الراحلون خلسة
تاريخ النشر: 20 مايو 2020 01:05 KSA
للدكتور عدنان اليافي كلمة أعتز بها كثيرًا:
«يابن صديقي، وصديقي، وصديق ابني».
عرفت الأستاذ الكبير عاصم حمدان صديقًا لوالدي، ومن باب «بر الابن بأهل ود أبيه» وجدتني حريصًا على صحبة تلك القامات الكبيرة التي ورثتها عن والدي الراحل، ولقناعتي أيضًا بأن الثقافة الحقة مزاج بين: القراءة، التأمل، السفر، ومصاحبة جيل من الكبار الذين لم يشعرونا يومًا رغم حداثة سننا بأي فوقية أو أفضلية، يدعموننا ويشعجوننا بالتعليق على ما نكتب ونقول.
كان الدكتور عاصم حمدان بحرًا من العلوم أظلته سماء زرقاء من الخلق الرفيع والأدب الجم، إن سألته عن اللغة العربية وجدته مرجعًا، وإن عرجت على الشأن البريطاني أدهشك بغزارة معلوماته عن «الماجنا كارتا» وحزب العمال والمرأة الحديدية، وقف ذات يوم بشمم في أمسية أقامها على شرفه أحد الشعراء وألقى بارتجال دون ورقة مكتوبة كلمة بلغة عربية سليمة وأسلوب خطابي عجيب أدهش جميع الحاضرين رغم ثقافتهم.
ورغم ذلك وجدناه مستمعًا مطرقًا بتواضع حين يتكلم الآخرون ضاربًا المثل لتواضع الكبار..
وكأني أشعر منذ يومين برحيل شخص عزيز في هذه الظروف، فوجدتني أكتب في مقال الأسبوع الماضي من هذا المنبر العريق الذي كتب هو فيه أيضًا:
«أيها الراحلون بصمت قد عجزت أأفرح (بظرف الأيام الفضيلة) أم أبكي على صمت الرحيل، لن يكون هناك وداع أخير، ولا أيام عزاء ترهق كاهل ذاك الفقير».
أيها الراحلون بصمت؛ كثيرًا ما غطت وفاة شخصية كبرى على شخصية كبرى أخرى، فلقد غطى موت (سعد زغلول) على رحيل المنفلوطي فلم يحضر جنازته إلا نفرٌ قليل فرثاه أحمد شوقي قائلا:
اخترت يوم الهولِ يوم وداعِ
ونعاك في عصفِ الرياح الناعي
ما ضرّ لو صبرت ركابك ساعة؟
كيف الوقوف إذا أهاب الداعي؟»
رحم الله العم عاصم وأسكنه فسيح جناته ورزقنا الصبر على فقده.
«يابن صديقي، وصديقي، وصديق ابني».
عرفت الأستاذ الكبير عاصم حمدان صديقًا لوالدي، ومن باب «بر الابن بأهل ود أبيه» وجدتني حريصًا على صحبة تلك القامات الكبيرة التي ورثتها عن والدي الراحل، ولقناعتي أيضًا بأن الثقافة الحقة مزاج بين: القراءة، التأمل، السفر، ومصاحبة جيل من الكبار الذين لم يشعرونا يومًا رغم حداثة سننا بأي فوقية أو أفضلية، يدعموننا ويشعجوننا بالتعليق على ما نكتب ونقول.
كان الدكتور عاصم حمدان بحرًا من العلوم أظلته سماء زرقاء من الخلق الرفيع والأدب الجم، إن سألته عن اللغة العربية وجدته مرجعًا، وإن عرجت على الشأن البريطاني أدهشك بغزارة معلوماته عن «الماجنا كارتا» وحزب العمال والمرأة الحديدية، وقف ذات يوم بشمم في أمسية أقامها على شرفه أحد الشعراء وألقى بارتجال دون ورقة مكتوبة كلمة بلغة عربية سليمة وأسلوب خطابي عجيب أدهش جميع الحاضرين رغم ثقافتهم.
ورغم ذلك وجدناه مستمعًا مطرقًا بتواضع حين يتكلم الآخرون ضاربًا المثل لتواضع الكبار..
وكأني أشعر منذ يومين برحيل شخص عزيز في هذه الظروف، فوجدتني أكتب في مقال الأسبوع الماضي من هذا المنبر العريق الذي كتب هو فيه أيضًا:
«أيها الراحلون بصمت قد عجزت أأفرح (بظرف الأيام الفضيلة) أم أبكي على صمت الرحيل، لن يكون هناك وداع أخير، ولا أيام عزاء ترهق كاهل ذاك الفقير».
أيها الراحلون بصمت؛ كثيرًا ما غطت وفاة شخصية كبرى على شخصية كبرى أخرى، فلقد غطى موت (سعد زغلول) على رحيل المنفلوطي فلم يحضر جنازته إلا نفرٌ قليل فرثاه أحمد شوقي قائلا:
اخترت يوم الهولِ يوم وداعِ
ونعاك في عصفِ الرياح الناعي
ما ضرّ لو صبرت ركابك ساعة؟
كيف الوقوف إذا أهاب الداعي؟»
رحم الله العم عاصم وأسكنه فسيح جناته ورزقنا الصبر على فقده.