فرِّق تسُدْ

نعلم أن سياسة (فرِّق تسدْ) ليست وليدة مرحلة الاستعمار الحديث بل هي سياسة متقادمة منذ العهد السومري واليوناني والمصري القديم، وكان الهدف من هذه السياسة تقسيم الدول الضعيفة إلى طوائف عرقية أو دينية من قبل الدول الأكثر قوة بهدف السيطرة على ثرواتها والبقاء عليها قوى مستهلكة، ثم قامت الدول الاستعمارية في مرحلة الاستعمار الحديث بتطبيق تلك السياسة المقيتة على الوطن العربي حيث بدأت تطبيقها في العهد العثماني ثم تلقفته دول الغرب الاستعمارية في مستهل القرن العشرين بعد أن بلغ الضعف مبلغه في الوطن العربي بعد العهد العثماني حيث انتشرت الأمية وتنامت العصبية القبلية والفئوية والطبقية والمذهبية وعند ذلك بدأ التفكير لزرع الكيان الصهيوني في فلسطين ليكون بؤرة صراع وخلاف فوضع مشروع سايكس بيكو ووعد بلفور وكان ذلك بدعم مباشر ومكثف من أمريكا، ثم قسِّم الوطن العربي إلى دويلات مفككة متشرذمة متصارعة وتنامت تلك الصراعات حتى بلغت مرحلة الاقتتال بين دوله وكان المستفيد الأوحد من ثروات وخيرات الوطن العربي الطبيعية والبشرية تلك الدول الاستعمارية فكانت تنهب ما تريد وتقتسم ما تريد وتُغضب من تريد حيث كانت تقف مع طرف حتى يضعف الطرف الآخر ثم تنتقل إلى إضعاف الطرف الآخر، وهاهي العقود الزمنية تمر وعالمنا العربي ممتهن الحرية على ثرواته ومقدراته وهاهي الدول الاستعمارية تجدد من أساليب وأدوات سياستها (فرق تسد) لتناسب متطلبات المرحلة وهاهو وطننا العربي يفقد قواه التي منحه الله إياها، وهاهي الحروب تُختلق، وهاهي الثورات تقوم، وهاهي الحروب المذهبية تشتعل بين أبناء الوطن العربي وواقع الحال يقول فيه المستعمر: إنهم أمة فوضوية جاهلة غافلة تقتتل لأجل السلطة والمذهب فلنستثمر تلك الثروات.

ثم يبقى الأكثر إيلاماً وهو أن معظم قيادات وشعوب الوطن العربي لم تفق بعد لتلك السياسة التي ستجعلهم حتماً لو استمر ذلك الحال من الضعف والتشرذم يعودون لأنماط حياتهم البدائية حيث يقتتلون على الكلأ والماء.


فأين المثقفون والمفكرون والجامعات العربية الضامرة في كل شئ؟ ألا يفيقون ليدرأوا عن وطننا العربي وعن شعوبه تلك السياسة البغيضة؟.

كم هو الألم يعتصر قلوب الغيورين على تلك الثروات العظيمة التي تُنهب وعلى تلك القرون التي تذهب هباء، فمتى نتحول إلى أمة منتجة للمعرفة تأكل مما تزرع وتستخدم ما تصنع وتتطبب مما تصنع وتلبس مما تنسج؟، بالطبع ليس ذلك ببعيد إذا حسنت النوايا ووجد الرجال الرشداء وذابت الأحقاد وانتبه الجميع إلى ذلك الفيروس المزروع في وطننا تحت شعار (فرق تسد).. والله من وراء القصد.

أخبار ذات صلة

شاهد على جريمة اغتيال!!
الأمن الغذائي ومطلب الاكتفاء
التطوع الذكي واستغلال المتطوعين!
إضافات بعض الوعاظ بين الحقائق والخرافات!
;
غدير البنات
السعودية الخضراء
حتى أنت يا بروتوس؟!
حراك شبابي ثقافي لافت.. وآخر خافت!
;
الأجيال السعودية.. من العصامية إلى التقنية الرقمية
فن الإقناع.. والتواصل الإنساني
عن الاحتراق الوظيفي!
سقطات الكلام.. وزلات اللسان
;
القطار.. في مدينة الجمال
يومان في باريس نجد
فن صناعة المحتوى الإعلامي
الإدارة بالثبات