كتاب

كيف خسر قرداحي المليون؟!

ما أن جلس جورج قرداحي على كرسي وزارة الإعلام، سعيًا منه لاختتام مسيرته بالفوز بتأييد الملايين على مهنتيه العالية، حتى سقط بفخ الأسئلة السهلة، وبدا محتارًا متشنجًا، حين وضع نفسه أمام تحدٍ يشبه كثيرًا برنامجه الشهير؛ (من سيربح المليون)، ليصبح عالقًا لا يملك إعطاء إجابة أخيرة على السؤال الموجه له حول حرب اليمن، حيث فضل حذف إجابتين من أول وهلة، ليتبقى له الخيارين السهلين؛ هل الحرب (عبثية)، أم أنها (ضرورة ملحة) لإنقاذ اليمنيين من جرائم ميلشيا الحوثيين؟!

وعلى الرغم من أن الإجابة واضحة، وعلى الرغم من تلميحات فخامة الرئيس ميشال عون بأنه أخطأ بوصفها (عبثية)، وعليه كوزير الاعتذار لنزع فتيل الفتنة، إلا أنه أصر على إجابته الغبية -وسط ضحك الجماهير العربية- وحتى حين منح فرصة أخرى، فضل بدلًا من اختيار الإجابة الثانية، أن يستخدم خيار الاتصال بصديق، وهي المكالمة السرية التي اعتاد أن يجريها مع مرجعيته -حزب الله- ليداهمهم الوقت وهم يتبادلون التحايا الحارة قبل اختيار إحدى الاجابتين!


لقد نسف قرداحي تلك الشهرة والهالة الإعلامية التي طوقته لعقود من الزمن، وأظهرت تصريحاته الغبية في أول اختبار حقيقي له، وكأنه طالب مستجد بكلية علوم البحار -لا الإعلام- ولسوء حظه لم يكن معه حينها من تجار الخليج من يرقع غلطته ويلمع صورته! هكذا هم غالبية اللبنانيين ببلداننا الخليجية، يأتون الينا معدمين بفيز دهان أو سباك، وفجأة يترقون بالقطاع الخاص للمناصب الإدارية العليا، وصولًا للمشرف العام، وكله على حساب شبابنا المؤهلين، الذين يظلون رغم مواظبتهم وجهودهم العملية الملموسة، رهائن للوظائف الدنيا، دون أي علاوة ولا حتى خطاب شكر، إلى أن يختارهم (رب العمل) الواحد تلو الآخر ويتلذذ بقطع أرزاقهم!

لقد بلغ عدد اللبنانيين المقيمين بالخليج نحو نصف مليون، ومتى تأزمت العلاقات أكثر، -وهو ما نتمناه.. أقصد ما لا نتمناه بين الأشقاء- فلن يكونوا بمنأى عن الترحيل لبلادهم، مما سيخلق لدينا فرصًا حقيقية للوظائف القيادية، فيخلو الجو -لأول مرة- لشبابنا المتطلع، ليرى النور حينها قرار تعيين (المشرف السعودي) ليتقاضى راتبًا وبونصًا عاليًا، ويسكن الكمبوند، ويشنف آذاننا حين مراجعتنا لمقر إدارته المركزية بعبارة (أبشر، على خشمي) بدلًا من؛ (شو هيدا، شو بدنا نوعمول)!


لقد وضع جورج بلاده لبنان أمام مواجهة خاسرة بدأت بسحب سفراء وممثلي دول الخليج، ليتبعها غالبًا انقطاع الدعم وتكدس القمامة التي تزكم الأنوف بالشوارع والميادين والبلدات والضواحي المجاورة لبيروت، ثم ما تلبث أن تتفاقم الأزمة بتفشي الفقر والبطالة، وتظاهر ونزول العصابات المسيحية المسلحة لتعم الفوضى كافة أرجاء البلاد ويتم إعلان حالة الطوارئ!!

وبالرغم من كل هذه التداعيات الخطيرة، ما زال يردد جورج قرداحي رفضه التام للاستقالة، بل وما زال يرفض استخدام الخيار المتبقي (الاستعانة بالجمهور)، ليقينه التام بأن النسبة العليا ستصوت لإجابة أن (حرب اليمن تدعم الشرعية)، لهذا سيظل محتارًا متشنجًا، ويظل على إجابته الغبية بعد خروج الأمر عن السيطرة، لتنتهي بذلك اللعبة عند هذه المرحلة، ويظل السؤال العار الذي يلاحقه مدى العمر؛ (كيف خسر قرداحي المليون؟!).

أخبار ذات صلة

حواري مع رئيس هيئة العقار
الحسدُ الإلكترونيُّ..!!
مستشفى خيري للأمراض المستعصية
الحُب والتربية النبوية
;
سلالة الخلايا الجذعية «SKGh»
التسامح جسور للتفاهم والتعايش في عالم متنوع
التقويم الهجري ومطالب التصحيح
كأس نادي الصقور.. ختامها مسك
;
المدينـة النائمـة
كتاب التمكين الصحي.. منهج للوعي
الإسلام.. الدِّيانة الأُولى في 2060م
ما لا يرضاه الغرب للعرب!
;
العمل الخيري الصحي.. في ظل رؤية 2030
القمة العربية الإسلامية.. قوة وحدة القرارات
يا صبر عدنان !!
احذروا البخور!!