المقارنة المضللة..!!

ننشغل كثيراً في مقارنة حياتنا، ويظل يلازمنا موضوع المقارنة بيننا وبين أبنائنا مع الآخرين بشكل دائم، وكأن الموضوع فيه منافسة أو حتى مسابقة، ولكن الحقيقة بأن هذه المقارنات أصبحت تمثل عائقاً أمام سلوكنا وتصرفاتنا المستقبلية، وهو حال أصبح مزعجاً وملفتاً، وظاهرة تستحق الوقوف والتصدي لها بكل قوة وعزم من الجميع.

بداية الأمر لو عدنا الى الوراء لوجدنا الكثيرين منا يستخدمون أسلوب التفريق والمقارنة في التربية، ونجد أن ابن العم أو ابن الخال أو حتى الأخ أو الأخت أو حتى ابن الجيران أو أبناء الأقارب وغيرهم، هم من يمثلون لك المعيار الحقيقي في تربيتك وتنشئتك بل وفرض السلوكيات المختلفة عليك، ورغم أنك لا حول لك ولا قوة ولأنك طفل، تجد الآباء والأمهات يعتمدون على نموذج المقارنة بينك وبينهم، «شوف ابن عمك ينام بدري، شوف ابن خالك يأكل جيداً، شوف ابن بنت عمة أمك كيف متفوقة بالدراسة، وشوف بنت خالة صاحبة جارتنا كيف مقدار ذكائها، وأنت فينك من فلان وعلان في الهدوء والاتزان، وشوف أخوك الكبير ما تعبني زيك، وشوفي أختك الصغيرة أعقل منك»، وغيرها من الصور الكثيرة التي رأيناها وعشناها وسمعنا عنها والتي لا تكاد تخلو من أي أسرة ومنزل، ومع الأسف هذه الصور مستمرة حتى يومنا هذا بشكل نسبي ومتطور.


والله أن هذا الأمر مزعج جداً للجميع، والأمر الأصعب أن هذا الأمر يترك أثراً سلبياً في التربية بين الأبناء داخل الأسرة الواحدة أولاً ومن ثم داخل منظومة المجتمع التي تحيا على المقارنة بين الإنسان في كل حالاته وظروف معيشته، متناسين أمراً واقعياً بأن لكل انسان صفاته المختلفة ومقدرته العقلية والجسمية والإدراك والتبصر والموهبة والإبداع والتفوق والتمييز، الذي يختلف به عن الآخرين حتى وأن كانا من أسرة واحدة، فلا يمكن أن تتطابق هذه الصفات أو القدرات مهما تقاربت، وعلينا أن نتقبل هذا الأمر ونتعامل به بشكل ملموس.

التربية والتنشئة بالمقارنة أسلوب خاطئ يدفع ثمنه الأهل قبل الأبناء، ولا يحقق أي فائدة سوى خَلق فجوة يملؤها الحقد والكراهية والغل والحسد بين المقارنين، ولن يجنى منها إلا مزيد من السلوكيات غير المنتظمة وغير السوية في أكثر الأحيان ، وأحياناً أخرى تولد الاكتئاب والانطوائية لعدم المقدرة على وصول الشخص الى مقارنه في مقارنة غير عادلة بكل أبعادها.


دع كل من يهمك أن ينشأ وفق قدراته المختلفة، ودورك له فقط في غرس الدين والقيم وتعزيز الموهبة والدعم والحماية حتى يصل مرحلة النضج ويستطيع اتخاذ قرارات حياته بنفسه، وليس لك إلا الدعاء له بالهداية والتوفيق والنصح المستمر.

أخبار ذات صلة

قراءة متأنية لرواية «رحلة الدم» لإبراهيم عيسى (3)
لماذا إسبانيا؟!
الموانئ والجاذبية في الاستثمار
احذروا ديوانيَّة الإفتاء!!
;
قصة عملية مياه بيضاء..!!
منتجات المناسبات الوطنية!
القيادة.. ودورها في تمكين المرأة للتنمية الوطنية
الرُهاب الفكري!
;
(1) رجب.. ووهم فجوة الأجيال
علماء ساهموا في بناء الحضارة الإنسانية
في ذكرى اليوم الوطني الرابع والتسعين
رسالة نافذة
;
صهــــرجة
النافذة المكسورة!!
التنمية.. والسياحة
مبادرة سعودية رائدة.. تُعزز القطاع غير الربحي