كتاب
بعد معركة الحداثة.. وقبل وطيس النقد الثقافي
تاريخ النشر: 21 أكتوبر 2021 00:12 KSA
شهدت الفترة التي تلت نشر الغذامي لكتابه الأول (الخطيئة والتكفير) منتصف الثمانينات الميلادية، جدلاً واسعاً في المجتمع المحلي، تطور إلى ما يسمى تاريخياً (معركة الحداثة)، تلك التي انتهت -وفقاً للتاريخ الشفوي الحديث للمجتمع السعودي- بهزيمة تيار الحداثة الذي كان الغذامي أحد أهم رواده.. وتمثل أعمال المرحلة التالية لهذه الأحداث ردة فعل الغذامي على هذه الحملة الشرسة، إذ حاول -خلال النصف الأول من تسعينات القرن المنصرم- التوفيق بين المنجزات النظرية في الدرس النقدي من جهة، وبين التراث النقدي العربي من جهة أخرى.
يظهر جلياً في هذه المرحلة تغيير الغذامي لقناعاته النقدية؛ فبعد تلك الحماسة المنقطعة النظير التي بدأ بها مشروعه النقدي للبنيوية، وتلك اللغة الرومانسية في الحديث عن لذة النص، نجد أن مصطلحات من مثل (الاختلاف، المشاكلة، معنى المعنى... الخ) أضحت دارجة بصورة أكبر في خطابه النقدي. لا بد من الإشارة هنا إلى أن دوافع الغذامي كانت دوماً، واضحة في دعمه لتجديد الخطاب النقدي العربي الحديث، وتطويره، ونفض غبار الانطباعية، والذاتية عن كاهله.. وهو ما يفسر تسرعه، وحشده للنظريات المتتالية أحياناً.. لكن الصدمة التي واجهها الغذامي، ورفاقه فترة الثمانينات، كانت -ربما- خلف ردة فعله، وانقلابه على النقد الألسني الذي بشر به في الثمانينات الميلادية.
شهدت هذه المرحلة تحولاً في اهتمام الغذامي تجاه التراث النقدي العربي (أربعون فصلاً ومقالاً من أصل خمسين نشرها في هذه المرحلة، خصصها الغذامي لدراسات في التراث النقدي العربي: تهتم بالأدب، أو النقد القديم، أو بأساطير وحكايات قديمة).. تتسم أعمال الغذامي خلال هذه المرحلة أيضاً بالحذر في استخدام المفاهيم والأسماء الغربية، حيث يحاول صياغة نظرية حديثة تستقي جذورها من التراث.
وحتى في أعماله -التالية- التي يتبنى فيها نظريات النسوية الحديثة، لا نجد الغذامي يضيع وقتاً كبيراً بالمرور على الدراسات السابقة، ولا على النظريات الشهيرة في هذا الصدد، ولا يحاول التفصيل في وضع توجهه النسوي في إطاره التاريخي للنظرية.. ومن المصطلحات التي يتناولها الغذامي في هذا الطور: مصطلح الأدبية (literariness)، عاداً إياه السؤال المركزي للنقد الأدبي الحديث، وهو السؤال الذي كان خلف ظهور النقد الحديث كعلم مستقل.. ورغم ذلك لا يتبنى الغذامي أبعاد المصطلح، كما ورد في الأعمال النقدية الحديثة، بل «يتجول في دهاليز الماضي، باحثاً عن شجرة تنتسب إليها النصوصية».. وفقاً لتعبيره.
لذلك يركز الغذامي على مفهوميْ المشاكلة والاختلاف اللذين يرِدان لدى المرزباني والمرزوقي وعبدالقاهر الجرجاني، ويتابع تطورهما في التراث العربي النقدي. المفهومان يتعلقان -كما هو معلوم- بعدة قضايا نقدية شهيرة مثل قضية (اللفظ والمعنى)، (معنى المعنى)، (المعمى والشرود)، و(الشبيه المختلف).. ويشدد الغذامي على التزامه بالمدونة الاصطلاحية العربية، رغم أنه يعلم أن أي حديث عن (الاختلاف) لا بد أن يقود إلى جاك دريدا، ومفهومه عن الاختلاف.
يعتقد الغذامي أن المشاكلة والاختلاف مفهومان مركزيان في النظرية النقدية العربية، لأنهما يختزلان تاريخاً طويلاً من الجدل النقدي العربي، بما يستحضرانه من قضايا حساسة مثل القديم والحديث، الشكل والمضمون، التقليد والتجديد.. فالمشاكلة تمثل التزام الشاعر وتقيده بعمود الشعر، بينما الاختلاف يشجع على الإبداع كأهم عوامل الأدب.. المشاكلة تهتم بمنطق المعنى، لكن الاختلاف -كما يرى الغذامي- يركز على الأثر( قاصداً مفهوم دريدا)، لذلك يتفق المصطلح مع توجهات القراءة الحديثة.
ويحاول الغذامي أحياناً الربط القسري بين أقوال الجرجاني ومفاهيم جاك دريدا ورولان بارت وميشيل فوكو، لكن هذه المحاولات لا تخلو من مشاكل في إدراك المفاهيم وتوظيفها، وقد لاحظ ذلك ناقد مثل إدريس جبري في دراسة بعنوان (الإمكانات والعوائق في المشاكلة والاختلاف) ذهب فيها إلى أن في تعامل الغذامي مع المفاهيم النقدية الحديثة شيئاً من التسطيح والخلط غير المنهجي، معضداً ما يقول بشيء من التمثيل والتحليل.
يظهر جلياً في هذه المرحلة تغيير الغذامي لقناعاته النقدية؛ فبعد تلك الحماسة المنقطعة النظير التي بدأ بها مشروعه النقدي للبنيوية، وتلك اللغة الرومانسية في الحديث عن لذة النص، نجد أن مصطلحات من مثل (الاختلاف، المشاكلة، معنى المعنى... الخ) أضحت دارجة بصورة أكبر في خطابه النقدي. لا بد من الإشارة هنا إلى أن دوافع الغذامي كانت دوماً، واضحة في دعمه لتجديد الخطاب النقدي العربي الحديث، وتطويره، ونفض غبار الانطباعية، والذاتية عن كاهله.. وهو ما يفسر تسرعه، وحشده للنظريات المتتالية أحياناً.. لكن الصدمة التي واجهها الغذامي، ورفاقه فترة الثمانينات، كانت -ربما- خلف ردة فعله، وانقلابه على النقد الألسني الذي بشر به في الثمانينات الميلادية.
شهدت هذه المرحلة تحولاً في اهتمام الغذامي تجاه التراث النقدي العربي (أربعون فصلاً ومقالاً من أصل خمسين نشرها في هذه المرحلة، خصصها الغذامي لدراسات في التراث النقدي العربي: تهتم بالأدب، أو النقد القديم، أو بأساطير وحكايات قديمة).. تتسم أعمال الغذامي خلال هذه المرحلة أيضاً بالحذر في استخدام المفاهيم والأسماء الغربية، حيث يحاول صياغة نظرية حديثة تستقي جذورها من التراث.
وحتى في أعماله -التالية- التي يتبنى فيها نظريات النسوية الحديثة، لا نجد الغذامي يضيع وقتاً كبيراً بالمرور على الدراسات السابقة، ولا على النظريات الشهيرة في هذا الصدد، ولا يحاول التفصيل في وضع توجهه النسوي في إطاره التاريخي للنظرية.. ومن المصطلحات التي يتناولها الغذامي في هذا الطور: مصطلح الأدبية (literariness)، عاداً إياه السؤال المركزي للنقد الأدبي الحديث، وهو السؤال الذي كان خلف ظهور النقد الحديث كعلم مستقل.. ورغم ذلك لا يتبنى الغذامي أبعاد المصطلح، كما ورد في الأعمال النقدية الحديثة، بل «يتجول في دهاليز الماضي، باحثاً عن شجرة تنتسب إليها النصوصية».. وفقاً لتعبيره.
لذلك يركز الغذامي على مفهوميْ المشاكلة والاختلاف اللذين يرِدان لدى المرزباني والمرزوقي وعبدالقاهر الجرجاني، ويتابع تطورهما في التراث العربي النقدي. المفهومان يتعلقان -كما هو معلوم- بعدة قضايا نقدية شهيرة مثل قضية (اللفظ والمعنى)، (معنى المعنى)، (المعمى والشرود)، و(الشبيه المختلف).. ويشدد الغذامي على التزامه بالمدونة الاصطلاحية العربية، رغم أنه يعلم أن أي حديث عن (الاختلاف) لا بد أن يقود إلى جاك دريدا، ومفهومه عن الاختلاف.
يعتقد الغذامي أن المشاكلة والاختلاف مفهومان مركزيان في النظرية النقدية العربية، لأنهما يختزلان تاريخاً طويلاً من الجدل النقدي العربي، بما يستحضرانه من قضايا حساسة مثل القديم والحديث، الشكل والمضمون، التقليد والتجديد.. فالمشاكلة تمثل التزام الشاعر وتقيده بعمود الشعر، بينما الاختلاف يشجع على الإبداع كأهم عوامل الأدب.. المشاكلة تهتم بمنطق المعنى، لكن الاختلاف -كما يرى الغذامي- يركز على الأثر( قاصداً مفهوم دريدا)، لذلك يتفق المصطلح مع توجهات القراءة الحديثة.
ويحاول الغذامي أحياناً الربط القسري بين أقوال الجرجاني ومفاهيم جاك دريدا ورولان بارت وميشيل فوكو، لكن هذه المحاولات لا تخلو من مشاكل في إدراك المفاهيم وتوظيفها، وقد لاحظ ذلك ناقد مثل إدريس جبري في دراسة بعنوان (الإمكانات والعوائق في المشاكلة والاختلاف) ذهب فيها إلى أن في تعامل الغذامي مع المفاهيم النقدية الحديثة شيئاً من التسطيح والخلط غير المنهجي، معضداً ما يقول بشيء من التمثيل والتحليل.