حيزية وميراث الحب المستحيل
تاريخ النشر: 16 يناير 2020 00:08 KSA
للذي لا يعرف حيزية في التراث الشعبي الجزائري والمغاربي، هي رديف ليلى في قصة: قيس وليلى، في التراث العربي العشقي، وشبيهة جولييت في نهايتها الإشكالية في قصة روميو وجولييت.. نحن إذن أمام حالة إشكالية.. ظاهرة أسطورية.. تلونت كثيرًا عبر الأزمنة والرواة.. وقد قيل الكثير عنها.. منذ سنوات وأنا في عمق الحدث، أتبصره وأبحث فيما قيل عنها بهدوء كبير.. وأتذكر أني كتبت مقالة عنها في السبعينيات، في جريدة الجمهورية وخصصت لها حصة في برنامجي التليفزيوني القديم: أهل الكتاب، في سنة 1999.
اكتشفت وأنا أقتفي خطاها أشياء غريبة تحتاج إلى إعادة قراءة، منها الحب العذري المقدس في القصيدة، وكأن الحب العادي الذي يمس الروح والجسد محرم.. وقد قيل في الحب العذري نقديًا عن حيزية وحبيبها المفترض، سعيّد، الكثير لدرجة المبالغة، بينما نعرف اليوم نقديًا واجتماعيًا، أن ما سمي بالعذري ليس إلا حالة قسرية محكومة بالضوابط الاجتماعية القاسية.. النظام القبلي، ذو الأصول الهلالية في الجزائر وفي البلدان المغاربية، كان يمنع الاتصال بين العاشق والمعشوقة، وهو ما منع نشوء مثل اللقاءات الطبيعية، لكنها كانت تتم سريًا .
لما أعود إلى ملحمة الشاعر محمد ابن قيطون: حيزية، أجد أن اللقاءات بين حيزية وسعيد كانت موجودة.. ومن يقرأ القصيدة بقليل من التمعن، سيكتشف ذلك بلا تعب كبير.. توصيفه لجسد حبيبته تخطى كليًا عتبات العذرية الوهمية.. لدرجة أن أغلب من غنوا القصيد قديمًا وحديثًا: خليفي أحمد، عمر البار، عبابسة، درياسة، ونعيمة، وفلة عبابسة، الشاب جلال، الشاب فيصل عيشة، كلهم نزعوا هذه المقاطع أو حوروها، باستثناء أول من أنشدها تاريخيًا، خليفي أحمد، لأنه كان مرافقًا لخاله المداح الحاج بن خليفة الذي سجل أغنية حيزية في 1933 في تونس، ولم ينقص منها وخليفي أحمد أي بيت شعري جريء.. لهذا دعوت في بعض الحوارات السمعية أو المكتوبة أو المرئية، إلى إخراج حيزية من النظم الأخلاقية التي قد تقتل الشخصية ولا تدفع بالمخيال الأدبي المرتكز على التاريخ، إلى أقاصيه.. الكثير من الأكاديميين أفسدوا ليس روح القصيدة فقط، ولكن أيضًا أنماط قراءتها، إذ فرضوا نظامًا تأويليًا مسبقًا وصنعوه كقناة للقراء.. الفرق بين الروائي والمؤرخ أو حتى الناقد، الثاني يغرق في الفرضيات والعموميات واستعادة ما قيل لدرجة الملل، الروائي يبحث عن المادة المدفونة من قرون والتفاصيل الصغيرة، وإلا سيخسر مشروعه .
موت حيزية جزء من هذه الأسئلة.. طبعًا من السهل عدم الخوض في الموضوع والاكتفاء بالرواية السهلة، أي أن سعيد، عندما ماتت زوجته (أو حبيبته) حيزية وابنة عمه، ركض نحو الشاعر محمد بن قيطون وطلب منه أن يكتب له مرثية عنها؟ هل تتخيلون رجلاً شرقيًا، في نظام قبلي محافظ، يحكي عن زوجته بتلك الأوصاف الأيروتيكية التي نحتها ابن قيطون؟
وفق هذا المنطق كان علينا أن نبحث عن أسباب أخرى أكثر إقناعًا روائيًا وتاريخيًا وأدبيًا.. الشاعر لا يتحدث عن مرض ولكن عن موت فجائي؟ ماذا يعني هذا؟ نحتاج إلى عقل شرطة مباحث قليلا.. في هذا الموت الغريب رائحة القتل؟ والغريب أن الموت حدث مع العودة من الشمال، وقريبًا من مقبرة الدواودة في سيدي خالد حيث دفنت حيزية.. ولم يحدث مثلا في بازر الصخرة في العلمة، حيث كانت القبيلة مصيفة هناك في رحلتي الشتاء والصيف.. وكأن الأمر دبر بليل؟ بالخصوص أن حالة الحب واللقاءات كما تقول القصيدة أصبحت مرئية ولم تعد سرية؟ ما الذي يمنع هذه الفرضية من أن تقوم عندما نعرف طبيعة النظام القبلي واشتغاله؟ وهو ما قالت به الباحثة ليلى قريش (روزليش كريش (Gresh Rosline أن يكون والدها قد قتلها حماية للشرف بعد أن كثر الحديث عنهما.. يستحق منا شباب حيزية الخلاق (ماتت عن عمر 23 سنة) أن يكون موضوعًا للمزيد من البحث والإبداع، ولم لا وفرضها على مستوى اليونيسكو كجزء من التراث الإنساني اللا مادي؟
اكتشفت وأنا أقتفي خطاها أشياء غريبة تحتاج إلى إعادة قراءة، منها الحب العذري المقدس في القصيدة، وكأن الحب العادي الذي يمس الروح والجسد محرم.. وقد قيل في الحب العذري نقديًا عن حيزية وحبيبها المفترض، سعيّد، الكثير لدرجة المبالغة، بينما نعرف اليوم نقديًا واجتماعيًا، أن ما سمي بالعذري ليس إلا حالة قسرية محكومة بالضوابط الاجتماعية القاسية.. النظام القبلي، ذو الأصول الهلالية في الجزائر وفي البلدان المغاربية، كان يمنع الاتصال بين العاشق والمعشوقة، وهو ما منع نشوء مثل اللقاءات الطبيعية، لكنها كانت تتم سريًا .
لما أعود إلى ملحمة الشاعر محمد ابن قيطون: حيزية، أجد أن اللقاءات بين حيزية وسعيد كانت موجودة.. ومن يقرأ القصيدة بقليل من التمعن، سيكتشف ذلك بلا تعب كبير.. توصيفه لجسد حبيبته تخطى كليًا عتبات العذرية الوهمية.. لدرجة أن أغلب من غنوا القصيد قديمًا وحديثًا: خليفي أحمد، عمر البار، عبابسة، درياسة، ونعيمة، وفلة عبابسة، الشاب جلال، الشاب فيصل عيشة، كلهم نزعوا هذه المقاطع أو حوروها، باستثناء أول من أنشدها تاريخيًا، خليفي أحمد، لأنه كان مرافقًا لخاله المداح الحاج بن خليفة الذي سجل أغنية حيزية في 1933 في تونس، ولم ينقص منها وخليفي أحمد أي بيت شعري جريء.. لهذا دعوت في بعض الحوارات السمعية أو المكتوبة أو المرئية، إلى إخراج حيزية من النظم الأخلاقية التي قد تقتل الشخصية ولا تدفع بالمخيال الأدبي المرتكز على التاريخ، إلى أقاصيه.. الكثير من الأكاديميين أفسدوا ليس روح القصيدة فقط، ولكن أيضًا أنماط قراءتها، إذ فرضوا نظامًا تأويليًا مسبقًا وصنعوه كقناة للقراء.. الفرق بين الروائي والمؤرخ أو حتى الناقد، الثاني يغرق في الفرضيات والعموميات واستعادة ما قيل لدرجة الملل، الروائي يبحث عن المادة المدفونة من قرون والتفاصيل الصغيرة، وإلا سيخسر مشروعه .
موت حيزية جزء من هذه الأسئلة.. طبعًا من السهل عدم الخوض في الموضوع والاكتفاء بالرواية السهلة، أي أن سعيد، عندما ماتت زوجته (أو حبيبته) حيزية وابنة عمه، ركض نحو الشاعر محمد بن قيطون وطلب منه أن يكتب له مرثية عنها؟ هل تتخيلون رجلاً شرقيًا، في نظام قبلي محافظ، يحكي عن زوجته بتلك الأوصاف الأيروتيكية التي نحتها ابن قيطون؟
وفق هذا المنطق كان علينا أن نبحث عن أسباب أخرى أكثر إقناعًا روائيًا وتاريخيًا وأدبيًا.. الشاعر لا يتحدث عن مرض ولكن عن موت فجائي؟ ماذا يعني هذا؟ نحتاج إلى عقل شرطة مباحث قليلا.. في هذا الموت الغريب رائحة القتل؟ والغريب أن الموت حدث مع العودة من الشمال، وقريبًا من مقبرة الدواودة في سيدي خالد حيث دفنت حيزية.. ولم يحدث مثلا في بازر الصخرة في العلمة، حيث كانت القبيلة مصيفة هناك في رحلتي الشتاء والصيف.. وكأن الأمر دبر بليل؟ بالخصوص أن حالة الحب واللقاءات كما تقول القصيدة أصبحت مرئية ولم تعد سرية؟ ما الذي يمنع هذه الفرضية من أن تقوم عندما نعرف طبيعة النظام القبلي واشتغاله؟ وهو ما قالت به الباحثة ليلى قريش (روزليش كريش (Gresh Rosline أن يكون والدها قد قتلها حماية للشرف بعد أن كثر الحديث عنهما.. يستحق منا شباب حيزية الخلاق (ماتت عن عمر 23 سنة) أن يكون موضوعًا للمزيد من البحث والإبداع، ولم لا وفرضها على مستوى اليونيسكو كجزء من التراث الإنساني اللا مادي؟