اللمس في عهد كورونا
تاريخ النشر: 30 مارس 2021 01:11 KSA
عندما أخذت التطعيم ضد كورونا في المبنى القديم لصالة السعودية بمطار الملك عبد العزيز في جدة أعجبني التنظيم الرائع ابتداء من دخول السيارة للمواقف وانتهاء بالخروج من المبنى مع ابتسامة لطيفة من الشباب العاملين هناك بعد أخذ الجرعة من طبيب شاب دمث الخلق والسرعة التي تم بها الأمر والسهولة في كل ذلك. واعتقدت حينها أن هذا الموقع تميز بكل الصفات الإيجابية لأسمع بعدها من كل من أخذ التطعيم في مواقع أخرى بجدة أو الرياض أو غيرهما يردد الإعجاب بما تقوم به الدولة من توفير اللقاح وتنظيم المواعيد على الإنترنت وكذلك تدريب القائمين على خدمة من يتم توفير اللقاح لهم، على أسلوب التعامل مع المراجعين وكيفية تسريع وتسهيل الخدمة ليس بالنسبة للمواطنين فحسب بل كذلك للمقيمين أيضاً وبدون أي مقابل. وأشعر فعلاً بالفخر لأن دولتنا وفرت اللقاح للجميع وأتاحت للمقيم أيضاً أن يتلقاه مجاناً وبسهولة ويسر يتغنى بها كل من ذهب الى مراكز أخذ اللقاح. وتوسعت هذه الخدمة مؤخراً حتى يمكن لأكبر عدد من الناس تلقي اللقاح بتوفير هذه الخدمة في مستشفيات ومصحات خاصة وفي عدد من الصيدليات، وكل ذلك على حساب الدولة.
وكثيراً ما أمزح مع بعض الأصدقاء في أوروبا الذين أتحدث معهم هاتفياً حول تخلف بلدانهم عن توفير اللقاح لهم، أكان في بريطانيا، التي وفرت جزءاً كبيراً منه بعد أخطاء بيروقراطية، أو أوروبا التي تعاني من نظامها البيروقراطي الذي يؤخر الاتفاق فيما بين دول الاتحاد الأوربي على نوع الأدوية وإجازتها وطريقة توزيعها لأن ذلك يتطلب موافقة جماعية من دول الاتحاد ونشأ أخيراً خلاف حاد بين بريطانيا ودول الاتحاد يتعلق خاصة باستيراد البريطانيين لكميات كبيرة من لقاح أسترازينيكا- أكسفورد الذي ينتج في معامل إسترازينيكا السويدية، بينما يعاني الأوربيون من عدم توفير كميات كافية لهم بسبب عدم اتفاق الدول الأوربية على إجازة اللقاحات وغيرها من ضرورات مكافحة الوباء نتيجة لاستقلالية أداء البيروقراطية الخاصة بكل دولة منها وهو ما أثر أيضاً على نقص الكمامات وأجهزة التنفس الصناعي بالإضافة الى معدات اختبارات الكشف عن الإصابة بالوباء. وليست أوربا الوحيدة التي تشكو من سوء الإدارة لهذه الأزمة بل هناك دول أخرى تعاني من نفس الأمر.
واندفع بعض السياسيين لاستخدام الجائحة كأداة سياسية حيث وصف الرئيس الفرنسي، أيمانويل ماكرون، أزمة توفير اللقاحات بالقول إنها «حرب عالمية من جديد»، متهماً الصين وروسيا باستخدام اللقاحات لممارسة ضغوط سياسية على الدول الأخرى. بينما سعى الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، الى الإيحاء بأن كورونا هي وباء صيني يتم تصديره في حرب كيماوية، الأمر الذي دفع ببعض الأميركيين الى الاعتداء على مواطنيهم من أصول آسيوية. وتعود نسبة الوباء للصين بسبب بداية انتشاره فيها مثلما كان الحال بوصف إنفلونزا قاتلة تحولت الى جائحة عالمية خلال الأعوام 1918 الى 1920 في أعقاب الحرب العالمية الأولى، إذ لم يكن مصدر الجائحة أسبانيا، ولكن نتيجة للحرب العالمية الأولى فإن الرقابة منعت نشر التقارير المبكرة عن المرض والوفيات الناتجة عنه للمحافظة على المعنويات في ألمانيا وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية، ولكنها لم تتشدد في نشر أخبار انتشار الوباء في أسبانيا التي كانت محايدة حينها، خاصة عندما أصيب بها الملك، وانتشر الخبر على نطاق واسع مما أعطى الانطباع بأن مصدر الوباء أسبانيا، وأطلق عليه مسمى «الإنفلونزا الأسبانية».
ما حرمنا منه الوباء الاتصال الشخصى عن قرب، أي اللمس الذي يعطيك إحساساً بالحياة، فالبشر عبر التاريخ يعيشون في جماعات ويتفاعلون باللمس، يتصافحون ويتعانقون ويربتون على بعضهم البعض. هذا الإحساس بالحرمان غير مريح، وهناك دراسات الآن تتعلق بهذا الأمر وتأثيره على نفسية البشر وكيفية تعاملهم مع بعضهم البعض. وعندما أخذت الجرعة الثانية من اللقاح سارعت الى أصدقاء للمصافحة والملامسة، ولكن الجميع خائف من العدوى، وبعضهم ينتظر أن يتطعم أعداد كافية من الناس ليحمي كل واحد منهم نفسه بحماية تطعيمه ولا يصاب بالعدوى أو ينقلها .
وكثيراً ما أمزح مع بعض الأصدقاء في أوروبا الذين أتحدث معهم هاتفياً حول تخلف بلدانهم عن توفير اللقاح لهم، أكان في بريطانيا، التي وفرت جزءاً كبيراً منه بعد أخطاء بيروقراطية، أو أوروبا التي تعاني من نظامها البيروقراطي الذي يؤخر الاتفاق فيما بين دول الاتحاد الأوربي على نوع الأدوية وإجازتها وطريقة توزيعها لأن ذلك يتطلب موافقة جماعية من دول الاتحاد ونشأ أخيراً خلاف حاد بين بريطانيا ودول الاتحاد يتعلق خاصة باستيراد البريطانيين لكميات كبيرة من لقاح أسترازينيكا- أكسفورد الذي ينتج في معامل إسترازينيكا السويدية، بينما يعاني الأوربيون من عدم توفير كميات كافية لهم بسبب عدم اتفاق الدول الأوربية على إجازة اللقاحات وغيرها من ضرورات مكافحة الوباء نتيجة لاستقلالية أداء البيروقراطية الخاصة بكل دولة منها وهو ما أثر أيضاً على نقص الكمامات وأجهزة التنفس الصناعي بالإضافة الى معدات اختبارات الكشف عن الإصابة بالوباء. وليست أوربا الوحيدة التي تشكو من سوء الإدارة لهذه الأزمة بل هناك دول أخرى تعاني من نفس الأمر.
واندفع بعض السياسيين لاستخدام الجائحة كأداة سياسية حيث وصف الرئيس الفرنسي، أيمانويل ماكرون، أزمة توفير اللقاحات بالقول إنها «حرب عالمية من جديد»، متهماً الصين وروسيا باستخدام اللقاحات لممارسة ضغوط سياسية على الدول الأخرى. بينما سعى الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، الى الإيحاء بأن كورونا هي وباء صيني يتم تصديره في حرب كيماوية، الأمر الذي دفع ببعض الأميركيين الى الاعتداء على مواطنيهم من أصول آسيوية. وتعود نسبة الوباء للصين بسبب بداية انتشاره فيها مثلما كان الحال بوصف إنفلونزا قاتلة تحولت الى جائحة عالمية خلال الأعوام 1918 الى 1920 في أعقاب الحرب العالمية الأولى، إذ لم يكن مصدر الجائحة أسبانيا، ولكن نتيجة للحرب العالمية الأولى فإن الرقابة منعت نشر التقارير المبكرة عن المرض والوفيات الناتجة عنه للمحافظة على المعنويات في ألمانيا وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية، ولكنها لم تتشدد في نشر أخبار انتشار الوباء في أسبانيا التي كانت محايدة حينها، خاصة عندما أصيب بها الملك، وانتشر الخبر على نطاق واسع مما أعطى الانطباع بأن مصدر الوباء أسبانيا، وأطلق عليه مسمى «الإنفلونزا الأسبانية».
ما حرمنا منه الوباء الاتصال الشخصى عن قرب، أي اللمس الذي يعطيك إحساساً بالحياة، فالبشر عبر التاريخ يعيشون في جماعات ويتفاعلون باللمس، يتصافحون ويتعانقون ويربتون على بعضهم البعض. هذا الإحساس بالحرمان غير مريح، وهناك دراسات الآن تتعلق بهذا الأمر وتأثيره على نفسية البشر وكيفية تعاملهم مع بعضهم البعض. وعندما أخذت الجرعة الثانية من اللقاح سارعت الى أصدقاء للمصافحة والملامسة، ولكن الجميع خائف من العدوى، وبعضهم ينتظر أن يتطعم أعداد كافية من الناس ليحمي كل واحد منهم نفسه بحماية تطعيمه ولا يصاب بالعدوى أو ينقلها .