فوائد العمل لأيّام أقل

أشرتُ سابقاً إلى تقارير ودراسات تحذّر من الآثار السّلبية الخطيـرة للالتزام بالسّاعات المُمتدة للدوام اليومي على الصحة العضوية والنفسية، ناهيك عن اختلال توازن الحياة الاجتماعية الأُسَرية والمهْنية، والتسبّب في ضياع أيام عملٍ بأعداد هائلة سنوياً، دون تحسّن يُذكر في الإنتاج.

وذكرتُ في واحدٍ من مقالاتي دعوة معهد «أوتونومي إنستيتيوت» المُهتم ببيئة العمل والتغيير الإيجابـي في أنظمته بما يضمنُ حرّية وازدهار الإنسان (عام 2017)، بتنفيذ مُقترح «أيام العمل الأربعة» أي إعطاء ثلاثة أيام إجازة أسبوعياً، لقناعته أن هذا النّمط الصحّي يُساعد على تحقيق إنتاجٍ أفضل خلال فتـرة زمنية أقل، وهو ما أثبتته تجربةٌ لشركة «بيربيتشوال غارديان» النيوزيلندية، التي اتخذت قراراً بخفض أيام العمل لديها إلى (4 أيام) أسبوعياً مع «عدم المَساس برواتب الموظفيـن»، بعد تحقيق نـمط العمل هذا مُعدلات إجهادٍ أقل، ومستوياتٍ أعلى من الرضا الوظيفي، وتحسّن شعور الموظفيـن بالتوازن بين وظائفهم وحياتهم الاجتماعية، فضلاً عن ارتفاع الإنتاجية.


وحديثاً، اطّلعتُ على خبرٍ نشرتهُ عدة مواقع إخبارية بعنوان: «دافوس يوصي بأربعة أيام عمل أسبوعيا» جاء فيه: «وجّه خبيـران اقتصاديان رسالةً قوية لقطاع الأعمال خلال مشاركتهما في «منتدى دافوس الاقتصادي»، حيث نصحا بتطبيق نظام عملٍ لأربعة أيامٍ أسبوعياً، نظراً لمجموعة فوائد بالنسبة للعمال وأرباب العمل». كما جاء في الخبـر إشارات إلى نتائج دراسات وبحوث أكاديـمية تدعمُ نظرية أن: «أسبوع العمل الأقصر سيجعل الناس أكثـر سعادةً وإنتاجية، في حين تُظهر أرقام منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن الدول التي لديها ثقافة العمل لساعات طويلة، غالباً ما تسجّل نتائج ضعيفة في الناتج المحلّي الإجمالي لكلّ ساعة عمل».

ومن خلال هذا المقال، أُجدّد الدعوة إلى تقليل ساعات العمل الرّسمية، لتكون في حدود مناسبةٍ تضمنُ جودة الأداء بتركيزٍ وحرفية، والتوازن الصحي النفسي الاجتماعي، وحتى الجدوى الاقتصادية، وهي بمعدّل (25 إلى 30) ساعة أسبوعياً فقط (أي ما لا يزيد عن 6 ساعات يومياً فقط).


يرى الفيلسوف وعالم الـمنطق والناقد الاجتماعي البريطاني (بيرتراند راسل)، أنّ العمل الذي نقوم به اليوم يزيد كثيراً عمّا ينبغي إنجازه حيث يقول: «إن العالَم الحديث يصيبهُ الكثيرُ من الأذى نتيجةَ الاعتقاد بفضيلة العَمل، بينما أرى السّبيل إلى السّعادة والرفاهية ينحصرُ في الإقلال المنظّم للعمل».

أخبار ذات صلة

حتى أنت يا بروتوس؟!
حراك شبابي ثقافي لافت.. وآخر خافت!
الأجيال السعودية.. من العصامية إلى التقنية الرقمية
فن الإقناع.. والتواصل الإنساني
;
عن الاحتراق الوظيفي!
سقطات الكلام.. وزلات اللسان
القطار.. في مدينة الجمال
يومان في باريس نجد
;
فن صناعة المحتوى الإعلامي
الإدارة بالثبات
أرقام الميزانية.. تثبت قوة الاقتصاد السعودي
ورود
;
حان دور (مؤتمر يالطا) جديد
الحضارة والتنمية
خط الجنوب وإجراء (مأمول)!
الشورى: مطالبة وباقي الاستجابة!!