دعوة لكيان عربي جديد

تواجه الدول العربية تحدياً كبيراً يتعلق بسلامتها وإمكانية استمرار استقرارها، في الوقت الذي تعجز فيه عن جمع كلمتها وقرارها لمواجهة هذا التحدي الخطير. إذ إن الخطر واضح وانهيار الاستقرار متواصل، بينما تمضي العديد من النخب الحاكمة في مسيرتها التي من الممكن أن لا تتمكن من المحافظة على استمرارية استقرارها، وكأنها تقامر بكل شيء على أمل أن تنجح في تجربة الحكم التي تمارسها معتمدة في ذلك على الحظ فقط. وتتصاعد المخاطر يوماً عن الآخر، إذ أدى تقهقر الولايات المتحدة الأميركية وفقدانها الاهتمام بمصير العالم العربي الى فتح الباب واسعاً أمام المغامرين من دول إقليمية، بعضها عربي، وجماعات إرهابية ترفع شعارات أيدولوجية للسعي نحو الاستفادة من (الفراغ) الذي تشعر بأن التقهقر الأميركي أدى إليه مما تسبب في تعقيد الصراع الإقليمي بوتيرة سريعة.

ونتج عن ذلك حروب دموية مباشرة وبالوكالة في العراق والصومال واليمن وليبيا وسوريا وغيرها، وانخرطت القوى جميعها في منافسات بشعة سعياً لتكون لها اليد العليا في هذه البلاد العربية أو تلك. ووجدت روسيا نفسها، كقوة دولية، تنخرط في اللعبة الدموية عبر سوريا وليبيا، مع وضد قوى إقليمية لم يتضح مدى حرصها على التعاون مع روسيا فيما هي تسعى اليه، مثل إيران وتركيا. وأصبح من الصعب فهم الى أين تتجه الأحداث، وسط إشاعات، يعتبرها البعض حقائق، حول مؤامرات ومخططات للعالم العربي، جرى إعدادها مسبقاً ويتم تنفيذها حالياً.


ولا شك أن الخطوط كانت أكثر وضوحاً عندما كان الخصم إسرائيل فقط التي استولت على فلسطين وأقامت على جزء منها كيانها، والتي دخلت الدول العربية في حروب معها. إلا أن قائمة الدول الإقليمية التي لها أطماع في الدول العربية توسعت لتشمل إيران التي أقامت مليشيات خاصة بها لذلك، وتركيا التي تحالفت مع حركات إسلام سياسي موجودة، مثل الإخوان المسلمين، وحركات أخرى أنشأتها. وهذه الدول الإقليمية التي تخاصم العرب، إسرائيل وإيران وتركيا، تسعى للهيمنة على العالم العربي بحجة أو أخرى بما في ذلك الادعاء بأنها حريصة أن تعيد للفلسطينيين القدس. ويتعاون الإيرانيون مع روسيا في سوريا في أغلب الأحوال، وكذلك الأمر مع تركيا التي وجدت نفسها أخيراً تواجه المخطط الروسي في إدلب بشكل عسكري وتهدد سفير موسكو في أنقرة بالقتل وتواجه أيضاً الوجود الروسي العسكري غير المباشر في ليبيا بقوات أرسلتها ومرتزقة تمولهم في عمليات عسكرية متبادلة.

ومن المفارقات العجيبة في الوضع الليبي الفوضوي أن دولة أفريقية فقيرة، تشاد، تشارك هناك في معارك ليبيا بمرتزقة لها. مما يتطلب أن تقوم النخب الحاكمة في الدول العربية بمراجعة نفسها والنظر في حال الدول التي سقطت في فوضى الحروب الأهلية والبحث عن سبيل لحماية ما تبقى من أمن عربي. ولن يكون الأمر ممكناً ما لم تقم هذه النخب بوضع مخطط مشترك تضع فيه ثقلها وتثق ببعضها البعض، أكان ذلك عبر دولة فيدرالية أو تكتل مشابه فعال يمكن له الصمود، وتناسي، والتعالي على، الخلافات الفردية القائمة أو المترتبة على الوضع الذي يمكن أن يقوم.. حيث إن العمل الفردي، أي قيام كل دولة على حده، بتنفيذ برنامج خاص بها لن يكون حلاً عملياً لأن المخاطر تهدد الجميع. والطامعون يفضلون مواجهة كل كيان عربي على حده ولكنهم سيجدون صعوبة في مواجهة كيان عربي موحد إلاراده والقوة. ومثل هذا التكتل يمكن أن يقوم بأي عدد من الدول العربية وسيلتحق به الآخرون متى تحقق. شريطة أن يكون كياناً عملياً لا جامعة عربية أخرى.

أخبار ذات صلة

اللغة الشاعرة
مؤتمر الأردن.. دعماً لوحدة سوريا ومستقبلها
الجهات التنظيمية.. تدفع عجلة التنمية
الاستثمار في مدارس الحي
;
معرض جدة للكتاب.. حلَّة جديدة
«حركية الحرمين».. إخلاص وبرامج نوعية
دموع النهرين...!!
الجمال الهائل في #سياحة_حائل
;
عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض