المثقف.. والمواطنة الرقمية

كانت «المواطنة الرقمية» محورًا للندوة التي نظمها- قبل أمس- مركز الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز للبحوث الاجتماعية والإنسانية، بجامعة الملك عبدالعزيز.. وقد كانت مناسبة سانحة لمناقشة أبعاد المفهوم من عدة زوايا إعلامية واجتماعية ونفسية وقانونية، بمشاركة عدد من الأكاديميين والأكاديميات من تخصصات إنسانية مختلفة.

وقد أشرتُ في حديثي عن دور «المثقف في صياغة المواطنة الرقمية»؛ أن الرقمية محطة بشرية جديدة في رحلة الحضارة الإنسانية، محطة جعلت دور المثقف أكثر إلحاحًا وصعوبة في هذا العالم، الذي يعج بضوضاء الاتصال؛ إذ ينتظر منه أن يكون واعيًا بشروط العصر الرقمي وتحولاته، بحيث يتشرب هذا العالم ويفهمه، كما ينتظر منه أن يكون حاضرًا حين يحتاجه المجتمع والوطن، لتأدية وظيفته المركزية، أعني: «حماية القيم».. نعم تظل حماية القيم واحدة من أهم أدوار المثقف، حتى في عصر تكنولوجيا الاتصال. لكنها حماية تنطلق من فهم هذا الواقع، لا رفضه.


ينتظر من المثقف أن يتعامل مع مستجدات العصر بشيء من الجدية والتفهم، يجب أن يدرك هو أولًا قبل أن يدرك غيره، أن التحولات لا تحدث اعتباطًا.. بل تنتجها حزمة مُعقَّدة من الظروف التاريخية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية. الحفاظ على القيم - كما أفهمه- يكون عن طريق فهم الواقع ومستجداته، وبناء تصوُّر لنماذج اجتماعية وسلوكية تتفق وتتسق مع هذا الواقع. حراسة الفضيلة لا تزال دورًا من أدوار المثقف. لكنها لا تعني -ولَم تعنِ يومًا- أن يتحوَّل المثقف إلى طاغية، يمنع ويقمع ويضع القيود ويحد الحدود. حراسة الفضيلة ليست سلطة يمارسها المثقف -أي مثقف- ومن أي مرجعية أو توجُّه كان، ضد الناس، ولا مطرقة يقمع بها التقدم.

كما أن الفضيلة التي تتمثل في مجموعة القيم الإنسانية العليا لا تنتمي للماضي، ولَم تنتمِ يومًا لزمن.. لأنها قيم مجرَّدة.. يفترض بها أن تكون صالحة لكل زمانٍ ومكان، وتنتمي لكل عصر، يكيفها إنسان العصر لما يناسب واقعه وظروف التغيير الحتمية التي يفرضها التاريخ. ولا شك أن الوجود الافتراضي/ أو الرقمي هو أحد أهم مظاهر التغيير التي يفرضها التاريخ اليوم.


هذا الوجود الذي جعل الحديث عن مفهوم «المواطنة الرقمية» ممكنًا.. ومفهوم المواطنة الرقمية يمثل امتدادًا مختلفًا، أو تفرعًا نوعيًا عن مفهوم المواطنة الواقعية.

ينتمي مفهوم المواطنة، لإنسان العصر الحديث، ولعالم العصر الحديث، ونحن نعلم أن ثمة عددًا من المعايير، أو النقاط التي يفترض توفرها، لتتحقق مفهوم المواطنة، ويمكن اختصار هذه المعايير والأبعاد التي تحقق مفهوم المواطنة في معادلة «الحقوق والواجبات»، وهي معادلة تنطبق على المواطن الرقمي كما يظهر. وفي أدبيات المواطنة الرقمية نجد مصطلح «الحقوق والمسؤوليات الرقمية». وهما جانبان ملتصقان لا ينفصلان أبدًا، ولا بد من اعتمادهما وتفعيلهما في الوجودين: الواقعي، والافتراضي، ليكون الإنسان مواطنًا منتجًا وفعالًا.

أخبار ذات صلة

غياب (الخميس)!!
كادر المهندسين المتقاعدين
ابحث عن المعنى
الرياض.. ملتقى أبناء وبنات الوطن
;
الرياض عاصمة الإلهام والتأثير
الخلفية التعليمية لكبار الأثرياء في العالم
«إلا المصلين» و«ويل للمصلين»
اللغة الشاعرة
;
مؤتمر الأردن.. دعماً لوحدة سوريا ومستقبلها
الجهات التنظيمية.. تدفع عجلة التنمية
الاستثمار في مدارس الحي
معرض جدة للكتاب.. حلَّة جديدة
;
«حركية الحرمين».. إخلاص وبرامج نوعية
دموع النهرين...!!
الجمال الهائل في #سياحة_حائل
عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة