كتاب
بيوتنا.. بين الحيوانات الأليفة والصرخات المخيفة!!
تاريخ النشر: 26 أغسطس 2021 00:20 KSA
الحيوانات تملأ بيوتنا اليوم؛ هذه معلومة، وليست رأيًا.. بدأنا نستقبل الضيوف الجدد بحفاوة وترحيب؛ قطط، وكلاب، وطيور وأرانب.. وأشكال ألوان من الغزلان والفئران... لم يعد الأمر بأيدينا كثيرًا؛ الجيل الجديد لا يهتم بما نسمح أو لا نسمح.. بعضهم يتحدانا ويفرض رغبته، وبعضهم ينتظر حتى نتلاشى، ليحييَ ذكرانا بزوجيْ حمام، يعيشان بينهم في سلام.
كثير منا يقف في الوسط، لا رافضاً ولا مرحّباً.. (مثل الأهلاوية حين خسر الإتي بطولة العرب).. هناك رأي آخر متشدد ومتشنج، يرفض وفاء الكلاب، ووداعة القطط.. لعقود، لعبت الآيديولوجيا في عقول المجتمع؛ طردت الحيوانات من بيوتنا، والرحمة من قلوبنا.. اقتناء الكلاب صار جريمة، وتقليداً.. ومعصية تستوجب العقاب.. قبل ذلك، كانت الحيوانات من أهل الدار؛ لا أعتقد أن هذا غريب على أحد، جيلنا ومن سبقونا يدركون ذلك.. عشت في منزل مختلط (والعياذ بالله)، كانت الغنمُ أسبق منا وجوداً في المنزل، وأكثر أهمية ربما.. منزلنا كان أقرب لغابة أمازونية؛ ماعز، وضأن، وأبقار، ودجاج، وحمام، وقرود وسلاحف (أي والله كان لدينا سلاحف؟!).. لا حاجة للتماسيح، ونحن في المنزل.. أعني الأولاد طبعًا.
أشكال وألوان من الحيوانات الأليفة وغير الأليفة؛ كان لدينا ديك مرعب (سادي)، كأنه من جنود طالبان؛ وقفصُ الدجاج أفغانستان.. أبي عانى من تيسٍ غيّار متجهّم، يغار على نعاجه (من قال إن زماننا يخلو من الرومانسية؟!).. مرة رأى أبي يحلب نعجةً فاستشاط غضباً وغيرة، كانت الماكرة تتغنج وتتأوّه بين يديْ أبي.. لم ينسَ المسكين نطحة التيس الغيور طيلة عمره.
كنا مرة في طريقنا لجدة، من الجنوب؛ توقف أبي بجوار منزل ليسلّم سريعاً على صديق من أصدقائه؛ عاد بمعيته قردٌ يتقافز مثل قلوبنا.. ذلك القرد أصبح واحداً منا، لم نحسبه من البهائم أبداً، ولَم يحسب نفسه كذلك.. بعد زمن أحضر أخي قردة جميلةً ولعوب.. أحبّها صاحبُنا، وتغيّر علينا كثيراً.. صار يسرح كثيراً، ويسمع أم كلثوم!! لكن الحبيبةَ ماتت (في ظروف غامضة)، فانتحر القرد، وأعلنا الحداد. (ذكّروني مرة أخرى؛ من اتهم زماننا بأنه غير رومانسي؟!).
يروي لنا صديق صادقٌ عن عبدالله إدريس؛ فنانا الجميل الملهم، وعن هوسه بالقطط.. يقول إن عددها يشكّل فريقيْ كرة قدم، مع الاحتياطيين، يقول أيضاً إن إدريس لا يغمض له جفن حتى يطمئن على كل أعضاء الفريق، متعشّين ونائمين.. نفس الصديق يشاركني الاحتجاج على أبي إقبال؛ في رحلاتنا الطويلة اللذيذة، يصر سعيد السريحي على إطعام القطط في أي مكان (مطعم، شاطئ، بيت علي الصميلي.. أي مكان.. لا يهم).. نشاكسه: ليتك تشفق علينا شفقتك على البساس!! نقول، فيضحك، ويمعن في غيّه!!
قبل سنوات خمس، دفعت ألفاً وخمسمئة ريال على قطة شيرازية جميلة، لأبنائي.. أمي لم تغفر لي حتى اليوم: كيف تدفع مبلغاً مثل هذا في قطة؟؟ كانت أمي تقول، والقطة تنظر إلى أمي بتشميقة أنثوية معروفة.. لسان حالها يقول: الرازق في السما.. والحاسد في الأرض!!
افتقدتها ذات مرة؛ فرحت أبحث عنها، طبعتُ صورها، ووزعتها بين الجيران.. صديقٌ لي سمع عن فعلي هذا؛ فضحك واستنكر!! اليوم بيته مليء بالقطط... وقلبه كذلك.
عادت القطط لبيوتنا؛ عادت الألفة.. يقول المستنكرون؛ إنها عادة دخيلة، ومن يصدّق هذا الهراء!! يقولون أيضاً: إنها ليست نظيفة.. ولا شيء يستفز الحموضة في كبدي مثل ادعاء النظافة المزيّف!! عموماً.. الأجيال الجديدة لا تبدو أنها تهتم بمواقفنا الرافضة، وأصواتنا الشاجبة، ولا يبدو أنها ستهتم. سنزول -نحن المتوحشين المستوحشين- وستبقى الحيوانات الأليفة... فلنحاول أن نكون أليفين قدر ما نستطيع.. هذه نصيحتي.. لعل ذكرنا بالخير يبقى، حينما نغادر، دون بكاء أو مواء!!
كثير منا يقف في الوسط، لا رافضاً ولا مرحّباً.. (مثل الأهلاوية حين خسر الإتي بطولة العرب).. هناك رأي آخر متشدد ومتشنج، يرفض وفاء الكلاب، ووداعة القطط.. لعقود، لعبت الآيديولوجيا في عقول المجتمع؛ طردت الحيوانات من بيوتنا، والرحمة من قلوبنا.. اقتناء الكلاب صار جريمة، وتقليداً.. ومعصية تستوجب العقاب.. قبل ذلك، كانت الحيوانات من أهل الدار؛ لا أعتقد أن هذا غريب على أحد، جيلنا ومن سبقونا يدركون ذلك.. عشت في منزل مختلط (والعياذ بالله)، كانت الغنمُ أسبق منا وجوداً في المنزل، وأكثر أهمية ربما.. منزلنا كان أقرب لغابة أمازونية؛ ماعز، وضأن، وأبقار، ودجاج، وحمام، وقرود وسلاحف (أي والله كان لدينا سلاحف؟!).. لا حاجة للتماسيح، ونحن في المنزل.. أعني الأولاد طبعًا.
أشكال وألوان من الحيوانات الأليفة وغير الأليفة؛ كان لدينا ديك مرعب (سادي)، كأنه من جنود طالبان؛ وقفصُ الدجاج أفغانستان.. أبي عانى من تيسٍ غيّار متجهّم، يغار على نعاجه (من قال إن زماننا يخلو من الرومانسية؟!).. مرة رأى أبي يحلب نعجةً فاستشاط غضباً وغيرة، كانت الماكرة تتغنج وتتأوّه بين يديْ أبي.. لم ينسَ المسكين نطحة التيس الغيور طيلة عمره.
كنا مرة في طريقنا لجدة، من الجنوب؛ توقف أبي بجوار منزل ليسلّم سريعاً على صديق من أصدقائه؛ عاد بمعيته قردٌ يتقافز مثل قلوبنا.. ذلك القرد أصبح واحداً منا، لم نحسبه من البهائم أبداً، ولَم يحسب نفسه كذلك.. بعد زمن أحضر أخي قردة جميلةً ولعوب.. أحبّها صاحبُنا، وتغيّر علينا كثيراً.. صار يسرح كثيراً، ويسمع أم كلثوم!! لكن الحبيبةَ ماتت (في ظروف غامضة)، فانتحر القرد، وأعلنا الحداد. (ذكّروني مرة أخرى؛ من اتهم زماننا بأنه غير رومانسي؟!).
يروي لنا صديق صادقٌ عن عبدالله إدريس؛ فنانا الجميل الملهم، وعن هوسه بالقطط.. يقول إن عددها يشكّل فريقيْ كرة قدم، مع الاحتياطيين، يقول أيضاً إن إدريس لا يغمض له جفن حتى يطمئن على كل أعضاء الفريق، متعشّين ونائمين.. نفس الصديق يشاركني الاحتجاج على أبي إقبال؛ في رحلاتنا الطويلة اللذيذة، يصر سعيد السريحي على إطعام القطط في أي مكان (مطعم، شاطئ، بيت علي الصميلي.. أي مكان.. لا يهم).. نشاكسه: ليتك تشفق علينا شفقتك على البساس!! نقول، فيضحك، ويمعن في غيّه!!
قبل سنوات خمس، دفعت ألفاً وخمسمئة ريال على قطة شيرازية جميلة، لأبنائي.. أمي لم تغفر لي حتى اليوم: كيف تدفع مبلغاً مثل هذا في قطة؟؟ كانت أمي تقول، والقطة تنظر إلى أمي بتشميقة أنثوية معروفة.. لسان حالها يقول: الرازق في السما.. والحاسد في الأرض!!
افتقدتها ذات مرة؛ فرحت أبحث عنها، طبعتُ صورها، ووزعتها بين الجيران.. صديقٌ لي سمع عن فعلي هذا؛ فضحك واستنكر!! اليوم بيته مليء بالقطط... وقلبه كذلك.
عادت القطط لبيوتنا؛ عادت الألفة.. يقول المستنكرون؛ إنها عادة دخيلة، ومن يصدّق هذا الهراء!! يقولون أيضاً: إنها ليست نظيفة.. ولا شيء يستفز الحموضة في كبدي مثل ادعاء النظافة المزيّف!! عموماً.. الأجيال الجديدة لا تبدو أنها تهتم بمواقفنا الرافضة، وأصواتنا الشاجبة، ولا يبدو أنها ستهتم. سنزول -نحن المتوحشين المستوحشين- وستبقى الحيوانات الأليفة... فلنحاول أن نكون أليفين قدر ما نستطيع.. هذه نصيحتي.. لعل ذكرنا بالخير يبقى، حينما نغادر، دون بكاء أو مواء!!