الحج وتحولات الأمن... حقائق مثيرة لمثقفين عرب...!!

.. إذا كان الأمن قوام الحياة بعامة.. فإن الأمن بالنسبة للحجاج قديمًا كان يمثل أهم وأخطر قضية يتوجسونها ويعانون منها.. وذلك نتيجة ما كان يواجهونه من قطاع طرق وسلب ونهب...!!

*****


.. وعندما تكون رصاصة قاطع الطريق أغلى من روح حاج.. وعندما يرى اللص الريال الوحيد الذي وجده في جيب حاج أرداه أحسن من لاشيء، فإن هذا يأخذنا إلى أقصى درجات الاستهتار بأرواح الناس، ويأخذنا إلى درجة متطرفة جدًا في انعدام الأمن...!!

*****


.. هذا في السبل وطرق القوافل، ويحدث الشيء ذاته حتى في داخل المشاعر المقدسة، فالحجاج لا يستطيعون الذهاب إلى جبل النور إلا جماعات وبالسلاح كما يقول بعض المؤرخين...!!

*****

.. ومن نجا من قطاع الطرق فقد لا ينجو من العطش والكوارث الطبيعية والوحوش عبر تلك الصحاري والفيافي الطوال...!!

*****

.. باختصار.. فإن مقولة: «الذاهب إلى الحج مفقود والعائد منه مولود» تعبر عن «كم» الأخطار التي كان يواجهها قاصدوا بيت الله الحرام..!!

*****

.. ومع طلائع العهد السعودي اختلف الوضع تمامًا، رغم أن ما بين حد الفوضى والخوف، وحد الأمن المطلق مجرد فاصلين زمنيين، يشبهان حد الشعرة لا أكثر.. ومع ذلك تحول الوضع بشكل مذهل بما يشبه الأساطير لولا أنه غدى حقائق تتناقلها الركبان...

*****

.. سأنقل لكم ثلاثة مشاهد من تلك الحقائق الأمنية المثيرة رصدها لنا ثلاثة من كبار الكُتاب العرب..

*****

.. شكيب ارسلان الذي حج عام 1348 وهو في الطريق إلى الطائف سقطت منه عباءته السوداء، وكان الحجاج يمرونها ويرونها فلم يلمسها أحد.. حتى أرسل لها أمير الطائف من يأتي بها، ثم سأل الوفد إن كان أحدًا فقد شيئًا من حوائجه وأعادها إلى ارسلان..

*****

.. وكان ابراهيم المازني قد سقطت منه عصاه في ابرق الرغامة وهو في طريقه الى مكة.. وأثناء مستراحهم في الشميسي فوجئ بمسؤول الشرطة يسأل عن صاحبها..

*****

.. ويروي عباس متولي الذي حج عام 1354 بأن سيارتهم تعطلت وهم في الطريق إلى المدينة، جاءهم بعض الأعراب يطلبون إحسانًا، فقلت لأحدهم مد يدك وخذ من جيبي، لكنه خاف وتراجع وهو يقول: «حرام عليك أتريد قطع يدي؟»، وظل ممسكًا يده حتى أعطيته، وبقينا حتى ساعة متأخرة من الليل والأعراب أعطونا الماء واللبن وأكرمونا ولم يمسنا أحد بسوء..

*****

.. وذهل بعض الرحالة من مشهد دكاكين مفتوحة لا يغطيها إلا قطعة قماش وأصحابها ذهبوا للصلاة ولم يقترب منها أحد...!!

*****

.. وتعجب أحدهم من رجل كان يدور بين الناس رافعًا كيس نقود وهو يصيح لمن هذا...؟!!

*****

.. هذه المشاهد جعلت بعض المثقفين يقولون بأن صحاري الحجاز وفيافي نجد أأمن من شوارع الحواضر الأوروبية... وجعلتهم يؤكدون بأنه «لو لم يكن لهذا الحكم السعودي إلا هذه الأمنة الوارفة الظلال على الأرواح والأموال لكان ذلك كافيًا في استجلاب القلوب واستقطاب الألسن في الثناء عليه»...

*****

.. نعرف أن التحولات تحدث.. هكذا يقول منطوق التاريخ.. لكن عصا موسى التي تركت البحر رهوًا لم تعد موجودة.. هناك فرضيات مرحلية وزمنية تحتكم إليها قوانين التحولات.. لكن في التحول الأمني (هنا) وبهكذا سرعة الوضع مختلف فما هو السر في هذا...؟!!

.. السر ببساطة في تطبيق الشريعة.. في «الدين» كل حلولنا.. ويظل الفرق فقط في من يطبقه.. ومن يزايد به أوعليه...!!

أخبار ذات صلة

«اسحب على الجامعة يا عم»!!
حكاية مسجد في حارتنا..!!
شر البلية ما يُضحك
أطفالنا والشاشات
;
الرد على مزاعم إسلام بحيري في برنامجه إسلام حر
السعودية ومرحلة الشراكة لا التبعية
جلسات علمية عن الخلايا الجذعية
الشقة من حق الزوجة
;
المزارات في المدينة المنوَّرة
خطورة المتعاطف المظلم!
خطورة المتعاطف المظلم!
لماذا يحتاج العالم.. دبلوماسية عامة جديدة؟!
أدب الرحلات.. والمؤلفات
;
كيف نقضي على أساليب خداع الجماهير؟!
المتقاعدون والبنوك!!
د. عبدالوهاب عزام.. إسهامات لا تُنسى
فلسفة الحياة.. توازن الثنائيات