الذين أدركتهم حرفة الأدب؟
تاريخ النشر: 01 أغسطس 2019 01:00 KSA
هل كان أبوحيان التوحيدي، وهو يقول هذا الكلام، أن لعنته لحقتنا وتجلت في شكل تفرعات كثرة.. جميل أن يفوز كاتب عربي بجائزة محلية أو عربية أو عالمية، فذلك أولا اعتراف بجهد يصعب تقويمه، يمنحه المزيد من الشجاعة للاستمرار في عالم محكوم عليه بالعزلة والصمت وحتى الموت البطيء أحيانًا.
سئل أبوحيان التوحيدي في مرة من المرات عن كاتب مريض، وعن وضعه، فأجاب باختصار: مسكين، أدركته حرفة الأدب.. وكان يعني بذلك عالم العزلة والصمت والفقر أيضًا.. جميل إذن أن يكلل هذا الجهد باعتراف ما، في حياته طبعًا.. لأن المكرم بعد موته لا يحتاج كثيرًا إلى مواكب الأعراس الفارغة بعد حياة شديدة القسوة.. طبعًا الجائزة لا تعوض المسالك القاسية التي قطعها الكاتب منفردًا مع نفسه أو في المنفى أو حتى في السجن ينتظر تنفيذ حكم الإعدام لأنه في لحظة من لحظات العمر اختار أن يصطف بجانب الإنسان والحقيقة كما يراها.. معاناة الكاتب والفنان أكبر من أية لفتة على الرغم مما لهذه اللفتة من قيمة.. لا شيء يعيد له الساعات التي قضّاها منكفئًا على فمه، على الرغم من مرضه وتعبه، ينسج نصًا قد يعجب القراء وقد لا يعجبهم طبعًا.. الكتابة هي العالم الوحيد الذي لا ضمانة مسبقة فيه.. لا نعرف مردوده أبدًا، حتى عندما نكون معروفين ولنا اسم كبير في الوسط الثقافي.. قد يأتي نحونا من لا نتوقعهم، وقد نظن أننا كتبنا نصًا عميقًا يهم جمهور القراء فنفاجأ بالعكس تمامًا.. لا شيء يرجع له الانهيارات النفسية الداخلية والانكسارات التي لا تعوض والأمراض التي تلقاها وآلام المفاصل والقلب والمتاعب الصحية والنفسية.. كل هذا يمكن تخطيه بالصبر والإصرار على العمل.
المشكلة الكبرى في الوطن العربي هي عملية جلد الذات المتكررة، ولا نعرف للفرح مسلكًا.. فكلما فاز عربي بجائزة وطنية أو عربية أو عالمية، بدل أن نتسابق لنبارك له فوزه، وهذا ما تقوله الأخلاق والأعراف ونتصرف بروح رياضية عالية، نُخرِج كل الأمراض المترسبة فينا من حسد وضغينة وأحقاد دفينة، نبرر بها إخفاقاتنا، فنتصرف كعصابة وننتظم في شكل مليشيات ثقافية لا عمل لها، ولا رهان لها إلا تكسير الآخرين.. كيف فاز؟ لماذا هو وليس فلان؟ مَنِ الجهة التي تقف وراءه؟ وتستمر العملية في نهجها التدميري حتى تصل إلى الخيانات والعمالات والعلاقات المشبوهة مع الصهيونية، والماسونية وغيرها من الممارسات التي يمكن أن تكسر تجربة حية وجميلة لها أوهام تقديسية للوسط الثقافي العربي.. لم يقبل فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل إلا مع الزمن، وبدل البحث عن القيم الأدبية التي خلقها الكاتب وتفرد بها عن غيره، نختصر الطريق ونبدأ في تدميره برميه بكل التهم الممكنة التي يرسمها في النهاية خيال عربي مريض.. هذا الموقف لا يضع محفوظ خارج النقد ولا خارج التأمل..
وفازت مؤخرًا الكاتبة العمانية خوجة الحارثي عن روايتها سيدات القمر، بجائزة مان بوكر للرواية الأجنبية، وبدل الفرح بالمنجز الذي حصل عليه العرب لأول مرة، بدأت الضربات الصديقة تأتي من كل الجهات القصد من ورائها التقليل من قدرات الكاتبة الإبداعية، وتنسى المليشيات الأدبية المستعدة لقتل إي نجاح عربي وأداء مهامها القذرة، أن الجائزة كيفما كانت هي خيار لذائقة محددة.. يبدو أننا في الوطن العربي توقفنا أو كدنا، عن الفرح.. وصار وضعنا أقرب الى الشيزوفرانيا.. أليس هذا بالضبط هو ما يريده لنا الآخرون الذين نظموا كل شيء لكي نظل على حالة من التخلف المدقع، يشكل هؤلاء القتلة حلقتها الخفية وغطاءها السحري؟ وإلا كيف نفسر هذه الضغينة التي تستيقظ كلما حقق أديب عربي نجاحًا ما؟ يستحق هذا الأمر بعض التأمل الهادئ.
سئل أبوحيان التوحيدي في مرة من المرات عن كاتب مريض، وعن وضعه، فأجاب باختصار: مسكين، أدركته حرفة الأدب.. وكان يعني بذلك عالم العزلة والصمت والفقر أيضًا.. جميل إذن أن يكلل هذا الجهد باعتراف ما، في حياته طبعًا.. لأن المكرم بعد موته لا يحتاج كثيرًا إلى مواكب الأعراس الفارغة بعد حياة شديدة القسوة.. طبعًا الجائزة لا تعوض المسالك القاسية التي قطعها الكاتب منفردًا مع نفسه أو في المنفى أو حتى في السجن ينتظر تنفيذ حكم الإعدام لأنه في لحظة من لحظات العمر اختار أن يصطف بجانب الإنسان والحقيقة كما يراها.. معاناة الكاتب والفنان أكبر من أية لفتة على الرغم مما لهذه اللفتة من قيمة.. لا شيء يعيد له الساعات التي قضّاها منكفئًا على فمه، على الرغم من مرضه وتعبه، ينسج نصًا قد يعجب القراء وقد لا يعجبهم طبعًا.. الكتابة هي العالم الوحيد الذي لا ضمانة مسبقة فيه.. لا نعرف مردوده أبدًا، حتى عندما نكون معروفين ولنا اسم كبير في الوسط الثقافي.. قد يأتي نحونا من لا نتوقعهم، وقد نظن أننا كتبنا نصًا عميقًا يهم جمهور القراء فنفاجأ بالعكس تمامًا.. لا شيء يرجع له الانهيارات النفسية الداخلية والانكسارات التي لا تعوض والأمراض التي تلقاها وآلام المفاصل والقلب والمتاعب الصحية والنفسية.. كل هذا يمكن تخطيه بالصبر والإصرار على العمل.
المشكلة الكبرى في الوطن العربي هي عملية جلد الذات المتكررة، ولا نعرف للفرح مسلكًا.. فكلما فاز عربي بجائزة وطنية أو عربية أو عالمية، بدل أن نتسابق لنبارك له فوزه، وهذا ما تقوله الأخلاق والأعراف ونتصرف بروح رياضية عالية، نُخرِج كل الأمراض المترسبة فينا من حسد وضغينة وأحقاد دفينة، نبرر بها إخفاقاتنا، فنتصرف كعصابة وننتظم في شكل مليشيات ثقافية لا عمل لها، ولا رهان لها إلا تكسير الآخرين.. كيف فاز؟ لماذا هو وليس فلان؟ مَنِ الجهة التي تقف وراءه؟ وتستمر العملية في نهجها التدميري حتى تصل إلى الخيانات والعمالات والعلاقات المشبوهة مع الصهيونية، والماسونية وغيرها من الممارسات التي يمكن أن تكسر تجربة حية وجميلة لها أوهام تقديسية للوسط الثقافي العربي.. لم يقبل فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل إلا مع الزمن، وبدل البحث عن القيم الأدبية التي خلقها الكاتب وتفرد بها عن غيره، نختصر الطريق ونبدأ في تدميره برميه بكل التهم الممكنة التي يرسمها في النهاية خيال عربي مريض.. هذا الموقف لا يضع محفوظ خارج النقد ولا خارج التأمل..
وفازت مؤخرًا الكاتبة العمانية خوجة الحارثي عن روايتها سيدات القمر، بجائزة مان بوكر للرواية الأجنبية، وبدل الفرح بالمنجز الذي حصل عليه العرب لأول مرة، بدأت الضربات الصديقة تأتي من كل الجهات القصد من ورائها التقليل من قدرات الكاتبة الإبداعية، وتنسى المليشيات الأدبية المستعدة لقتل إي نجاح عربي وأداء مهامها القذرة، أن الجائزة كيفما كانت هي خيار لذائقة محددة.. يبدو أننا في الوطن العربي توقفنا أو كدنا، عن الفرح.. وصار وضعنا أقرب الى الشيزوفرانيا.. أليس هذا بالضبط هو ما يريده لنا الآخرون الذين نظموا كل شيء لكي نظل على حالة من التخلف المدقع، يشكل هؤلاء القتلة حلقتها الخفية وغطاءها السحري؟ وإلا كيف نفسر هذه الضغينة التي تستيقظ كلما حقق أديب عربي نجاحًا ما؟ يستحق هذا الأمر بعض التأمل الهادئ.