«اللهو الخفي» في بغداد و«الدولة العميقة» في واشنطن
تاريخ النشر: 08 أكتوبر 2019 00:13 KSA
لا يمكن لأميركا أن تدعي أن النظام السياسي القائم في العراق ليس ديموقراطياً، فهي التي فصَّلت النظام السياسي العراقي، بعد غزوها للبلاد، على المقاس الذي رأت أنه مناسب لتوجهاتها. ومنذ أنشىء هذا النظام ازداد الفساد وسقطت البلاد بين يدي مغامرين يبحثون عن الثروة أو السلطة وغالباً ما يكون الاثنتين. وتحول جزء لا يستهان به من الطبقة السياسية الى وكلاء لدول أجنبية ينفذون توجيهاتها، ويسعون الى دفع العجلة السياسية للبلاد بالاتجاه الذي تطلبه الدول التي يتولون وكالة تنفيذ أجندتها. ونظراً الى أن الأجنبي صاحب المصلحة أكثر من واحد، وأجندة كل منهم تختلف عن أجندة الآخر، بل وقد تتعارض معه، فقدت العراق الاستقرار وتوجه الساسة الذين يستهدفون من عملهم السياسي إلى نهب البلاد وإسقاط المواطنين في هاوية من الفقر والحاجة.
افتقد جزء كبير من العراقيين السكن الملائم، والمياه والكهرباء، وكذلك الغذاء. وتحول السياسيون وحملة السلاح بمختلف مستوياتهم الى أثرياء يحلقون بعيداً عن مواطنيهم. وكان نظام الملالي في إيران، ولازال، أكثر السعداء بانهيار الإنسان العراقي، بصرف النظر عن مذهبه، وأعلن رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، وجود مشاريع (متعثرة) ووهمية قدرها بحوالي أربعمائة مليار دولار. وخرجت، أواخر الشهر الماضى، مظاهرات صغيرة في بغداد من ضمنها حملة شهادات عالية تطالب بالحق في وظيفة وحياة كريمة، وتضخمت المظاهرات وتحولت سريعاً الى المطالبة بإسقاط النظام. وقابلتها قوات الأمن بعنف أسقط قتلى وجرحى مما استفز المجتمع العراقي ليبدأ العراقيون حملة إرسال دعوات، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لانطلاق مظاهرات ضخمة في بغداد بداية هذا الشهر، واجهته قوى الأمن بعنف، واندفعت بعدها الدعوة لسكان المحافظات العراقية الأخرى للانضمام الى هذه الصرخة الشعبية.
ونظراً لعدم تبني أي حزب أو جهة للمظاهرات وجدت الدولة صعوبة في التفاهم مع، أو إعتقال، قادة التظاهرات. وأدى الأمر، كمثال، برئيس البرلمان إلى الالتقاء بمائة متظاهر عندما أراد الحديث الى المتظاهرين، الأمر الذي سبقه اليه كل من السفارتين الأميركية والأيرانية، كل على حده. ونتيجة لعدم القدرة على تحديد قيادة للتظاهرات فإن الأحزاب القائمة تسعى لتبنيها، وسبقها لذلك مقتدى الصدر الذي طالب باستقالة الحكومة، وإن كان هو أو غيره من الأحزاب لم يقدم حلاً كيف يمكن تشكيل حكومة أخرى بدون طبقة السياسيين الفاسدة. وذكرتنا هذه المظاهرات بما جرى في القاهرة حين خرجت الجماهير الى ميدان التحرير تطالب برحيل الرئيس السابق حسني مبارك، ولم يكن لها قائد أو قادة، فأطلقت الجماهير على ذلك تسمية، «اللهو الخفي» وهو الأمر الذي يتكرر الآن في بغداد.
(ديموقراطية) العراق ديموقراطية ناشئة بحاجة الى عشرات السنين حتى يمكن بروز طبقة سياسية فيها تعي كيفية الحكم السليم، حيث يتوالى القادة السياسيون على الحكم في بلاد العالم، الديموقراطية وغير الديموقراطية، عبر مؤسسات وعائلات يتثقفون عبرها كيفية إدارة الشأن العام، للمصلحة العامة. وسيحتاج العراق الى أجيال جديدة من القادة لتحقيق الحلم العراقي بحكم سليم بعيداً عن تأثير ملالي إيران.
وفي الجانب الآخر من النظام الديموقراطي، نشاهد النظام السياسي في أميركا تعمه الفوضى منذ أن حل عليه دونالد ترمب رئيساً، مع فريقه اليميني المتشدد حاكماً. وضاعت السنين الطويلة من الحكم المستقر نسبياً بالبلاد حين أصر اليسار الليبرالي على الاستئثار بالحكم والإعلام والجامعات مما أدى الى ردة فعل لدى الطبقة السياسية اليمينية التى أرادت وقف المد الليبرالي القوى ووجدت ضالتها في دونالد ترمب وأسلوبه الذي أخاف به الكثيرين من الساسة وأبعدهم عن الصدارة. وآخر مغامراته هو مواجهة جوزيف بيدن في حملة قوية بقيادته وإدارته وبأسلوب غريب على المؤسسه السياسية الأميركية حيث هو مستعد لتمريغ خصومه في الوحل، ولا يجد غضاضة في أن يهاجم بنفس الأسلوب، إن وجد بين السياسيين من يمكنه ذلك. ومن الواضح أن قادة الصراع السياسي القائم في واشنطن معروفون، إلا أنه كلما ازداد الضغط على ترمب ورفاقه سارعوا الى اتهام ما أسموه «الدولة العميقة» بأنها تغذي الكراهية ضدهم.
ما أود الإشارة اليه هنا، أن النظام الديموقراطي الأميركي والأوربي ليس حلاً لمشاكل دول العالم. وأنه بينما يمكن للدول المتمرسة في النظام مواجهة قضاياها وخلافاتها بشكل مقبول الى حد ما، إلا أن المسعى لتطبيق نفس النظام في دول أخرى على مرحلة واحدة يؤدي الى إفساد وفساد وضياع سنين طويلة من المعاناة. وهناك أنظمة أفضل مما يبشر به الليبراليون الغربيون يمكن التوجه اليها لبناء المستقبل عوضاً عن ديموقراطية أميركا وأوربا.
افتقد جزء كبير من العراقيين السكن الملائم، والمياه والكهرباء، وكذلك الغذاء. وتحول السياسيون وحملة السلاح بمختلف مستوياتهم الى أثرياء يحلقون بعيداً عن مواطنيهم. وكان نظام الملالي في إيران، ولازال، أكثر السعداء بانهيار الإنسان العراقي، بصرف النظر عن مذهبه، وأعلن رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، وجود مشاريع (متعثرة) ووهمية قدرها بحوالي أربعمائة مليار دولار. وخرجت، أواخر الشهر الماضى، مظاهرات صغيرة في بغداد من ضمنها حملة شهادات عالية تطالب بالحق في وظيفة وحياة كريمة، وتضخمت المظاهرات وتحولت سريعاً الى المطالبة بإسقاط النظام. وقابلتها قوات الأمن بعنف أسقط قتلى وجرحى مما استفز المجتمع العراقي ليبدأ العراقيون حملة إرسال دعوات، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لانطلاق مظاهرات ضخمة في بغداد بداية هذا الشهر، واجهته قوى الأمن بعنف، واندفعت بعدها الدعوة لسكان المحافظات العراقية الأخرى للانضمام الى هذه الصرخة الشعبية.
ونظراً لعدم تبني أي حزب أو جهة للمظاهرات وجدت الدولة صعوبة في التفاهم مع، أو إعتقال، قادة التظاهرات. وأدى الأمر، كمثال، برئيس البرلمان إلى الالتقاء بمائة متظاهر عندما أراد الحديث الى المتظاهرين، الأمر الذي سبقه اليه كل من السفارتين الأميركية والأيرانية، كل على حده. ونتيجة لعدم القدرة على تحديد قيادة للتظاهرات فإن الأحزاب القائمة تسعى لتبنيها، وسبقها لذلك مقتدى الصدر الذي طالب باستقالة الحكومة، وإن كان هو أو غيره من الأحزاب لم يقدم حلاً كيف يمكن تشكيل حكومة أخرى بدون طبقة السياسيين الفاسدة. وذكرتنا هذه المظاهرات بما جرى في القاهرة حين خرجت الجماهير الى ميدان التحرير تطالب برحيل الرئيس السابق حسني مبارك، ولم يكن لها قائد أو قادة، فأطلقت الجماهير على ذلك تسمية، «اللهو الخفي» وهو الأمر الذي يتكرر الآن في بغداد.
(ديموقراطية) العراق ديموقراطية ناشئة بحاجة الى عشرات السنين حتى يمكن بروز طبقة سياسية فيها تعي كيفية الحكم السليم، حيث يتوالى القادة السياسيون على الحكم في بلاد العالم، الديموقراطية وغير الديموقراطية، عبر مؤسسات وعائلات يتثقفون عبرها كيفية إدارة الشأن العام، للمصلحة العامة. وسيحتاج العراق الى أجيال جديدة من القادة لتحقيق الحلم العراقي بحكم سليم بعيداً عن تأثير ملالي إيران.
وفي الجانب الآخر من النظام الديموقراطي، نشاهد النظام السياسي في أميركا تعمه الفوضى منذ أن حل عليه دونالد ترمب رئيساً، مع فريقه اليميني المتشدد حاكماً. وضاعت السنين الطويلة من الحكم المستقر نسبياً بالبلاد حين أصر اليسار الليبرالي على الاستئثار بالحكم والإعلام والجامعات مما أدى الى ردة فعل لدى الطبقة السياسية اليمينية التى أرادت وقف المد الليبرالي القوى ووجدت ضالتها في دونالد ترمب وأسلوبه الذي أخاف به الكثيرين من الساسة وأبعدهم عن الصدارة. وآخر مغامراته هو مواجهة جوزيف بيدن في حملة قوية بقيادته وإدارته وبأسلوب غريب على المؤسسه السياسية الأميركية حيث هو مستعد لتمريغ خصومه في الوحل، ولا يجد غضاضة في أن يهاجم بنفس الأسلوب، إن وجد بين السياسيين من يمكنه ذلك. ومن الواضح أن قادة الصراع السياسي القائم في واشنطن معروفون، إلا أنه كلما ازداد الضغط على ترمب ورفاقه سارعوا الى اتهام ما أسموه «الدولة العميقة» بأنها تغذي الكراهية ضدهم.
ما أود الإشارة اليه هنا، أن النظام الديموقراطي الأميركي والأوربي ليس حلاً لمشاكل دول العالم. وأنه بينما يمكن للدول المتمرسة في النظام مواجهة قضاياها وخلافاتها بشكل مقبول الى حد ما، إلا أن المسعى لتطبيق نفس النظام في دول أخرى على مرحلة واحدة يؤدي الى إفساد وفساد وضياع سنين طويلة من المعاناة. وهناك أنظمة أفضل مما يبشر به الليبراليون الغربيون يمكن التوجه اليها لبناء المستقبل عوضاً عن ديموقراطية أميركا وأوربا.