حين لا يبقى من فرسان المعركة غير «الغبار»!!
تاريخ النشر: 04 أبريل 2019 01:00 KSA
بعد سنين من تعرّضه لمحاولة اغتيال شنيعة، كان نجيب محفوظ في لقاءٍ مع شلة «الحرافيش» حين مال على صديقه «يوسف القعيد» ليُبشّره أنه استطاع أخيراً أن يحمل القلم ويعود للكتابة.. وقد كانت رسالةً سعيدة (لكن موجعة).
كانت يد «نجيبِ نوبل» تهتز بشدة، فذلك «المتطرف» الذي طعنه أراد أن يلجم قلم «نجيب»، أن يمنع اليد، ويقطع الأصابع.. أراد أن يمنع الكلمات أن تتسلَّل نحو السطر، لأن شيئاً فيها كان يُهدِّد ظلامه.. وسلطته ربما!! لكنّ يدَ «نجيب» عادت للسطر رغم ذلك.. كان شعور «نجيب» -كما وصفه «القعيد»- شعور فارس خارج من معركة حامية الوطيس..!! فارس اختار أن يُلقي نظرة أخيرة على ساحة المعركة قبل أن يغادرها..!! وأنا بلاشك أختبر شعوراً مشابهاً وأنا أكتب اليوم.. بعد الحملة «الشعواء» التي احتدمتْ بعد نشر مقالي الأسبوع الماضي. ولا بأس لو شاركتكم بعضاً من مشاعري وأفكاري حول العاصفة.. بعد أن أدارت عينها نحو اتجاهٍ آخر.
يظل السؤال الذي يلحُّ عليَّ كثيراً حول حساسية المجتمع وتوجّسه من مسألة إبداء الرأي.. أسأل نفسي: لماذا يكون قول الرأي أمراً حسَّاساً جداً إلى هذه الدرجة؟،، فقد استنكر عدد كبير من المُعلِّقين والمُعلِّقات أن يسمح لي أن أكتب وأن أقول رأيي في هذه المسألة.. وطبعاً هناك من رآني غير جدير بالكتابة، أو غير جدير بالخوض في هذا الموضوع.. (وبعضهم نصحوني أن أبتعد عن الخوض في أمورٍ شائكة مثل هذه!!). تلقيتُ آلاف التعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر الرسائل الخاصة، ومجموعات الواتس آب، مما جعل أمر الرد عليها أمراً مستحيلاً.. وأنا أشكر كل من خصَّص وقتاً ليرد عليَّ أو يُناقشني. طبعاً كان هناك متفقون داعمون، لكني لاحظت أن بعض هؤلاء قد تعرَّض لهجومٍ شخصي كذلك (على تويتر وغيره)، وكأنَّ هذا الصوت يريد أن يسلب حقي في قول رأيي، وحق الآخرين من أن يُعبِّروا عن مواقفهم. وهناك من الأحبَّة مَن أرسل لي رسائل دعم خاصة.. وقال لي: كُن قوياً..!! وقد حاولتُ أن أكون.
وقد كان صوت المخالفين لوجهة نظري أبرز، وكما جرت العادة، فإن صوت الرفض كان أكثر حدّة وضجيجاً. هناك مَن ناقشني -مشكوراً- وأبدى وجهة نظره باحترامٍ وتحضّر.. وقد ساعدني هذا الأمر للنظر في القضية من زوايا جديدة لم تخطر لي ربَّما، لكن لغة التجريح، والإقذاع في الهجوم الشخصي عليَّ وعلى أُمِّي وعائلتي، والفجور في الخصومة، كانت السمة الأظهر على منصات الإعلام الجديد للأسف..
وهذا سؤالٌ آخر مهم ومرير يُكرِّر نفسه مع كل عاصفة مثل هذه: كيف تتَّسق في نفس (الشاتِم) عبارات السب والشتم والكراهية مع قِيَم الإسلام وأخلاقيات المسلم التي يعتقد أنه يُنافح عنها بفعله هذا..!! بالنسبة لي، تعرَّضتُ لشتم لم أتعرَّض لمثلهِ في حياتي، كان التجريح شخصياً، كما استُدعِيت القبيلة أيضاً، بعضهم استنقص منها، وبعضهم استنكر أن أكون جديراً بالانتماء لها، كما كان الإقصاء حاضراً؛ (هذا لا يمكن أن يكون منَّا!! هذا ليس من أبناء البلد!! وغير ذلك).
كثيرٌ ممَّن هاجمني لم يقرأ المقال؛ وهذه قضية أخرى!!
كنتُ مع طلاب الدراسات العليا قبل أسبوع نناقش كتاب «عبدالله الغذامي» (حكاية الحداثة) والهجوم الذي واجهه شخصياً، والذي واجهه كِتَابه (الخطيئة والتكفير).. وقد ذكر «الغذامي» أن «محمد مليباري» -رحمه الله- كان من أكبر الخصوم، وقد كتب قرابة ثلاثين مقالاً يهاجم فيها «الغذامي» وكِتَابه، رغم أن (المليباري) اعترف أنه لم -ولن- يقرأ كتاب «الغذامي»!! لاحظتُ أيضاً -في الهجوم الذي واجهتُه- عدم القدرة على الفصل بين الصلاة باعتبارها فريضة أساسية لا جدال حولها، وبين قضية إغلاق المحلات التي أعنيها، وهي بالنسبة لي مسألة إدارية تنظيمية.. كما لاحظت أن الهجوم جاء من أطياف اجتماعية مختلفة: (نساء ورجال، صغار وشيوخ، أسماء حقيقية وأخرى وهمية... الخ).
آخر الملاحظات، وربما أكثرها حرَجاً، هي التكفير، والتشكيك في ديني، وعقيدتي، بالتصريح أو بالتلميح... وهي نقطة خطيرة تعيدنا للمربع الأول ربما.. تعيدنا للتفكير في تلك اللحظة التي جعلت شخصاً يرى أن قتل «نجيب محفوظ» هو الحل الوحيد للتعامل مع قلمه.
كانت يد «نجيبِ نوبل» تهتز بشدة، فذلك «المتطرف» الذي طعنه أراد أن يلجم قلم «نجيب»، أن يمنع اليد، ويقطع الأصابع.. أراد أن يمنع الكلمات أن تتسلَّل نحو السطر، لأن شيئاً فيها كان يُهدِّد ظلامه.. وسلطته ربما!! لكنّ يدَ «نجيب» عادت للسطر رغم ذلك.. كان شعور «نجيب» -كما وصفه «القعيد»- شعور فارس خارج من معركة حامية الوطيس..!! فارس اختار أن يُلقي نظرة أخيرة على ساحة المعركة قبل أن يغادرها..!! وأنا بلاشك أختبر شعوراً مشابهاً وأنا أكتب اليوم.. بعد الحملة «الشعواء» التي احتدمتْ بعد نشر مقالي الأسبوع الماضي. ولا بأس لو شاركتكم بعضاً من مشاعري وأفكاري حول العاصفة.. بعد أن أدارت عينها نحو اتجاهٍ آخر.
يظل السؤال الذي يلحُّ عليَّ كثيراً حول حساسية المجتمع وتوجّسه من مسألة إبداء الرأي.. أسأل نفسي: لماذا يكون قول الرأي أمراً حسَّاساً جداً إلى هذه الدرجة؟،، فقد استنكر عدد كبير من المُعلِّقين والمُعلِّقات أن يسمح لي أن أكتب وأن أقول رأيي في هذه المسألة.. وطبعاً هناك من رآني غير جدير بالكتابة، أو غير جدير بالخوض في هذا الموضوع.. (وبعضهم نصحوني أن أبتعد عن الخوض في أمورٍ شائكة مثل هذه!!). تلقيتُ آلاف التعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر الرسائل الخاصة، ومجموعات الواتس آب، مما جعل أمر الرد عليها أمراً مستحيلاً.. وأنا أشكر كل من خصَّص وقتاً ليرد عليَّ أو يُناقشني. طبعاً كان هناك متفقون داعمون، لكني لاحظت أن بعض هؤلاء قد تعرَّض لهجومٍ شخصي كذلك (على تويتر وغيره)، وكأنَّ هذا الصوت يريد أن يسلب حقي في قول رأيي، وحق الآخرين من أن يُعبِّروا عن مواقفهم. وهناك من الأحبَّة مَن أرسل لي رسائل دعم خاصة.. وقال لي: كُن قوياً..!! وقد حاولتُ أن أكون.
وقد كان صوت المخالفين لوجهة نظري أبرز، وكما جرت العادة، فإن صوت الرفض كان أكثر حدّة وضجيجاً. هناك مَن ناقشني -مشكوراً- وأبدى وجهة نظره باحترامٍ وتحضّر.. وقد ساعدني هذا الأمر للنظر في القضية من زوايا جديدة لم تخطر لي ربَّما، لكن لغة التجريح، والإقذاع في الهجوم الشخصي عليَّ وعلى أُمِّي وعائلتي، والفجور في الخصومة، كانت السمة الأظهر على منصات الإعلام الجديد للأسف..
وهذا سؤالٌ آخر مهم ومرير يُكرِّر نفسه مع كل عاصفة مثل هذه: كيف تتَّسق في نفس (الشاتِم) عبارات السب والشتم والكراهية مع قِيَم الإسلام وأخلاقيات المسلم التي يعتقد أنه يُنافح عنها بفعله هذا..!! بالنسبة لي، تعرَّضتُ لشتم لم أتعرَّض لمثلهِ في حياتي، كان التجريح شخصياً، كما استُدعِيت القبيلة أيضاً، بعضهم استنقص منها، وبعضهم استنكر أن أكون جديراً بالانتماء لها، كما كان الإقصاء حاضراً؛ (هذا لا يمكن أن يكون منَّا!! هذا ليس من أبناء البلد!! وغير ذلك).
كثيرٌ ممَّن هاجمني لم يقرأ المقال؛ وهذه قضية أخرى!!
كنتُ مع طلاب الدراسات العليا قبل أسبوع نناقش كتاب «عبدالله الغذامي» (حكاية الحداثة) والهجوم الذي واجهه شخصياً، والذي واجهه كِتَابه (الخطيئة والتكفير).. وقد ذكر «الغذامي» أن «محمد مليباري» -رحمه الله- كان من أكبر الخصوم، وقد كتب قرابة ثلاثين مقالاً يهاجم فيها «الغذامي» وكِتَابه، رغم أن (المليباري) اعترف أنه لم -ولن- يقرأ كتاب «الغذامي»!! لاحظتُ أيضاً -في الهجوم الذي واجهتُه- عدم القدرة على الفصل بين الصلاة باعتبارها فريضة أساسية لا جدال حولها، وبين قضية إغلاق المحلات التي أعنيها، وهي بالنسبة لي مسألة إدارية تنظيمية.. كما لاحظت أن الهجوم جاء من أطياف اجتماعية مختلفة: (نساء ورجال، صغار وشيوخ، أسماء حقيقية وأخرى وهمية... الخ).
آخر الملاحظات، وربما أكثرها حرَجاً، هي التكفير، والتشكيك في ديني، وعقيدتي، بالتصريح أو بالتلميح... وهي نقطة خطيرة تعيدنا للمربع الأول ربما.. تعيدنا للتفكير في تلك اللحظة التي جعلت شخصاً يرى أن قتل «نجيب محفوظ» هو الحل الوحيد للتعامل مع قلمه.