«نِفى بين الدوادمي وعنيزة»

مركز نِفى يقع بين محافظة الدوادمي ومدينة عنيزة على بعد 578 كم من الرياض، وتم التخييم في طخفة تتبع بني يربوع من تميم اختارها الرجل الموسوعي د. زياد السديري القائد لكل الرحلات البرية التي تقام سنوياً مع بعض أعضاء مجلس الشورى القدامى، وكما وصفه د. عبدالرحمن الشبيلي في كتابه (مشيناها) أنه على درجة عالية من الثقافة الصحراوية في معرفة القبائل واللهجات والدروب والاتجاهات وقراءة الأثر، وتحديد المواقع، والثروة الحيوانية، والغطاء النباتي، والأنواء، ونظافة البيئة، ورواية الشعر النبطي وقرضه، وحفظ الموروث الشعبي من القصص والنوادر والأمثال، فضلاً عن أنه حاز على مهارة قيادة الطائرات وكبتن طائرة نفاثة خاصة.

لعل ما كان يلفت نظر الرحالة هو نظافة البيئة، بل إن بلدية نِفى هيَّأت بعض الأماكن للنزهة ووفرت في مقرها مخيماً للضيافة ومراحيض عامة للرجال والنساء، والجبال حول نِفى توحي بغناها من الجرانيت، وقد رحلت من نِفى مباشرة إلى عنيزة للحاق بموعد الطائرة إلى جدة في آخر أيام الرحلة، إلا أن الابن فيصل البراهيم سبط د. الشبيلي أراد أن يطلعني على البحيرة الضخمة التي تكونت في منطقة العوشرية وقد رأينا بعض القوارب وما يسمى بدبابات البحر كانت تتجول في البحيرة. ويروي د. الشبيلي أنه بعد شهور وعندما تجف هذه البحيرات تترك كمية كبيرة من الملح حيث يتم جمعه وبيعه ويصنف ضمن ملح الطعام الطبيعي، وبعد استراحة قصيرة في فندق الملفى القريب من البحيرة توجهت إلى المطار، وقد لاحظت في عنيزة طريقة معالجة مناظر الأراضي البيضاء من خلال سترات الأراضي التي صممت بشكل جمالي غير مكلف ومستوحى من البيئة المحلية، وكنت قد شاهدت شيئاً مماثلاً في طيبة الطيبة في الحي المحيط بشهداء أحد والمتاخم لقبر سيدنا حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه وجبال أحد التي زينت من خلال الضوء الذي يشع عليها في المساء.

لعل من المناسب التفكير في وضع سترات من المباني أو المعادن أو الخشب لإخفاء ما يمكن من عورة العشوائيات التي تكتظ بها مدننا بكل أسف ريثما يشملها التطوير لاحقاً.

تحية لمن استضافونا في اليوم الأخير وهم الدكتور حزام العتيبي في مسقط رأسه نِفى على الإفطار والزملاء مع حفظ الألقاب: محمد القنيبط، يزيد العوهلي، عبدالرحمن الشبيلي ودعوتهم للغذاء في مدينة عنيزة (باريس نجد) المشهورة بجودة تمورها وديوانيات أهلها وحسن ضيافتهم وانفتاحهم للآخر.