاء أسرع بكثير عما كان متوقعاً، مشيراً إلى أن ذلك التقدم سيستمر بوتيرة أسرع في مختلف مجالات الحياة. ودعا التقرير الدول والمجتمعات إلى التحضير لمرحلة هيمنة الذكاء الاصطناعي على المجتمعات البشرية لتفادي تداعياتها السلبية، وذلك من خلال الاهتمام بتعليم الأطفال البرمجة في مراحل التعليم المبكرة، وإنشاء أقسام وكليات للذكاء الاصطناعي والروبوتكس، وتهيئة الإطار القانونى الذي ينظم هذه التقنيات ووضع النظم القانونية التي تحمي العمال الذين سيتأثرون سلباً جراء هذه التنظيمات. ولفت التقرير إلى نتائج نوعية للتوسع في الذكاء الاصطناعي، منها التحول نحو نظم التشغيل والإنتاج المحسنة ذاتياً، وتعديل عمليات الإنتاج في وقت مثالي واكتشاف مشكلات الجودة سريعاً، كما يمكنها التنبؤ بدقة بحجم المبيعات وتوجهات المستهلك بشكل دقيق، وإدارة عمليات التخزين واللوجستيات بشكل أكثر كفاءة.
خفض البطالة إلى 7% في 2030
تستهدف الحكومة في رؤيتها المستقبلية وبرنامج الإصلاح الاقتصادي (التحول الوطني) خفض معدل البطالة إلى حوالي 9 بالمئة بحلول عام 2020 و 7 بالمئة في 2030. ووفقا لتقديرات وزارة العمل فان الوصول إلى هذه النسب يتحقق من خلال توفير 1.2 مليون وظيفة بحلول 2022، بدعم من الارتفاع المتوقع في نسب النمو خلال الفترة القصيرة المقبلة، يأتي ذلك فيما يؤكد الخبراء أن تباطؤ النشاط الاقتصادي خلال الأعوام الأخيرة على خلفية تراجع أسعار النفط، كان سبباً رئيسياً في تقليص أعداد الداخلين الجدد إلى سوق العمل على الرغم من مغادرة أكثر من مليون وافد بسبب الإصلاحات الراهنة.
ودخلت إصلاحات سوق العمل في يونيو الماضي مرحلة جديدة بإصدار قرار يحظر عمل الأجانب في 12 نشاطاً ومهنة ويقصر العمل في وظائفها على السعوديين فقط، بعد إجراءات مماثلة في قطاعات أخرى. ويشير الخبراء إلى أن البداية الصحية يجب أن تكون برفع جاذبية السعوديين في سوق العمل، من خلال التأهيل والتدريب الجيد، وإعادة النظر فى المناهج واستشراف الرؤى المستقبلية العالمية في هذا الاتجاه، كما يجري العمل على إعادة هيكلة برامج دعم التوظيف عبر صندوق الموارد البشرية بالتعاون مع القطاع الخاص.
وزير العمل: لجنة سياسات سوق العمل تدرس مخرجات التعليم
قال وزير العمل والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد الراجحي إن لجنة سياسات سوق العمل تعمل حالياً على دراسة مخرجات التعليم ومدى مواكبتها لسوق العمل. وأشار في حديث تلفزيوني مؤخرا إلى أن 70% من العاطلين نساء بلغ عددهن 750 ألف باحثة حسب إحصائية الشهر الماضي وأن غالبيتهم من خريجات الأقسام الأدبية.
وقال إن وزير التعليم بدأ في خطوات جادة للحد من خريجي الأقسام النظرية وإيقاف القبول في بعض التخصصات الجامعية، موضحاً أن لجنة سياسات سوق العمل التي يرأسها معالي وزير الاقتصاد وعضوية وزير التجارة ووزير العمل ووزير الخدمة المدنية تدرس حالياً عدة موضوعات تتعلق بمواءمة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل.
كتبي: الوضع الراهن محصلة عقود لنظرية التعليم من أجل الشهادة والوظيفة الحكومية
دعا البروفيسور د. إبراهيم كتبي عميد كلية المجتمع بجامعة الملك عبدالعزيز إلى إعادة النظر في حجم الأعداد المتخرجة من الأقسام النظرية، في ظل تخريج أكثر من مئتي ألف طالب وطالبة سنوياً معظمهم من تخصصات نظرية، وفقا لإحصاءات وزارة التعليم. ولفت إلى أن هذه النسبة المرتفعة من خريجي التخصصات النظرية، تعد محصلة عقود على نظرية التعليم من أجل الشهادة، باعتبارها المسوغ الأهم للوظيفة التي كانت في الأغلب بالقطاعات الحكومية وقد تشبعت اليوم إلى حد البطالة المقنعة، أما اليوم فنتحدث عن واقع مختلف ومتغيرات كبيرة، فمجتمعنا يوصف بأنه شبابي لأن نحو 60% من السعوديين تقل أعمارهم عن (25) عاماً، وهذه ميزة لصالح مستقبل التنمية يجب استثمارها من خلال التعليم بشكل عام والجامعي والعالي بشكل خاص. ولفت إلى التطور الكبير في عصر التقنية والمعلوماتية والابتكارات، وضرورة الارتقاء بكفاءة الموارد البشرية لتحقيق مستهدفات التنمية ورؤية 2030، مشيراً إلى أن عدد الجامعات قفز من (6) جامعات حكومية إلى (38) جامعة حكومية وأهلية وعشرات الكليات الأهلية المتخصصة، ويستوعب التعليم العالي ما يقرب من (90%) من خريجي وخريجات المرحلة الثانوية.
ولفت إلى أنه على ضوء هذه المتغيرات ظهر مفهوم الوظيفة ومتطلباتها وحتمية توافق مخرجات التعليم مع سوق العمل، وذلك هو التحدي الأكبر أمام التخصصات النظرية وما يرتبط بذلك من حتمية التطوير المتوازي للتعليم العام باعتباره المغذي للجامعات والتعليم العالي، وقد تضمنت رؤية 2030 أهدافاً طموحة لمستقبل المملكة في كافة القطاعات، وفي مقدمتها التعليم وأكدت على ذلك من خلال توفير فرص التعليم للجميع في بيئة تعليمية مناسبة ورفع جودة المخرجات وزيادة فاعلية البحث العلمي وتشجيع الإبداع والابتكار وتنمية الشراكة المجتمعية والارتقاء بقدرات ومهارات منسوبي التعليم. وأشار إلى بدء خطوات مهمة لسد الفجوة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل، بالتوازي مع تطوير التعليم العام وتغذيته أكثر بالعلوم والأساليب التطبيقية الحديثة، مع دعم آليات صقل القدرات والتأهيل بالمهارات العامة، ومن ثم توجيه الطلاب نحو الخيارات الدراسية المتوافقة مع متغيرات سوق العمل، وزيادة المرونة في التنقل بين مختلف المسارات التعليمية.
ورأى أن الحد من التخصصات النظرية بالجامعات، يتحقق على مسارين، الأول ترشيد هذه التخصصات من حيث أعداد كلياتها وأقسامها ونسبة القبول، والثاني إلغاء بعضها في الجامعات، مشيراً إلى أن الترشيد هو الأكثر واقعية وجدوى مع إعادة هيكلة المناهج، وفق دراسات دقيقة لحاجة السوق، ولفت إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار وجود بعض الطلاب والطالبات من لا يرغبون في التخصصات التطبيقية ولا يجيدون علومها، ولابد لهم من منافذ جامعية، كما يصعب الاستغناء بالمطلق عن العلوم النظرية وخريجيها، لأهميتها في التنمية وتشكيل الوعي الوطني للأجيال كالجغرافيا والتاريخ ودراسة المجتمع وعلم النفس، وتلك علوم يصعب تجاهلها ولا يجب أن تسقط من عقول الأجيال، لذا الأفضل هيكلة تلك الأقسام وبعض التخصصات.
ودعا إلى إعادة هيكلة بعض الكليات بما يتوافق مع سوق العمل ويلبي احتياجاته في تخصصات مطلوبة وتطوير بعض المناهج بالكليات النظرية وإضافة مهارات وتخصصات جديدة، وبرامج قبل التخرج ترتبط بوظائف القطاعات الواعدة وتوسيع فرص الدبلومات والدورات المتخصصة للخريجين والخريجات في أنشطة تلك القطاعات الحيوية الواسعة، مثل الترفيه والسياحة ومشاريع تشغيل القطارات والمترو والمدن الجديدة وريادة الأعمال، خاصة أن بعض التخصصات لا تحتاج إلى تدريب كبير لدخول سوق العمل. كما أن هناك مسؤولية على الطلاب وقد أصبح لديهم المعيار الدقيق لاختيار التخصصات الجامعية، ويجب أن تساعدهم سياسة القبول بالجامعات والتعليم العالي على ذلك، وعلى الخريجين التنازل مؤقتاً عن بعض الشروط، منها معدل الراتب وعدد الساعات، على الأقل في بداية حياتهم الوظيفية حتى يكتسبوا الخبرة والاستقرار وجودة العمل.
25 تخصصاً جديداً توفر آلاف الوظائف
تطرق الدكتور كتبي إلى تخصصات مقترحة واعدة في الجامعات منها: الصحة المهنية، تصميم الجرافيك، التصميم الداخلي، التصوير الفوتوغرافي، خدمات الحج والعمرة وإدارة الحشود، السكن والفنادق، الترفيه، الإعلام الإلكتروني، فنون السينما، الذكاء الصناعي والروبوت، تقنية النانو، الطاقة المتجددة، علوم المياه والتحلية، إدارة سلسلة الإمداد، إدارة الأزمات، الـتجارة الإلكترونية، هندسة البرمجيات، هندسة الشبكات، تقنية المعلومات، الأمن السيبراني، إدارة المشاريع، الرياضيات الحيوية، فيزياء الليزر، تخصصات صحية منها تمريض كبار السن والرعاية الصحية المنزلية، لافتاً إلى أنها تشق طريقها على أرض الواقع كمشاريع تنموية وخدمية ستوفر مئات الآلاف من فرص العمل خلال سنوات قليلة، لكن يظل النجاح في ذلك مسؤولية الجميع بدءًا من الطالب والطالبة والتعليم وقطاع الأعمال والتخطيط الدقيق والمتابعة والتقييم
وأضاف أن سوق العمل يخضع لمعادلة العرض والطلب، وفيما كانت الوظائف الحكومية هي الوعاء الأكبر والأساس في التوظيف ولم يكن يشترط غير الشهادة الدراسية، بات اليوم القطاع الخاص هو الرهان لتنوع وتطور أنشطته واستثماراته في كافة المجالات، مما يحتم تأهيل الخريجين بتخصصات علمية تلبي احتياجاته من الكوادر الوطنية المؤهلة بالتخصص وقيم العمل، وبطبيعة الحال رجل الأعمال يطلب تكلفة أقل وتخصصات مناسبة وخبرة جيدة وهذا حقهم، ولطالبي العمل أيضاً ظروفهم من حيث الخبرة ولديهم رغبات بعضها قد لا يتوفر أو يتحقق تماماً، وهذه من إشكاليات المرحلة الحالية التي يجب تجاوزها بشيء من الصبر والتعاون وجدية التأهيل.
ميمني: تقليص قبول طلاب الانتساب
يقول خبير الموارد البشرية الدكتور خالد ميمني: إن معظم الخريجين فى التخصصات النظريه هم من طلاب الانتساب داعياً إلى ضرورة الارتقاء بنوعية برامجه وتضييق فرص الالتحاق به.
واقترح إغلاق بعض الأقسام أو إضافة المكون الكمي المطلوب لها، ولكن بعد إجراء بعض المسوحات للتأكد من الأقسام المطلوبة. ودعا إلى رفع مستوى الخريجين الحاليين من خلال برامج للتجسير بعد التأكد من حاجة أصحاب الأعمال لهؤلاء الخريجين.
ساعاتي: الجامعات لا تواكب الرؤية وبرنامج التحول الوطني
أعرب عضو مجلس الشورى الدكتور عبدالإله ساعاتي عن أسفه الشديد لعدم مواكبة معظم جامعاتنا مستهدفات رؤية المملكة ٢٠٣٠ وبرنامج التحول الوطني ٢٠٢٠م، مشيرًا إلى أن من أبرزها تحقيق المواءمة بين المخرجات واحتياجات سوق العمل. ولفت إلى أن السوق حالياً لا يحتاج إلى هذا العدد الكبير من خريجي التخصصات النظرية، وإنما إلى خريجي التخصصات العلمية التطبيقية. ورأى أن الجامعات بهذا الوضع تساهم في تعميق مشكلة البطالة واستفحالها، مطالباً بضرورة إعادة هيكلة برامجها وتعديل استراتيجياتها الأكاديمية بحيث تنعكس النسبة فتصبح ٧٣٪ للتخصصات العلمية والبقية للنظرية. وطالب بفتح تخصصات جديدة للوظائف المستقبلية، مثل الذكاء الاصطناعي وتقنيات الروبوتات والنانو والبرمجيات وريادة الأعمال والمحاسبة الاكتوارية وغيرها، لافتا إلى أنه في ظل التوسع في الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، فإن 47% من الوظائف مهددة بأن تتحول إلى وظائف تعتمد على الحاسب الآلى وفقاً لدراسة عرضت مؤخراً في المنتدى الاقتصادي العالمي خلال العام الحالى. كما أشار مقدمو الدراسة إلى أنه حتى في الولايات المتحدة نفسها المتقدمة تقنياً فإن 1.4 مليون أمريكي مهددون بفقدان وظائفهم بحلول عام 2026.
زيادة عدد وظائف الذكاء الاصطناعي 4 أضعاف في 5 سنوات
كشف التقرير الأخير لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة عن تضاعف عدد الشركات الكبرى والناشئة العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي حوالي 14 ضعفاً، وزيادة الاستثمار في هذا المجال 6 مرات، كما لفت إلى زيادة عدد الوظائف التي تتطلب مهارات الذكاء الاصطناعي منذ عام 2013 إلى حوالي 4 أضعاف، وهو ما جاء أسرع بكثير عما كان متوقعاً، مشيراً إلى أن ذلك التقدم سيستمر بوتيرة أسرع في مختلف مجالات الحياة. ودعا التقرير الدول والمجتمعات إلى التحضير لمرحلة هيمنة الذكاء الاصطناعي على المجتمعات البشرية لتفادي تداعياتها السلبية، وذلك من خلال الاهتمام بتعليم الأطفال البرمجة في مراحل التعليم المبكرة، وإنشاء أقسام وكليات للذكاء الاصطناعي والروبوتكس، وتهيئة الإطار القانونى الذي ينظم هذه التقنيات ووضع النظم القانونية التي تحمي العمال الذين سيتأثرون سلباً جراء هذه التنظيمات. ولفت التقرير إلى نتائج نوعية للتوسع في الذكاء الاصطناعي، منها التحول نحو نظم التشغيل والإنتاج المحسنة ذاتياً، وتعديل عمليات الإنتاج في وقت مثالي واكتشاف مشكلات الجودة سريعاً، كما يمكنها التنبؤ بدقة بحجم المبيعات وتوجهات المستهلك بشكل دقيق، وإدارة عمليات التخزين واللوجستيات بشكل أكثر كفاءة.
خفض البطالة إلى 7% في 2030
تستهدف الحكومة في رؤيتها المستقبلية وبرنامج الإصلاح الاقتصادي (التحول الوطني) خفض معدل البطالة إلى حوالي 9 بالمئة بحلول عام 2020 و 7 بالمئة في 2030. ووفقا لتقديرات وزارة العمل فان الوصول إلى هذه النسب يتحقق من خلال توفير 1.2 مليون وظيفة بحلول 2022، بدعم من الارتفاع المتوقع في نسب النمو خلال الفترة القصيرة المقبلة، يأتي ذلك فيما يؤكد الخبراء أن تباطؤ النشاط الاقتصادي خلال الأعوام الأخيرة على خلفية تراجع أسعار النفط، كان سبباً رئيسياً في تقليص أعداد الداخلين الجدد إلى سوق العمل على الرغم من مغادرة أكثر من مليون وافد بسبب الإصلاحات الراهنة.
ودخلت إصلاحات سوق العمل في يونيو الماضي مرحلة جديدة بإصدار قرار يحظر عمل الأجانب في 12 نشاطاً ومهنة ويقصر العمل في وظائفها على السعوديين فقط، بعد إجراءات مماثلة في قطاعات أخرى. ويشير الخبراء إلى أن البداية الصحية يجب أن تكون برفع جاذبية السعوديين في سوق العمل، من خلال التأهيل والتدريب الجيد، وإعادة النظر فى المناهج واستشراف الرؤى المستقبلية العالمية في هذا الاتجاه، كما يجري العمل على إعادة هيكلة برامج دعم التوظيف عبر صندوق الموارد البشرية بالتعاون مع القطاع الخاص.
وزير العمل: لجنة سياسات سوق العمل تدرس مخرجات التعليم
قال وزير العمل والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد الراجحي إن لجنة سياسات سوق العمل تعمل حالياً على دراسة مخرجات التعليم ومدى مواكبتها لسوق العمل. وأشار في حديث تلفزيوني مؤخرا إلى أن 70% من العاطلين نساء بلغ عددهن 750 ألف باحثة حسب إحصائية الشهر الماضي وأن غالبيتهم من خريجات الأقسام الأدبية.
وقال إن وزير التعليم بدأ في خطوات جادة للحد من خريجي الأقسام النظرية وإيقاف القبول في بعض التخصصات الجامعية، موضحاً أن لجنة سياسات سوق العمل التي يرأسها معالي وزير الاقتصاد وعضوية وزير التجارة ووزير العمل ووزير الخدمة المدنية تدرس حالياً عدة موضوعات تتعلق بمواءمة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل.