الاقتصاد المعرفي ورؤية 2030م

تعيش المملكة العربية السعودية حالياً عصر التحول الاقتصادي وهو الانتقال من الاعتماد على الموارد الطبيعية من نفط وغاز التي تجود بها الأرض كمورد وحيد للدخل، إلى ما يجود به العقل من ابتكارات واكتشافات. ومعروف أن ما يجود به العقل دائم ويعطي بغير حدود، أما، ما تجود به الأرض فإن زمنه محدود ويعطي بحدود. وعلى مر القرون الثلاثة الماضية، كان التنافس الحضاري والسباق المعلوماتي هو المعركة الحقيقية الكبرى بين الأمم، فمن كان يملك التوابل في القرن التاسع عشر ملك اقتصاد العالم، وفي القرن العشرين شاهدنا الدول التي ملكت النفط والغاز وما حصل فيها من انتعاش اقتصادي وأصبحت من أكبر اقتصاديات العالم. وفي قرننا الحالي، من سيملك المعرفة سيملك العالم. وكما يقال: «دوام الحال من المحال»، فقد حذر تقرير صادر عن المجلس البريطاني لأبحاث الطاقة من بلوغ الإنتاج التقليدي للنفط أعلى مستوى له، وبدء انخفاضه بحلول سنة 2020م. وفي مقال للاقتصادي الشهير (مات سيمينز)، يؤكد فيه بأن آبار النفط في دول الخليج بلغت ذروة إنتاجها، وفي طريقها إلى النضوب. وبغضِّ النظر عن الجدل الدائر حول توقيت نضوب النفط من عدمه، إلا أن لا أحد يشك في أن النفط -مثل بقية الثروات الطبيعية التي تجود بها الأرض- سلعة ناضبة بالنهاية، وسيصحو العالم ذات يوم وليس هناك في الدنيا قطرة نفط. هذه الحقائق دفعت جميع دول العالم بقوة للبحث عن اقتصاديات بديلة تتميز بالديمومة، وأغنى هذه الاقتصاديات، هي التي تقوم على المعرفة بيعاً وتطويراً. وميزة المعرفة أنها دائمة لا تنضب وقابلة للبيع مرات عديدة، بخلاف برميل النفط الذي لا يمكن بيعه أكثر من مرة، وبالتالي فإن أي اقتصاد يعتمد على المعرفة هو بلا شك اقتصاد متجدد ونامٍ. والمملكة ولله الحمد تملك كل مقومات النجاح في الاقتصاد المعرفي، فهي تملك الإرادة والإمكان، فهناك إرادة سياسية عليا لتحول نوعي نحو الاقتصاد المعرفي، تجلت بوضوح في التوجه الجاد الذي يقوده ولي العهد حفظه الله مهندس رؤية 2030م. في هذه الرؤية الاهتمام واضح وجلي بالمؤسسات البحثية، لما تمتلكه من إمكانات وكفاءات وعقول تم تأهيلها وتدريبها في أرقى الجامعات على مستوى العالم ولها القدرة في المساهمة في هذا التحول الهام، وقد بدأت العديد من المؤسسات والهيئات مثل مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وبعض الجامعات السعودية في تقديم نماذج رائدة في البحث العلمي المنتج مكَّنها من تحقيق إنجازات مميزة على مستوى براءات الاختراع والابتكار والمشاريع البحثية، والتي بحول الله ستساهم كمورد مالي من خارج منظومة النفط والغاز. وبذلك تكون هذه المؤسسات قد حولت علمها الى تميز وتميزها الى إبداع.

كل هذه صور تدل على صدق الإرادة، إرادة التحول إلى الاقتصاد المعرفي غير الناضب والذي سيجعل المملكة بإذن الله كما هي دولة مؤثرة في الآخرين، لا متأثرة بحضارات ونتاج غيرها من الدول.

أخبار ذات صلة

مُد يدك للمصافحة الذهبية
السعودية.. الريادة والدعم لسوريا وشعبها
المتيحيون الجدد!
المديرون.. أنواع وأشكال
;
أين برنامج (وظيفتك وبعثتك) من التطبيق؟!
علي بن خضران.. يد ثقافية سَلفتْ!
من يدير دفة الدبلوماسية العامة الأمريكية؟!
الرياض.. بيت العرب
;
جميل الحجيلان.. قصص ملهمة في أروقة الدبلوماسية
الجزيـــــــرة
إدارة الجماهير.. وإرضاؤهم
المملكة.. ودعم استقرار سوريا
;
ولي العهد.. أبرز القادة العرب المؤثرين
العمل بعمق
(الروبوت).. الخطر القادم/ الحالي
عشوائية مكاتب (الاستقدام)!