إنه كان ظلوماً جهولا

الحديث عن الأمانة يطول ويتشعَّب بتشعُّب مسارب الحياة ومتغيّراتها، فالأمانة لها ألوان وصور مختلفة، تتماثل فيها مع السلوك الممارس مِن قِبَل الإنسان، ولاشك بأن الأمر الرباني بتأديتها لأصحابها وفق تلك الصور القيمية أو السلوكية أو المادية، يُعدُّ من أهم المبادئ التي حثَّت عليها الكتب السماوية، ومنها القرآن الكريم، الذي فصل المستوجب نحوها، فقال تعالى:

(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا).


(وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فليُودِ الذي أوتمن أمانته وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ).

(وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تأمنه بقنطار يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تأمنه بدينار لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).


(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمانات إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا).

(وَالَّذِينَ هُمْ لأماناتهم وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ* أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ* الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).

(قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمين).

(وَالَّذِينَ هُمْ لأماناتهم وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ* أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ).

ومن الآيات الكريمات السابقات نستنبط عِظم تلك الأمانة التي حملها الإنسان، الجهول بعظمتها، وأبت على حملها السموات والأرض والجبال، لأن الأمانة لا تقتصر على تأدية الأموال إلى أصحابها، بل تشمل الكثير من الجوانب الأخرى، مثل تأدية المهام الموكلة على كل فرد -بدءاً من الوزير وانتهاءً بالغفير- تأديتها كما أوكلت إليه دون تقصير، أو استعلاء أو تهاون، وللأسف فإن هذا ديدن كثير من الموظفين، وعلى ما يبدو أن فهمهم لا يزال قاصراً حول مطالب تلك الأمانة العظيمة.

كما تشمل أيضاً المحافظة على الأموال العامة دون نهب أو تسيِّب، كما تشمل عدم التهاون في تنفيذ المشاريع، كما حددتها المواصفات، وللأسف أن هذه أيضاً من أبرز القضايا التي يُواجهها مجتمعنا، وكم لمسنا الكثير من تلك التجاوزات التي تدل على ضمور أو فقدان الأمانة عند بعض القائمين على تلك المشاريع، وكذلك بعض المنفذين لها، حتى في تفاصيلها الصغيرة. فلنتقِ الله فيما أُوكِل إلينا مِن أمانة، إنه بصيرٌ بالعباد.. والله من وراء القصد.

أخبار ذات صلة

شاهد على جريمة اغتيال!!
الأمن الغذائي ومطلب الاكتفاء
التطوع الذكي واستغلال المتطوعين!
إضافات بعض الوعاظ بين الحقائق والخرافات!
;
غدير البنات
السعودية الخضراء
حتى أنت يا بروتوس؟!
حراك شبابي ثقافي لافت.. وآخر خافت!
;
الأجيال السعودية.. من العصامية إلى التقنية الرقمية
فن الإقناع.. والتواصل الإنساني
عن الاحتراق الوظيفي!
سقطات الكلام.. وزلات اللسان
;
القطار.. في مدينة الجمال
يومان في باريس نجد
فن صناعة المحتوى الإعلامي
الإدارة بالثبات