اللغة العربية في القنوات الإذاعية!
تاريخ النشر: 24 ديسمبر 2020 00:05 KSA
وفقاً للغة الرموز الحالية (أعني الايموجي)، يمكن أن أضع قلباً مكسوراً بعد العنوان أعلاه، بعضكم قد يضعه غير مكسور، وربما يضع آخرون وجهاً يضحك، أو يبكي، أو يولول (ولي ولي يا ويلَ لي). هذا -ربما- يلخّص موقف الناس المتباين من علاقة اللغة العربية بالإذاعة، وبالمذيعين والمذيعات.
في كل عام تشارك قنوات الإذاعة في الاحتفاء بيوم اللغة العربية ببرامج مختلفة وفقرات متنوعة، وهي بادرة جميلة، ونبيلة من الإذاعات ومن مسؤولي البرامج فيها، إيماناً بالدور الذي تلعبه هذه الإذاعات في دعم القضايا الوطنية ثقافياً واجتماعياً.. حضرتُ في عدة مرات بصفتي ضيفاً في هذه القنوات للحديث حول اللغة، وقضايا اللغة وتحدياتها.. (أخشى أني سأفقد هذه الحظوة بعد هذا المقال... لكنّ أجري على الله).
لابد أن أستدرك هنا، أن تعامل هذه القنوات مع اللغة العربية إجمالاً لا يدعو للتفاؤل، بل إن الدور الذي تقوم به كثير من برامج هذه القنوات -في هذا السياق- عكسي للأسف.. لا أعتقد أن أحداً يجادل حول جماهيرية القنوات الإذاعية المختلفة، وعددها اليوم ليس قليلاً كما يلاحظ الجميع، كما أن استمرار نجاحها يعتمد على عوامل كثيرة من أهمها في رأيي أن الناس يقضون في سياراتهم فترات طويلة، لذلك يفضّل كثير منهم (وأنا أحدهم) الاستماع للإذاعة، متنقلاً بين الأخبار، والأغاني، والبرامج الحوارية الرياضية والاجتماعية والثقافية.
لن أتحدث هنا عن الإفراط الواضح في الاعتماد على اللهجات وعلى العامية الصرفة في هذه الإذاعات، ولا عن قضايا الازدواج اللغوي وخلط العربي بغيره في مختلف البرامج، كما أنني لن أقف عند مسميات البرامج والفقرات التي اختارت الإنجليزية (تسويقاً وتباهياً) رغم وجود كلمات عربية جميلة تفي بالغرض، هناك برنامج يدعى (لوكيشن)، لا أعلم ما المشكلة في كلمة (موقع)، وكذلك مانشيت، وتوب تن، وكوكتيل، وديبيت، وتوكبوينت.... وغيرها. لا أعلم حقيقة ما الذي يجعل هذه الكلمات أفضل من نظيراتها العربية لتحمل مسميات البرامج. (عملت في الصحافة لسنين، ولم أجد نفسي في حاجة للاعتماد على لغة غير لغتي في تسمية الصفحات، أو الزوايا).
المشكلة هنا ليست في الاعتماد على البديل الأجنبي كما ترون، بل في الاعتقاد والإيمان أن هذا البديل الأجنبي (اللفظ أو الجملة أو التسمية) يحمل قدرةً دلالية أكبر أو أجمل من نظيره العربي! فكروا الآن في الرسالة التي يوصلها مثل هذا الاعتقاد لأجيال تتابع، وتهتم بهذه القناة أو تلك.
قبل أسبوع كنت أستمع لمذيعة عربية في إذاعة سعودية تقول: جاء الآن فقرة (القوسيب gossip)، ثم تضحك... وترفض لفظة (إشاعة) العربية، مبررةً بأن الكلمة العربية -عكس الإنجليزية- تحمل دلالة سلبية!! من يقول لها: إن هذا مجردُ وهم «معشعش» في رأسها لا أكثر، وإن ثقافتها اللغوية «المشعشعة» جعلها تفضّل اللفظة الإنجليزية التي لا تختلف عن العربية في حمولاتها الدلالية؟
في برنامج حواري شهير، تجادل المذيعان مع متصلٍ ما، حول قضية ما، فإذا بأحد المذيعيْن يقفز (وكأن شيئاً قرصه) ليقول: «احنا ما نبي البرنامج يتحول لرسميات مملة، ويكون كلامنا بالفصحى» (ثم أضاف عبارة فصيحة لتكون مثالاً على هذا الطرح الرسمي الممل)!! ماذا تفعل يا أبو الشباب؟ من يعلّم هذا المذيع (الملقوص) خطأ فكرته وخطرها على السامعين حين يربط بين الفصحى وبين السلبية والملل بهذه الطريقة؟
مذيع آخر كان يتباهى بالقول: الإنجليز عندهم تعبير حلو ما هو موجود عندنا في العربية؟؟ من كذب عليك بهذه المعلومة يا أصمعي اللغات!! العربية لديها كل شيء، لكنك أنت.. أنت لا تعرف. والعيب -هنا- ليس أنك لا تعرف!! العيب أن تنسبَ الجهل للغة.. واللغة بريئة والله من جهلكِ وقلة حيلتك!
في كل عام تشارك قنوات الإذاعة في الاحتفاء بيوم اللغة العربية ببرامج مختلفة وفقرات متنوعة، وهي بادرة جميلة، ونبيلة من الإذاعات ومن مسؤولي البرامج فيها، إيماناً بالدور الذي تلعبه هذه الإذاعات في دعم القضايا الوطنية ثقافياً واجتماعياً.. حضرتُ في عدة مرات بصفتي ضيفاً في هذه القنوات للحديث حول اللغة، وقضايا اللغة وتحدياتها.. (أخشى أني سأفقد هذه الحظوة بعد هذا المقال... لكنّ أجري على الله).
لابد أن أستدرك هنا، أن تعامل هذه القنوات مع اللغة العربية إجمالاً لا يدعو للتفاؤل، بل إن الدور الذي تقوم به كثير من برامج هذه القنوات -في هذا السياق- عكسي للأسف.. لا أعتقد أن أحداً يجادل حول جماهيرية القنوات الإذاعية المختلفة، وعددها اليوم ليس قليلاً كما يلاحظ الجميع، كما أن استمرار نجاحها يعتمد على عوامل كثيرة من أهمها في رأيي أن الناس يقضون في سياراتهم فترات طويلة، لذلك يفضّل كثير منهم (وأنا أحدهم) الاستماع للإذاعة، متنقلاً بين الأخبار، والأغاني، والبرامج الحوارية الرياضية والاجتماعية والثقافية.
لن أتحدث هنا عن الإفراط الواضح في الاعتماد على اللهجات وعلى العامية الصرفة في هذه الإذاعات، ولا عن قضايا الازدواج اللغوي وخلط العربي بغيره في مختلف البرامج، كما أنني لن أقف عند مسميات البرامج والفقرات التي اختارت الإنجليزية (تسويقاً وتباهياً) رغم وجود كلمات عربية جميلة تفي بالغرض، هناك برنامج يدعى (لوكيشن)، لا أعلم ما المشكلة في كلمة (موقع)، وكذلك مانشيت، وتوب تن، وكوكتيل، وديبيت، وتوكبوينت.... وغيرها. لا أعلم حقيقة ما الذي يجعل هذه الكلمات أفضل من نظيراتها العربية لتحمل مسميات البرامج. (عملت في الصحافة لسنين، ولم أجد نفسي في حاجة للاعتماد على لغة غير لغتي في تسمية الصفحات، أو الزوايا).
المشكلة هنا ليست في الاعتماد على البديل الأجنبي كما ترون، بل في الاعتقاد والإيمان أن هذا البديل الأجنبي (اللفظ أو الجملة أو التسمية) يحمل قدرةً دلالية أكبر أو أجمل من نظيره العربي! فكروا الآن في الرسالة التي يوصلها مثل هذا الاعتقاد لأجيال تتابع، وتهتم بهذه القناة أو تلك.
قبل أسبوع كنت أستمع لمذيعة عربية في إذاعة سعودية تقول: جاء الآن فقرة (القوسيب gossip)، ثم تضحك... وترفض لفظة (إشاعة) العربية، مبررةً بأن الكلمة العربية -عكس الإنجليزية- تحمل دلالة سلبية!! من يقول لها: إن هذا مجردُ وهم «معشعش» في رأسها لا أكثر، وإن ثقافتها اللغوية «المشعشعة» جعلها تفضّل اللفظة الإنجليزية التي لا تختلف عن العربية في حمولاتها الدلالية؟
في برنامج حواري شهير، تجادل المذيعان مع متصلٍ ما، حول قضية ما، فإذا بأحد المذيعيْن يقفز (وكأن شيئاً قرصه) ليقول: «احنا ما نبي البرنامج يتحول لرسميات مملة، ويكون كلامنا بالفصحى» (ثم أضاف عبارة فصيحة لتكون مثالاً على هذا الطرح الرسمي الممل)!! ماذا تفعل يا أبو الشباب؟ من يعلّم هذا المذيع (الملقوص) خطأ فكرته وخطرها على السامعين حين يربط بين الفصحى وبين السلبية والملل بهذه الطريقة؟
مذيع آخر كان يتباهى بالقول: الإنجليز عندهم تعبير حلو ما هو موجود عندنا في العربية؟؟ من كذب عليك بهذه المعلومة يا أصمعي اللغات!! العربية لديها كل شيء، لكنك أنت.. أنت لا تعرف. والعيب -هنا- ليس أنك لا تعرف!! العيب أن تنسبَ الجهل للغة.. واللغة بريئة والله من جهلكِ وقلة حيلتك!