لا خبز في البيت ولا «صامولي»!

لا خبز في البيت ولا «صامولي»!
بعد يوم حافل أنجزت فيه مهامي، خلدت إلى فراشي مهيئًا نفسي لنوم ليلة هانئة وهذا ما حصل، بل إني حلمت حلمًا لذيذًا لا أملك إلا أن أسرد لكم تفاصيله: رأيت فيما يرى النائم أنني في مدرستي التي أعمل بها في مدينة الرياض، وإذ بجرس الفسحة يجلجل جلجلة في ممرات المدرسة وفضائها، وإذ بأبنائي الطلاب يدخلون أدواتهم المدرسية من كتب وأقلام وقرطاسية داخل حقائبهم، ويخرجون منها حافظات صغيرة للأطعمة تزينت بألذ الأطعمة وأشهاها وأكثرها فائدة وصحة، وجدت طلابًا يلتهمون فاكهة مما يتخيرون، وآخرين تزينت شطائرهم بلحم طير مما يشتهون، وقد كدت أن أسرح في أحلامي وصولًا إلى الحور العين، لولا أنني تنبهت لأنفاس زوجتي النائمة بجانبي.

وكم كانت دهشتي كبيرة، حينما رأيت ذات الطلاب الذين تقاسموا خبزهم وملحهم وفاكهتهم معًا، يجمعون قشور الموز وبذور البرتقال، ويغطون حافظات الأطعمة المعدة للاستخدام المتكرر ويعيدونها إلى حقائبهم، والضحكات تسابقهم حين خروجهم للفسحة في ساحة نظيفة تخلو من الأكياس البلاستيكية، والأوراق المرمية، ومن أسراب الذباب التي تحوم في فناء المدرسة.


وإذ بي أفتح عيني في منامي حلمًا لا مجازًا، حينما أرى أثر ذلك كله على صحة الطلاب وتكوينهم السليم من آثار السمنة إلا ما ندر، فحمدت الله حمدًا كثيرًا على أن رزقني بمدرسة يتحد فيها وعي طلابها مع وعي الأهالي للالتزام بنظام غذائي صحي سليم.

صحوت من نومي مغتبطًا، وبعد أن تحسفت على تلك الحورية التي قد نهرتها عن الإتيان في منامي وفاء لمالكة قلبي وتفاحته، وأعني بها زوجتي العزيزة قلت لنفسي: هذا والله حلم له ما بعده!


فعدت إلى نومي فرحًا ونبضات قلبي تهلل بالسرور، وإذ بذاك الحلم قد تحول إلى كابوس ابتدأ مع جرس الفسحة الذي تقافز الطلاب حين سماعه تقافز القرود، متزاحمين حول المقصف تزاحم المحرومين من الطعام لمئة عام، لم تجدِ معهم محاولات طلاب جماعة النظام اليائسة ولا صيحات المعلمين البائسة.

قلت في حلمي الذي لم يتحول إلى كابوس بعد: ليس كل العوائل قادرة على تجهيز فطور أبنائها بأنفسها، وظروف البيوت لا أحد يعلمها، ولعل المقاصف تزخر بطعام صحي نعجز عن تجهيزه في بيوتنا، ثم حانت الفاجعة: حلويات بأصباغ صناعية من أردأ الأنواع، وعصيرات رخيصة مليئة بالسكر والألوان، وبسكويتات ملغمة بشوكلاتة مجهولة المصدر والله المستعان.

صحوت من كابوسي فزعًا، وإذ بزوجتي الحنون تذكرني مؤنبة: زد مصروف ابنتك اليوم، فهناك حلوى لذيذة تريد أن تتسلى بها في المدرسة ولا خبز في البيت ولا «صامولي»!

أخبار ذات صلة

تميز إذاعتي الرياض وجدة
تميز إذاعتي الرياض وجدة
أزيلوا التشوه البصري من مدارسنا
أزيلوا التشوه البصري من مدارسنا
أمريكا تنهض بترامب مجددًا
الحوادث المرورية.. الهاجس الأول
الحوادث المرورية.. الهاجس الأول
;
ماذا بعد انتخاب ترمب؟!
ماذا بعد انتخاب ترمب؟!
المساجد التاريخية
المساجد التاريخية
ما بين صندوق «القمامة» إلى كيد المطلقة!!
ما بين صندوق «القمامة» إلى كيد المطلقة!!
أهميَّة تعلُّم لغة الإشارة
أهميَّة تعلُّم لغة الإشارة
;
السوشيال ميديا والمجموعات التعليمية
شرق أوسط جديد يخلق السلام والتنمية
شرق أوسط جديد يخلق السلام والتنمية
ورحل بهجة المجالس
ورحل بهجة المجالس
دوران الأرض ونتائجه
دوران الأرض ونتائجه
;
صيدلي الصحة العامة
صيدلي الصحة العامة
خطة حصان طروادة في مواجهة البكتيريا
خطة حصان طروادة في مواجهة البكتيريا
هل من قطار للبحر الأحمر؟
هل من قطار للبحر الأحمر؟
ما هي تكلفة الوحدة؟!
ما هي تكلفة الوحدة؟!