لا علاقة بين أكل لحم الخنزير والغيرة

يتهم البعض الخنزير بأنه هو سبب موت غيرة الرجال، الذين يأكلون لحمه، على نسائهم ومحارمهم، ويُؤكِّدون أن عدم غيرة الغرب على الزوجات ومحارمهم هو بسبب أكل الخنزير، والبعض الآخر- وهو الأكثر إثمًا وجهلًا- مَن يقول إن بعض المسلمين قلَّت الغيرة عندهم على محارمهم بسبب أن مُكوِّنات بعض الأغذية المستوردة التي يتناولونها فيها شحم خنزير، وهذا الكلام هراء لا يستند إلى دليل شرعي، أو بحث بيولوجي، وهو يُمثِّل نموذج للموضوعات التي يتحمَّس لها البعض من غير علم ولا سلطان مبين، مثله مثل الإعجاز العددي، ومثله مثل التداوي ببول الإبل (سوف أُبيِّن- إن شاء الله- في مقالٍ مستقل أن التداوي ببول الإبل لا يصح شرعًا، ولا علمًا تجريبيًا)، وذلك كله يصدر ممَّن يقوله حماسًا للدين، بعيدًا عن الشرع والعلم. ومن الحماس ما يُورّث الخطأ.

إن الثابت بيولوجيًا وطبيًا أن الخنزير يُسبِّب العديد من الأمراض العضوية، وهناك قائمة من الأمراض التي تنتج عن أكل الخنزير، ليس محل استعراضها هنا، ويمكن العودة إليها من خلال البحوث والدراسات الطبية، وهي التي تعتبر فعلًا من أسرار تحريم أكل الخنزير، لأن علة التحريم في الطعام والشراب قائمة على تجنُّب الخبائث كما قال تعالى: (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث)، ومن ناحية الدراسات السلوكية للجنس، فإن الخنزير مثله مثل بقية الحيوانات، كـ(الأغنام والأبقار والجمال التي أباح الله أكلها)، تمارس الفوضى الجنسية، وعدم الغيرة. وفي المقابل هناك شعوب تأكل الخنزير مثل الصين، ولكنها محتفظة بغيرةٍ عالية على محارمها، كما أن العكس صحيح، هناك مسلمون لا يأكلون الخنزير، لكنه ميِّت الحس والغيرة نحو محارمه، وهناك في الغرب من لا يأكل الخنزير كذلك، وميِّت الحس والغيرة.


إن تفسير الفوضى الجنسية العارمة اليوم، ليس هو إلا الانصراف عن توجيهات الله سبحانه وتعالى، والبُعد عن منهجه الذي جاءت به الكتب السماوية، وأرسل به الأنبياء.

بقي نقطة أخيرة تحتاج إلى توضيح، وهي أن الغيرة على نوعين: غيرة محمودة، وهي التي لا ترضى الدياثة في المحارم، مع بقاء الثقة في المحارم وعدم الشك بهن لمجرد أن إحداهن تكلَّمت مع رجل، أو عملت في مكانٍ عام، أو مستشفى.. وغيرة مذمومة، وهي الغيرة الحادة التي تصل إلى حد الشكوك والظنون بالزوجات والمحارم لأتفه الأسباب في الحياة، وهذا النوع من الغيرة مرض، وليس غيرة، ويجب تجنّبه، وقد كان لي صديق من هذا النوع لدرجة أنه إذا كانت معه زوجته في الشارع، وأخذ أحد الرجال ينظر إليها، تضارب معه، ظنًا منه أنه تعدَّى على محارمه، مع العلم أن زوجته «مكفّتة» من رأسها الى أخمص قدميها، وكان يعيش حالة من عدم الاستقرار الأسري والنفسي، حتى نزع الله من قلبه -بعد أن نصحته عدة مرات- هذا المرض، وعندما لقيته آخر مرة أخذ يضحك على نفسه من الحالة التي كان عليها من تصرُّف «غيروي» أتعب فيه نفسه وزوجته.

أخبار ذات صلة

حفر الباطن.. بوابة الاستثمار ورؤية المستقبل
عقبة الهدا.. إغلاق وذكريات!!
سن الأربعين
2025 السعودية ستنمو وتعلو وتسمو
;
«غزاة» غزة والجريمة التاريخية
طقوس الضيافة: طريقة الإنسان في استحضار وجوده الهَش
تجارب ثرية في طيران المدينة
«بلانا منَّا وفينا»
;
الشعب السوري.. وعودة الروح
التطوع والمسؤولية الاجتماعية.. الدلالة والمؤشر
السعودية التي لا تعرفها!!
الإدارة بالستر!
;
بالشكر تدوم النعم
المملكة.. «إذا حضر الماء»
المفاجأة.. التي باغتت سكان بومبي
المفاجأة.. التي باغتت سكان بومبي
ثلاثة أيام في نجران