في الدلائل المعرفية.. حتى الشيطان له خصوصية!
تاريخ النشر: 28 يونيو 2020 00:21 KSA
أتى على الناس -في عالمنا العربي- حين من الدهر؛ لا يعرفون من مادة «خاص» إلا سيارات النقل.. فهي إما عمومي «أجرة»، أو خصوصي.. وهكذا كانت المفردة تسير في إطارها الصحيح.. حتى استفاق البشر ذات صباح على كلمة «خصوصية»، فدبت كضيف ثقيل الدم، على السطح الإعلامي في كل مستويات خطاباته؛ كلمات لا تدل على معنى، في نفس الوقت الذي تدل فيه على كل المعاني.. إنها مثل المفتاح الذي يفتح كل الأبواب، ولا يصلح لباب واحد.
مفردات طارئة اكتشفنا -مصادفة- أنها أسقطت في أفواهنا؛ ونحن نلهو ونلعب في الصباح الباكر.. مفردات من نوعية «لنا خصوصية»، و»خصوصية التجربة»، و»نحن أمة لنا ذاكرة»..!
لقد كنا نتمتع بكثير من الغفلة، ووفير من الغباء، حيث لم يتوقف أحد منا سائلا نفسه سؤالا صغيرًا وهو: أين الخصوصية؟.
إذا كانت الخصوصية التي يفهمها أي عاقل.. فكل شعوب الأرض تملك خصوصية معينة، تدل على اختلاف، ولكن في ذات الوقت لا تعطي أي تفوق أو تقُّدم.
فجمهورية «مالي» -مثلا- لها خصوصية أنها «دولة حبيسة»، لا يحيطها أي بحر، لا بحر شعري، ولا مائي.
والصين -كذلك- لها خصوصية أنها أكبر دولة في سواد البشر، وكثرتهم، ومع هذا يمتازون بالحكمة والصمت، وهذه خصوصية ثانية.
وجريدة الشرق الأوسط تحمل اللون الأخضر؛ في غلافها الأمامي والخلفي، وهذه خصوصية لها، ولكن هل قَدم هذا (اللون الخاص) علامة بروز، ومباهاة؟.
والضب حيوان أحرش لا يشرب الماء، وهذه من خصوصياته، لكنها لم تجعل منه حيوانًا يشبه الأسد.
والكلب -الخل الوفي- هو من أسرع الحيوانات ركضًا وجريًا وعدَوًا، وهذه من «خصوصياته»، ومع ذلك لم يشبه الخيل؛ التي عقد في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، فلا يكفي أن نقطع ذيل الكلب، لكي يشبه الحصان... وهكذا!.
يقول الكاتب الكبير «عبدالحميد البكوش» -رحمه الله- في كلام كأنه السحر: (إن ما نسميه حضارتنا، هو في ميزان القوة في هذا العصر؛ مجرد تاريخ، وبعض الخصوصيات.. أما في ميزان المنجزات والقدارت؛ فإن كفتنا غير صالحة للترجيح.. ولعله علينا -كعرب ومسلمين- أن نحذر من الانسياق وراء الإحساس بالتمُّيز الحضاري، فليس تمُّيزنا إلا مجرد اختلاف عن الغير، وهو اختلاف لا يدل على أي تفُّوق، ولعل ما ينتظرنا من الأضرار؛ غير عائد إلى استعداد حضارة أخرى للانقضاض علينا، بقدر ما هو عائد إلى احتمال اندفاعنا إلى صدام؛ لا نملك فرصة الكسب فيه).
إننا إزاء مرض كبير، يسُّد الأفق، ويجعل على الأبصار غشاوة سميكة، فَمن يسأل نفسه؟ ولماذا؟ ولِمَ؟ طالما أننا قوم لنا خصوصية مفادها (أننا نسأل الناس ونقيمهم ونحدد مصيرهم ونصنفهم، ولا يحق لأحد من البشر أن يسأل عن أخطائنا، أو يصنفنا أو يقيمنا).
حسنا .. ماذا بقي ؟
بقى القول؛ لقد تذكرت شيئًا مريرًا قرأته قبل سنتين مفاده: أن إبليس -عليه من الله ما يستحق- له خصوصيات كثيرة، لأنه الوحيد، الذي أبى أن يسجد، والوحيد الذي عصى.. والوحيد الذي قال «أنا».. والوحيد الذي خلق من نار.. والوحيد الذي استجاب الله له بطول العمر، وجعله من «المنظرين» إلى يوم يبعث الناس أجمعين.
إنها ليست خصوصية واحدة لإبليس، ولا اثنتين ولا ثلاث، بل هي (حزمة) عريضة من الخصوصيات.. أعاذنا الله من كل خصوصية وكبر، وتعالى وتكُّبر.
مفردات طارئة اكتشفنا -مصادفة- أنها أسقطت في أفواهنا؛ ونحن نلهو ونلعب في الصباح الباكر.. مفردات من نوعية «لنا خصوصية»، و»خصوصية التجربة»، و»نحن أمة لنا ذاكرة»..!
لقد كنا نتمتع بكثير من الغفلة، ووفير من الغباء، حيث لم يتوقف أحد منا سائلا نفسه سؤالا صغيرًا وهو: أين الخصوصية؟.
إذا كانت الخصوصية التي يفهمها أي عاقل.. فكل شعوب الأرض تملك خصوصية معينة، تدل على اختلاف، ولكن في ذات الوقت لا تعطي أي تفوق أو تقُّدم.
فجمهورية «مالي» -مثلا- لها خصوصية أنها «دولة حبيسة»، لا يحيطها أي بحر، لا بحر شعري، ولا مائي.
والصين -كذلك- لها خصوصية أنها أكبر دولة في سواد البشر، وكثرتهم، ومع هذا يمتازون بالحكمة والصمت، وهذه خصوصية ثانية.
وجريدة الشرق الأوسط تحمل اللون الأخضر؛ في غلافها الأمامي والخلفي، وهذه خصوصية لها، ولكن هل قَدم هذا (اللون الخاص) علامة بروز، ومباهاة؟.
والضب حيوان أحرش لا يشرب الماء، وهذه من خصوصياته، لكنها لم تجعل منه حيوانًا يشبه الأسد.
والكلب -الخل الوفي- هو من أسرع الحيوانات ركضًا وجريًا وعدَوًا، وهذه من «خصوصياته»، ومع ذلك لم يشبه الخيل؛ التي عقد في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، فلا يكفي أن نقطع ذيل الكلب، لكي يشبه الحصان... وهكذا!.
يقول الكاتب الكبير «عبدالحميد البكوش» -رحمه الله- في كلام كأنه السحر: (إن ما نسميه حضارتنا، هو في ميزان القوة في هذا العصر؛ مجرد تاريخ، وبعض الخصوصيات.. أما في ميزان المنجزات والقدارت؛ فإن كفتنا غير صالحة للترجيح.. ولعله علينا -كعرب ومسلمين- أن نحذر من الانسياق وراء الإحساس بالتمُّيز الحضاري، فليس تمُّيزنا إلا مجرد اختلاف عن الغير، وهو اختلاف لا يدل على أي تفُّوق، ولعل ما ينتظرنا من الأضرار؛ غير عائد إلى استعداد حضارة أخرى للانقضاض علينا، بقدر ما هو عائد إلى احتمال اندفاعنا إلى صدام؛ لا نملك فرصة الكسب فيه).
إننا إزاء مرض كبير، يسُّد الأفق، ويجعل على الأبصار غشاوة سميكة، فَمن يسأل نفسه؟ ولماذا؟ ولِمَ؟ طالما أننا قوم لنا خصوصية مفادها (أننا نسأل الناس ونقيمهم ونحدد مصيرهم ونصنفهم، ولا يحق لأحد من البشر أن يسأل عن أخطائنا، أو يصنفنا أو يقيمنا).
حسنا .. ماذا بقي ؟
بقى القول؛ لقد تذكرت شيئًا مريرًا قرأته قبل سنتين مفاده: أن إبليس -عليه من الله ما يستحق- له خصوصيات كثيرة، لأنه الوحيد، الذي أبى أن يسجد، والوحيد الذي عصى.. والوحيد الذي قال «أنا».. والوحيد الذي خلق من نار.. والوحيد الذي استجاب الله له بطول العمر، وجعله من «المنظرين» إلى يوم يبعث الناس أجمعين.
إنها ليست خصوصية واحدة لإبليس، ولا اثنتين ولا ثلاث، بل هي (حزمة) عريضة من الخصوصيات.. أعاذنا الله من كل خصوصية وكبر، وتعالى وتكُّبر.