الحظر في تويتر: حق دستوري.. أم سلوكٌ ديكتاتوري؟
تاريخ النشر: 12 مارس 2020 00:10 KSA
سنحت الفرصة في ملتقى النص الأخير بجدة لأن أطرح رأيي حول خاصية الحظر في تويتر (البلوك)، بعد أن لاحظت أن الرأي منقسم عليها كثيراً، وأن هناك من يراها سلوكاً قمعياً، ومن أهم أولئك طبعاً ناقدنا الجميل عبدالله الغذامي، الذي يرى أن الحظر «ممارسة دكتاتورية تدل على طاغية مخبوء داخل من يمارس الحجب».
وأنا أختلف مع هذا الرأي، وأعتقد أنه لا يتفق مع طبيعة التطور التقني المتمثل في «الإعلام الجديد»، ولا مفهوم الحضور الافتراضي وميكانيكيته الخاصة.. فهو رأيٌ يخلط بين مفهوميْ الفضاء العام والفضاء الخاص، كما أنه لا يبدو مدركاً للتغيير الذي أحدثته النقلة التكنولوجية في استغلالها لمفاهيم الحرية الفردية والخصوصية.
تمثل حالة التشظي والتعددية والاختلاف أهم سمات عصر ما بعد الحداثة، حيث تتشظى الأفكار إلى ما لا نهاية، وتتوالد الأدوات والقنوات وطرق التفكير والتعبير من بعضها، وتصبح الخيارات (اللامنتهية) هي الغاية المطلقة.. من هنا فإن من أهم ما فعله تويتر وبقية وسائل الاتصال ومنصات الإعلام الجديد أنها فتحت أفق الحرية، في الاختيار أولاً: اختيار وسيط الحضور والتواصل، واختيار طبيعة الحضور والتواصل، فأصبح لكل شخص الحرية أن يختار بين المنصات ما يريد وفقاً لأهدافه وتطلعاته ومعاييره الخاصة، دون أن تُفرض عليه منصة واحدة، أو طبيعة حضور معينة، أو طريقة تواصل معينة.
ويَعد المتخصصون في الإعلامِ الوجودَ الافتراضي امتداداً -بشكل ما- للوجود الفيزيائي (الواقعي) للإنسان، لذلك فإن قيمه الراسخة مثل (الحرية والمِلْكية الفردية والخصوصية الشخصية) تظل مثلما هي حين ينتقل للعالم الافتراضي، لكنها -بحكم الطبيعة التفاعلية العائمة للعالم الافتراضي في الإعلام الجديد- تواجه عدداً من التحديات التي تهددها (أي تهدد قيم الحرية والملكية والخصوصية)، وبالتالي تقود إلى حالة من انعدام الأمن الافتراضي.
من هنا تعمل الشركات الكبرى على إيجاد الحلول للحد من هذه التهديدات قدر الإمكان وذلك لكسب ثقة المستهدفين (الجمهور).. وتمثل ميزة (الحظر) في تويتر حلاً من هذه الحلول ليس أكثر.. هذا يعني أن الإعلام الجديد وفر للإنسان فرصةً لصناعة محيط افتراضي خاص (يملكه الشخص نفسه)، ويحدد فيه الطبيعةَ التي يريد أن يظهر بها، والطريقة التي يتواصل بها، والشريحة التي يريد -ولا يريد- أن يتواصل معها.. هذا هو المحيط الخاص (المنزل الافتراضي) الذي توفره منصة تويتر للإنسان في حضوره الافتراضي، وهو بذلك حين يختار أن يتابع حساباً أو لا يتابعه، أو يسمح لحساب أن يتابعه أو لا يسمح، فهو يمارس ما ضمنته له قيمه الراسخة، أي أنه يمارس حقه الشخصي في السيطرة على ما يملك، والحفاظ على خصوصيته الشخصية.. يظهر هنا أن الأمر لا يختلف كثيراً عن الواقع: فلو اتبعنا منطقَ الغذامي في مسألة الحجب، وطبقناها على العالم الواقعي، فسيكون اختيار الغذامي للحياة في منزلٍ به سور، وجدران، ونوافذ يغلقها متى ما شاء عمن يشاء -بناء على تعبير الغذامي نفسه- «ممارسةً دكتاتورية تدل على طاغية مخبوء... سيكبر لو كبرت ظروفه، ولن يختلف الطاغية الصغير عن الطاغية الكبير....».
وأنا أختلف مع هذا الرأي، وأعتقد أنه لا يتفق مع طبيعة التطور التقني المتمثل في «الإعلام الجديد»، ولا مفهوم الحضور الافتراضي وميكانيكيته الخاصة.. فهو رأيٌ يخلط بين مفهوميْ الفضاء العام والفضاء الخاص، كما أنه لا يبدو مدركاً للتغيير الذي أحدثته النقلة التكنولوجية في استغلالها لمفاهيم الحرية الفردية والخصوصية.
تمثل حالة التشظي والتعددية والاختلاف أهم سمات عصر ما بعد الحداثة، حيث تتشظى الأفكار إلى ما لا نهاية، وتتوالد الأدوات والقنوات وطرق التفكير والتعبير من بعضها، وتصبح الخيارات (اللامنتهية) هي الغاية المطلقة.. من هنا فإن من أهم ما فعله تويتر وبقية وسائل الاتصال ومنصات الإعلام الجديد أنها فتحت أفق الحرية، في الاختيار أولاً: اختيار وسيط الحضور والتواصل، واختيار طبيعة الحضور والتواصل، فأصبح لكل شخص الحرية أن يختار بين المنصات ما يريد وفقاً لأهدافه وتطلعاته ومعاييره الخاصة، دون أن تُفرض عليه منصة واحدة، أو طبيعة حضور معينة، أو طريقة تواصل معينة.
ويَعد المتخصصون في الإعلامِ الوجودَ الافتراضي امتداداً -بشكل ما- للوجود الفيزيائي (الواقعي) للإنسان، لذلك فإن قيمه الراسخة مثل (الحرية والمِلْكية الفردية والخصوصية الشخصية) تظل مثلما هي حين ينتقل للعالم الافتراضي، لكنها -بحكم الطبيعة التفاعلية العائمة للعالم الافتراضي في الإعلام الجديد- تواجه عدداً من التحديات التي تهددها (أي تهدد قيم الحرية والملكية والخصوصية)، وبالتالي تقود إلى حالة من انعدام الأمن الافتراضي.
من هنا تعمل الشركات الكبرى على إيجاد الحلول للحد من هذه التهديدات قدر الإمكان وذلك لكسب ثقة المستهدفين (الجمهور).. وتمثل ميزة (الحظر) في تويتر حلاً من هذه الحلول ليس أكثر.. هذا يعني أن الإعلام الجديد وفر للإنسان فرصةً لصناعة محيط افتراضي خاص (يملكه الشخص نفسه)، ويحدد فيه الطبيعةَ التي يريد أن يظهر بها، والطريقة التي يتواصل بها، والشريحة التي يريد -ولا يريد- أن يتواصل معها.. هذا هو المحيط الخاص (المنزل الافتراضي) الذي توفره منصة تويتر للإنسان في حضوره الافتراضي، وهو بذلك حين يختار أن يتابع حساباً أو لا يتابعه، أو يسمح لحساب أن يتابعه أو لا يسمح، فهو يمارس ما ضمنته له قيمه الراسخة، أي أنه يمارس حقه الشخصي في السيطرة على ما يملك، والحفاظ على خصوصيته الشخصية.. يظهر هنا أن الأمر لا يختلف كثيراً عن الواقع: فلو اتبعنا منطقَ الغذامي في مسألة الحجب، وطبقناها على العالم الواقعي، فسيكون اختيار الغذامي للحياة في منزلٍ به سور، وجدران، ونوافذ يغلقها متى ما شاء عمن يشاء -بناء على تعبير الغذامي نفسه- «ممارسةً دكتاتورية تدل على طاغية مخبوء... سيكبر لو كبرت ظروفه، ولن يختلف الطاغية الصغير عن الطاغية الكبير....».