منتدى
بين (ارقص) و (سين) مئات السنين
تاريخ النشر: 26 يونيو 2021 01:14 KSA
سأل اللاعب السابق ومقدم برنامج المواهب حاليًا، طفلة بريئة عن مُتطلبات الشهرة في وقتنا الحالي، فأجابته بعفوية الأطفال: (ارقص).. وبقدر ما كانت إجابتها صادمة ومُضحكة بقدر ما كانت صادقة ومُحزنة، بدون لف أو دوران، وبتسمية الأشياء بأسمائها، وبكلمة واحدة، اختصرت فيها واقع التفاهة، ووصفت بها كل التافهين، فمن راقصٍ بخَصره إلى راقصٍ بعقله إلى متراقصٍ بلسانه كذِبًا وجهلًا. (من رقص نقص) قالها العُقلاء كبديهة لا تحتاج شرحًا ولا اقناعًا، فمتى كانت الشمس تحتاج إلى دليل على وجودها، لكن الكائنات الرخويّة التافهة تبحث عن الصواب وتفعل عكسه، وعذرهم في هذا عدد المُشاهدات و(اللايكات) و(الترندات)، هذه معاييرهم للحكم على الأفعال، حتى وإن صادمت شرعًا، أو خدشت عُرفًا، أو خالفت قانونًا، فالشرع والعُرف والقانون يخسرون في مواجهة إثارة الجدل، فلا خوف من الله عز وجل، ولا حياء من الناس أو خجل. بضدها تتميّز الأشياء، التفاهة تقابل الرزانة، والسطحيّة تقابل العُمق، وهؤلاء الراقصون التافهون توهّموا بسبب كثرة الأتباع، أنهم فعلًا مؤثرين، فأصبحوا يتفلسفون ويُنظّرون، وفي كل شيء يتكلمون، حتى في مسائل الدين يُفتون، والنتيجة كما نسمع ونُشاهد كل يوم، طوام تنتشر بين العوام، وحماقات تُرتكبُ هنا وهناك، وكأن الحياء انتهى، أو أن المنطق انتحر. عاد لنا الإعلامي القدير (أحمد الشقيري) في رمضان هذا العام، وأعاد لنا رونق وجمال البرامج الهادفة والمُفيدة، برنامج (سين)، وعن معنى هذا الاسم، ما ذكره في الحلقة التعريفية: أن أي تحسين يحتاج إلى (سين) سؤال.. فكانت الأسئلة عن: التطوّع والأوقاف والطاقة والصناعة والإسكان والإدمان والهوايات والرياضة والسياحة والآثار وزراعة الأعضاء وغيرها من الأمور التي تمسّ حياة الناس وبها تتطوّر الدول، وجاءت الإجابات مُشرقة وواعدة، بين إنجازات تحقّقت في المملكة، وطموحات ستتحقق بإذن الله وعز وجل وِفق رؤية 2030، وكانت الحلقات مُقدمة بطريقة احترافية رائعة، لذلك كانت أصداءها عالية على مستوى الدول والشعوب، وتعرّف الكثير منهم على إنجازات السعودية المُتعدّدة، ومشاريعها المستقبليّة الواعدة، فكان البرنامج بحق مرآة جميلة لواقع أجمل. في الختام الفرق بين (ارقص) و(سين) مئات السنين، فما تهدمه التفاهة برعونة، يبنيه الجِدّ بقوة، وما يُضيعه السَفه والجهل، يُعيده العِلم والعقل، وصفحات التاريخ لا تُخلّد في سطورها سوى الناجحين المُبدعين، أما الحمقى والمُغفلين فعلى الهوامش لغرض الاعتبار والتندّر فقط.