غازي القصيبي: الرشيق قلباً وقالباً..!
تاريخ النشر: 16 مايو 2019 01:00 KSA
وصلتني ردود فعل إيجابية -في غالبها- على موضوع مقالي السابق الذي تحدثت فيه عن حضور السمنة بوصفها مظهراً من مظاهر أدب غازي القصيبي.. وإن عدّني بعض المعلقين مبالِغاً في التعامل معها وجعْلِها قضية من قضايا أدب القصيبي، وهو ما يجعلني أعود للتأكيد هنا أن «السمنة» بالفعل كانت هاجساً مقلقاً لغازي القصيبي -رحمه الله- ما أحالها لظاهرة أدبية لطيفة على قلوب قارئيه. وقد قلت أيضاً: إن أدبه يثبت استمرار صراع القصيبي المرير مع السمنة، وإن كانت الغلبة للموائد غالباً، وهنا يطل (فرويد) -صاحب القصيبي- برأسه ليسعفنا بإجابة شافية، لكننا لن نحتاج لكتابتها، فهي تحضر مع كل موقف يمر به القصيبي في حياته، وتبرز فيه محاولات شاعرنا الثقيل في ميزان الأدب -وغيره من الموازين- لمواجهة السمنة في أدبه قدر الاستطاعة أو «اللياقة»، فمرة يختار -في كتابه (العودة سائحاً إلى كاليفورنيا)- التجاهل علاجاً، وذلك حينما يتجاهل خانة في استمارة دخول أمريكا تسأل عن الوزن مبرراً ذلك برفض الفكرة من حيث المبدأ، ومرة يختار طريق التشخيص حين يسأله سائل في أحد حواراته:
كيف نحارب الجوع؟
فيجيب القصيبي بمهارة (سمين) محترف: بأن يقسم كل منا جسمه في جسوم صغيرة..!!
وعندما يسأله سائل بصراحة:
هل كنت تطمح إلى أن تكون كما أنت الآن؟
يجيب: تقصد من ناحية الوزن.. كلا بالطبع..؟!
وإن ضاقت عليه السبل فإنه يختار طريق الاعتراف وإن كان مكرهاً، فهو يقول في سيرته الشعرية: «لو قدر لي أن أرسم حياتي من جديد لما خصصتُ للقراءة هذا الوقت الكبير، ولأكثرت من النشاطات البدنية التي أهملتها إهمالاً تاماً بدأت اليوم أدفع ثمنه».
لقد كان الفيلسوف الفرنسي لويس برجسون دقيقاً جداً في وصف ما سماه بـ»التوتر» في دراساته عن التغير والحركة، حين جعل التوتر هو المعنى الذي يمكن عن طريقه حل مشكلة التمييز بين المادة والروح وبين الجسم والنفس، يظهر ذلك على العلاقة المضطربة بين روح القصيبي وجسده، وهو ما تسبب في صراع دائم، كان من ثماره كل هذا الأدب الرشيق، وهو بهذا يذهب مضرباً للمثل، لأنه يثبت أن (العقل الرشيق في الجسد الثقيل) وهي تهمة يحتار السمان بين ردها حيناً وقبولها أحياناً.
بصراحة.. أنا سعيد أن القصيبي -رحمه الله- لم يستطع أن يرسم حياته من جديد، لأن ذلك كان سيفقدنا نغمةً جميلة من نغمات هذا الإبداع الرشيق.. الرشيق جداً.. والخالي من الكوليسترول.. مثل روح صاحبه.. التي ظلت –بعد رحيله- رشيقةَ الحضور بيننا.. مثل سحابة حب.
كيف نحارب الجوع؟
فيجيب القصيبي بمهارة (سمين) محترف: بأن يقسم كل منا جسمه في جسوم صغيرة..!!
وعندما يسأله سائل بصراحة:
هل كنت تطمح إلى أن تكون كما أنت الآن؟
يجيب: تقصد من ناحية الوزن.. كلا بالطبع..؟!
وإن ضاقت عليه السبل فإنه يختار طريق الاعتراف وإن كان مكرهاً، فهو يقول في سيرته الشعرية: «لو قدر لي أن أرسم حياتي من جديد لما خصصتُ للقراءة هذا الوقت الكبير، ولأكثرت من النشاطات البدنية التي أهملتها إهمالاً تاماً بدأت اليوم أدفع ثمنه».
لقد كان الفيلسوف الفرنسي لويس برجسون دقيقاً جداً في وصف ما سماه بـ»التوتر» في دراساته عن التغير والحركة، حين جعل التوتر هو المعنى الذي يمكن عن طريقه حل مشكلة التمييز بين المادة والروح وبين الجسم والنفس، يظهر ذلك على العلاقة المضطربة بين روح القصيبي وجسده، وهو ما تسبب في صراع دائم، كان من ثماره كل هذا الأدب الرشيق، وهو بهذا يذهب مضرباً للمثل، لأنه يثبت أن (العقل الرشيق في الجسد الثقيل) وهي تهمة يحتار السمان بين ردها حيناً وقبولها أحياناً.
بصراحة.. أنا سعيد أن القصيبي -رحمه الله- لم يستطع أن يرسم حياته من جديد، لأن ذلك كان سيفقدنا نغمةً جميلة من نغمات هذا الإبداع الرشيق.. الرشيق جداً.. والخالي من الكوليسترول.. مثل روح صاحبه.. التي ظلت –بعد رحيله- رشيقةَ الحضور بيننا.. مثل سحابة حب.