ليون تولستوي رجل زمانه
تاريخ النشر: 17 أكتوبر 2019 00:09 KSA
لا أحد غيَّر الآداب العالمية مثلما فعل الروائي العظيم ليون تولستوي، الذي رفض جائزة نوبل في أولى دوراتها، وقال للوفد السويدي الذي جاء لزيارته وإقناعه بالجائزة: إذا كان لديكم زائد مالي وتريدون أن تتصدَّقوا به، فهناك فقراء كُثر في جبال روسيا، فافعلوا، تتجلَّى من ذلك قيمته الإنسانية العالية التي جعلت منه كاتبًا، فهل يمكن الفصل بين الكاتب والقيم التي يحملها؟، لا أعتقد، فهي هويته الجوهرية، فقد عاش غنيًا وعاشقًا للحياة، ورؤوفًا على الفقراء، وعمل أدبيًا في تحديد المصائر، لا على التجليات الشكلية في الإنسان، ولكن على ما يختلج في أعماقه، وهذا ما نلمسه في رواياته (آنا كارنينا، الحرب والسلام، سوناتا لكروتزر... وغيرها)، حتى علاقته بزوجته صوفيا اتسمت بهذه السمة الإنسانية، وإن لم تستطع فهمه في زمن المصالح الضيقة، فقد بدأت بحبٍّ كبير، وانتهت بعزلةٍ كاملة من تولستوي عن كل ما يحيط به حتى الموت.
ولد الكونت ليف نيكولايافيتش تولستوي في 9 سبتمبر 1828 في مقاطعة تولا، وتوفي في 20 نوفمبر 1910، من عائلة غنية ونبيلة، شخصية كبيرة ومتناقضة، اجتمعت فيها صفات عدة يذكرها الجميع: روائي عظيم، رجل يرفض الظلم في مجتمع القنانة، صاحب رسالة سلام إنسانية، نبذ العنف وكان أخلاقيًا كبيرًا، مغامرًا حتى الضياع من أجل قناعاته، رفض نفاق الكنيسة الداخلي، تيتَّم في سنٍّ مبكر، فأمضى بقية طفولته مع مربيته تاتيانا، وفي عام 1844 التحق بجامعة كازان ليدرس اللغات الشرقية العربية والتركية، ثم القانون، لكنه لم ينهِ دراسته، ورث إقطاعية ياسنايا بوليانا التي كان يعمل بها أكثر من 330 عائلة فلاحية، كان متعاطفًا معها، العسكرية وخوض الحرب ضد التتار علَّمته كيف يكون ضد العنف والحروب، سافر بعدها إلى أوروبا الغربية وتشبَّع بثقافتها، وعاد وهو يحلم بتعليم أبناء الفلاحين في مزرعته. علاقته بالكنيسة الروسية الأرثوذوكسية كانت سيئة، لأنه كان يرى فيها مبررًا لظلم الإقطاع، أهم فصل في حياته هو قراره الزواج، فقد ارتبط في عام 1862م، من الكونتيسة صوفي أندريفيا، كانت زوجة متفهمة ومتفانية في خدمته، ومساعدته في كتاباته، بالخصوص عندما كتب الحرب والسلام. والتي شكلت لوحة كبيرة عن الحياة الأوروبية بين 1805-1820، وحرب نابليون ضد روسيا عام 1812، كان يحبها ويشعر بضرورتها العاطفية والعملية كلما غابت عنه، إذ كانت الأقرب إلى جنونه الأدبي والحياتي، والقادرة على تحمله، حكت في كتابها السيري عن حياتها معه، كانت تسهر معه الليالي لإيجاد الخطط للتخفيف من صدامه مع الكنيسة، فقد أثبتت أنها أفضل رفاق الحياة بالرغم من أنها كانت تصغره بستة عشر عامًا، كانت كونتيسة فقبلت بالخروج من حياة البذخ والكذب، منحته 13 طفلاً، مات خمسة منهم في الصغر، نسخت مخطوط روايته الحرب والسلام الضخمة سبع مرات، حتى كانت النسخة الأخيرة والتي تم نشرها.
لم تقبل الكنيسة آراء تولستوي التي انتشرت في سرعة كبيرة، فكفّرتهُ وأبعدتهُ عنها، وأعلنت حرمانهُ من رعايتها، السنوات الأخيرة من عمره كانت شاقة عليه وعلى صوفي، غادر أسرته ليعيش حياة معزولة، فأثر ذلك على صحته، إذ أصيب بالتهاب رئوي، وتوفي في 20 نوفمبر 1910 في محطة قطار، في قرية استابو، وُجِدَ فيها متجمدًا، كان عمره 82 عامًا، رفض تأبين الكنيسة، على الرغم من أن علاقته بصوفي استاءت في السنوات الأخيرة من حياته، فقد كانت هي كاتبته الأساسية، وهي من يلف سجائره، وهي مَن يُوفِّر له سبل الراحة، وتتحمل مزاجه المتحوِّل جدًا، تعبت منه ومن مزاجه، وتعب تولستوي من حسها المادي، إذ لم تكن موافقة على منحه أراضيه للمزارعين، وتخلِّيه عن حقوق التأليف روايته الإشكالية: سوناتا لكرتزر، صادرها القيصر، لأنها كانت عنيفة ضد كل شيء اسمه نظامًا.
ولد الكونت ليف نيكولايافيتش تولستوي في 9 سبتمبر 1828 في مقاطعة تولا، وتوفي في 20 نوفمبر 1910، من عائلة غنية ونبيلة، شخصية كبيرة ومتناقضة، اجتمعت فيها صفات عدة يذكرها الجميع: روائي عظيم، رجل يرفض الظلم في مجتمع القنانة، صاحب رسالة سلام إنسانية، نبذ العنف وكان أخلاقيًا كبيرًا، مغامرًا حتى الضياع من أجل قناعاته، رفض نفاق الكنيسة الداخلي، تيتَّم في سنٍّ مبكر، فأمضى بقية طفولته مع مربيته تاتيانا، وفي عام 1844 التحق بجامعة كازان ليدرس اللغات الشرقية العربية والتركية، ثم القانون، لكنه لم ينهِ دراسته، ورث إقطاعية ياسنايا بوليانا التي كان يعمل بها أكثر من 330 عائلة فلاحية، كان متعاطفًا معها، العسكرية وخوض الحرب ضد التتار علَّمته كيف يكون ضد العنف والحروب، سافر بعدها إلى أوروبا الغربية وتشبَّع بثقافتها، وعاد وهو يحلم بتعليم أبناء الفلاحين في مزرعته. علاقته بالكنيسة الروسية الأرثوذوكسية كانت سيئة، لأنه كان يرى فيها مبررًا لظلم الإقطاع، أهم فصل في حياته هو قراره الزواج، فقد ارتبط في عام 1862م، من الكونتيسة صوفي أندريفيا، كانت زوجة متفهمة ومتفانية في خدمته، ومساعدته في كتاباته، بالخصوص عندما كتب الحرب والسلام. والتي شكلت لوحة كبيرة عن الحياة الأوروبية بين 1805-1820، وحرب نابليون ضد روسيا عام 1812، كان يحبها ويشعر بضرورتها العاطفية والعملية كلما غابت عنه، إذ كانت الأقرب إلى جنونه الأدبي والحياتي، والقادرة على تحمله، حكت في كتابها السيري عن حياتها معه، كانت تسهر معه الليالي لإيجاد الخطط للتخفيف من صدامه مع الكنيسة، فقد أثبتت أنها أفضل رفاق الحياة بالرغم من أنها كانت تصغره بستة عشر عامًا، كانت كونتيسة فقبلت بالخروج من حياة البذخ والكذب، منحته 13 طفلاً، مات خمسة منهم في الصغر، نسخت مخطوط روايته الحرب والسلام الضخمة سبع مرات، حتى كانت النسخة الأخيرة والتي تم نشرها.
لم تقبل الكنيسة آراء تولستوي التي انتشرت في سرعة كبيرة، فكفّرتهُ وأبعدتهُ عنها، وأعلنت حرمانهُ من رعايتها، السنوات الأخيرة من عمره كانت شاقة عليه وعلى صوفي، غادر أسرته ليعيش حياة معزولة، فأثر ذلك على صحته، إذ أصيب بالتهاب رئوي، وتوفي في 20 نوفمبر 1910 في محطة قطار، في قرية استابو، وُجِدَ فيها متجمدًا، كان عمره 82 عامًا، رفض تأبين الكنيسة، على الرغم من أن علاقته بصوفي استاءت في السنوات الأخيرة من حياته، فقد كانت هي كاتبته الأساسية، وهي من يلف سجائره، وهي مَن يُوفِّر له سبل الراحة، وتتحمل مزاجه المتحوِّل جدًا، تعبت منه ومن مزاجه، وتعب تولستوي من حسها المادي، إذ لم تكن موافقة على منحه أراضيه للمزارعين، وتخلِّيه عن حقوق التأليف روايته الإشكالية: سوناتا لكرتزر، صادرها القيصر، لأنها كانت عنيفة ضد كل شيء اسمه نظامًا.