معتز.. ومسنة حسوة..!!

.. حدثان يقطران إنسانية، شهدهما مجتمعنا السعودي الأسبوع الماضي.

تحتار عن أيهما تكتب. لكنك لا تستطيع تجاهل الاثنين معاً..!!


«معتز» تسكن وجهه البراءة.

قبَّلته والدته ودعت له وراقبته بعينين شفوقتين، وهو يأخذ طريقه الى المدرسة، وهي لم تكن تعلم أن هذا هو الوداع الأخير له. ولم يعلم والد معتز بأن حذره وخوفه عليه، لا يغني من قدر قد كتبه الله..!.


****

.. ليس سهلاً على أحنِّ قلبين أن يستقبلا فلذة كبديهما، جثماناً مسجىً وهو الذي ودَّعهما للتو هذا الصباح ضاحكاً مستبشراً..!.

****

.. قبَّل والد معتز جبين ابنه الميت، وحمل حزنه وفاجعته ودموعه

الى حيث البراءة الثانية.

فقد ابناً وأنزل الآخر منزلة قلبه- كأب.

والقلب المكسور يأبى المزيد من الانكسار. فعفا لوجه الله

لك الله ياخويتم الحارثي، كم أنت إنسان أصيل وشهم..!.

****

.. قضية معتز لم تكن ساحتها الوحيدة فناء المدرسة. إنها أبعد من ذلك بكثير.

.. قضية معتز في بيوتنا.. في وزارتنا التي اهتمت بالتعليم وبالإستراتيجيات وأهملت تعزيز الجوانب التربوية في نفوس النشء.

.. في بعض المدارس التي تهتم بترتيب جدول الحصص والفصول

والكشوفات ومظاهر المدرسة أكثر من اهتمامها بمراقبة سلوك الطلاب.

.. في بعض المعلمين الذين اهتزت عندهم بعض إضاءات «رسالة المعلم»بعد أن أصبحوا مشغولين بالتصنيفات وبما هو داخل جدران الفصل وفقدوا رقيب «الأب الثاني»..!.

****

.. القصة الثانية.. قصة «مسنة» تسكن في أعالي جبال حسوة بمحافظة رجال ألمع بعسير.

****

هذه المسنة مقطوعة، وحيدة، جار عليها الزمن وجارت عليها الظروف. ..!.

وكانت صباح مساء تقتات حزنها ووحدتها وفقرها وتعايش أمراضها وكبر سنها، وتقطَّعت بها الدروب، ولم تجد من تلجأ اليه إلا العليم الرحيم..!.

****

.. لتأتي لمسة الحنان من أمير منطقة عسير الأمير تركي بن طلال الذي نزل العقاب وصعد جبال حسوة ليصل إلى هذه المسنة..!.

****

.. فعلُ الأمير هذا وحده مهم.

ولكن تأملوا منطوق الأمير: حين قال أحدهم (الأمير نزل لك)

رد : «بل نحن ارتقينا اليها».

وفعلاً الإنسانية ارتقاء وليست نزولاً.

ثم قال «سأستضيفها في قصري وأرتب علاجها وأمور حياتها».

لاحظوا مفردة (سأستضيفها)، يقولها من؟: أمير.

ولمن؟: لمُسِّنة قد لا تعني شيئاً عند الكثيرين..!

****

.. لله درُّك يا سمو الأمير في فعلك ومنطوقك.

****

.. وإنها لرسائل عدة:

.. فالأمارة إنسانية وحس اجتماعي، وليست مجرد مظلة وبيروقراطية.

.. والمحافظ يجب أن يغادر مكتبه ليتحسس أحوال الناس فهو عين الرقيب.

.. وشيخ القبيلة يجب أن يتجاوز أوراق التعريف إلى تلمُّس

مثل هذه الحالات ونقلها..!.

****

.. أما الرسالة الأهم في نظري، ففي عودة وزارة شؤون اجتماعية،

فعلاً نحتاج هذه الوزارة خصوصاً مع المرحلة بكل متغيراتها.

ولكن وزارة برؤية جديدة تأخذ بالكثير من نماذج الرعاية الاجتماعية في العالم، وليست مجرد مسؤولة عن الجمعيات الخيرية..!.

أخبار ذات صلة

«اسحب على الجامعة يا عم»!!
حكاية مسجد في حارتنا..!!
شر البلية ما يُضحك
أطفالنا والشاشات
;
الرد على مزاعم إسلام بحيري في برنامجه إسلام حر
السعودية ومرحلة الشراكة لا التبعية
جلسات علمية عن الخلايا الجذعية
الشقة من حق الزوجة
;
المزارات في المدينة المنوَّرة
خطورة المتعاطف المظلم!
خطورة المتعاطف المظلم!
لماذا يحتاج العالم.. دبلوماسية عامة جديدة؟!
أدب الرحلات.. والمؤلفات
;
كيف نقضي على أساليب خداع الجماهير؟!
المتقاعدون والبنوك!!
د. عبدالوهاب عزام.. إسهامات لا تُنسى
فلسفة الحياة.. توازن الثنائيات