بين سُمنة القصيبي.. وأدبه الرشيق

الظواهر الفنية والأدبية في نتاج شاعر الوطن ورجله الوفي غازي القصيبي -رحمه الله- كثيرة جداً، حتى إنك تشعر بالتخمة وأنت تتصيدها هنا وهناك، بل إن التخمة -التي وردت في عبارتي هذه- يمكن أن تكون في حد ذاتها ظاهرة من تلك الظواهر.. ولعلها الظاهرة التي لم يستطع السيطرة عليها تمام السيطرة، لتخرج لنا على كل الأشكال، وليظهر فيها القصيبي -المنظم جداً في اختياراته- مشوشاً ومتوتراً كجائعٍ يقف أمام بوفيه مفتوح في مطعم صيني!!

تسيطر السمنة على عقل القصيبي، وهي سيطرة حتمية لصراع داخلي مرير يخوضه وعي القصيبي/الكاتب بين شهوة لا حدود لها للولائم ومقتٍ لا حدود له للسمنة ومشاكلها، حتى تكاد تظهر في كل مؤلَّفٍ من مؤلفاته، سواء كان المؤلف إبداعاً شعرياً أو سردياً وإن خَفَتَ في الأول، أو كان المؤلَّف مقالاتٍ مجموعة، أو حوارات منشورة،


وهو ما يجعل المدقق يشعر أن القصيبي كان يتمنى -وبعض الأمنيات إثم- أن يصبح لاعب كرة قدم، أو جمباز ربما.... رغم أن دورهُ في كرة القدم المدرسية لم يتعد «التشجيع الصاخب» على حد تعبيره في سيرته الشعرية، وهذه الأمنية لا تخصنا هنا، لأن شاعرنا اختار ماذا يكون، وكيف يكون، كما يختار أحدنا ماذا يلبس حسب مقاسه أو ماذا يأكل حسب شهيته!!

والتخمة في أدب القصيبي تتجلى في جميع الحالات تقريباً، فهي تطل برأسها في كل حين، فتجدها في الرواية بكثرة، ففي (حكاية حب) مثلاً يتغزل بطل الرواية بالممرضة قائلاً: «هيلين.. ذات الأعوام الخمسين والقوام السمين» وأوقات الطعام في الرواية لم تمر مرور الكرام أبداً، وفي (سعادة السفير) وصفٌ دقيق للمائدة وطرق الأكل -لاحظوا طرق الأكل- وفي رواية (7) شيء من هذا وإن قل، وفي (هما) حدث ولا حرج، أما في كتاب (العودة سائحاً إلى كاليفورنيا) -وهو ليس برواية بل أقرب ما يكون إلى فن الرحلة في حلة جديدة- فكان أكثر ما شد انتباه القصيبي في أمريكا هو الترهلُ البشريُّ، وبدعةُ: (كلْ قدرَ ما تستطيع) الأمريكية، وبطنُ سائق التاكسي (الشامخة)، بل إنه يحللها تحليلاً دقيقاً، ليصل إلى نتيجة ترضي غروره وهي أن السمنة ثورة مثل باقي الثورات.


وفي كتابه (الأسطورة) كان يتحدث بلسان حاله وإن أظهر أنه يتحدث بلسان حفيده حين كان يقول: «جدو أنت تو فات».. وهذه الحالة حالة صفاء لأنه كان يلعب في بركة السباحة مع حفيده، وفي حالة الغضب يجيب على سائلٍ متغابٍ يسأله: هل تمارس الرياضة؟

فيقول: لو كنت أمارس الرياضة كما ينبغي هل كنت أصل إلى هذا الوزن..؟!

ويتكرر السؤال في حوار آخر فيختار أن يجيب بما يريح ضميره (المتخم) قائلاً:

إن في بردي جسماً ناحلاً

لو توكأت عليه لانهدم

أخبار ذات صلة

اللغة الشاعرة
مؤتمر الأردن.. دعماً لوحدة سوريا ومستقبلها
الجهات التنظيمية.. تدفع عجلة التنمية
الاستثمار في مدارس الحي
;
معرض جدة للكتاب.. حلَّة جديدة
«حركية الحرمين».. إخلاص وبرامج نوعية
دموع النهرين...!!
الجمال الهائل في #سياحة_حائل
;
عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض