كتاب

معضلة الخير والشر

يرى (سقراط): أنّ الإنسان يُريد الخير دائماً، ويرفض الشرّ بالضرورة، وهو ليس شريراً في أصله، وهي الرؤية التي شاركه فيها الفلاسفة (الرّواقيون)، فقد رأوا أن الناس جميعهم يُخلَقون أخياراً بالطّبع، لكن (توماس هوبز) يرى أنّ الإنسان «ذئب» و»بشع» و»همجي» و»شرّير» لا يعرف الفضيلة في «حالته الطبيعية»، ولا يمكنه التعايش مع بني جنسه في سلامٍ وأمان إلّا بوجود قواعد تكبحُ جماح غرائزهِ وشهواته وحرّيته «الطبيعية» التي تؤدّي إلى «حرب الجميع ضدّ الجميع»، في حال عدمِ وجود حكومة، لذا فمن الضروري تنازلُ الأفراد عن بعض حقوقهم لسُلطة الحكومة بقصد تحصّلهم على الحماية والأمان.

وتهدف الأخلاق، إلى أن يتصرّف الإنسان وكأنّه هو نفسه مشروعٌ أخلاقي، وهو ما قصده الفيلسوف (كانط) في مُصطلحه «الواجبُ الأخلاقي» أي طاعة هذا القانون احتراماً له، وفعل الخير لأنه خير دون النّظر إلى المنفعةِ أو الخوف من المجتمع، فالقيمةُ الأخلاقية التي يجب أن يطمحَ إليها الإنسان، هي التي يتحقّق فيها التكاملُ بين المَطالب الطبيعية، وصوت العقل، وسُلطة المجتمع، وأوامر ونواهي الشرع، وفي ذلك يقول الإمام (أبو حامد الغزالي): «حُسن الخلُق يرجع إلى اعتدال العقل، وكمالِ الحكمة، واعتدال الغضبِ والشهوات، وكونها للعقل والشرع مُطيعة».


لكنّ الواقع يُشير إلى أنّ غالب أخلاق الخير التي يُظهرها الإنسان، إنّما تكون بغرض الاستحواذ وحبّ الظهور، أو الخوفِ من العقاب، فالمُحرّك فيها هو الأنانية والمصلحة الذاتية، وحين تتهدّد الإنسانُ ما نسميها «المبادئ» و»المُثل» الأخلاقية، فإنّه لا يتردّد -عادة- في التنازل عنها طوعاً حفاظاً على مُكتسباته الشخصية.. يقول الشاعر (جبران خليل جبران): «الخيرُ في الناس مصنوعٌ إذا جُبِروا.... والشرّ في النّاس لا يفنى وإن قُبِروا»، ويقول الأديب (دوستويفسكي): «الشّرّ مدفونٌ في أعماق الإنسان على نحوٍ أبعد ممّا يتصوّره النّاس عادة».

وبحسْب الأديب (إميل زولا)، فإنّ الإنسان في جوهره حيوانٌ مٌفترس، يتّخذ من غرائزه الحيوانيةِ أساساً لأفكاره، وأنّ الخير يزول بمجرّد تقابله مع صراعاتِ الحياة، فتظهر الحقيقة الشرّيرة للإنسان، وهو الشرّ الذي يصفه (كانط) بالميل المُتجذّر في الطبيعةِ الإنسانية، وحرّيته تميل به لفعل الشرّ ضدّ القانون الأخلاقي في حياته العمليّة.. إنّ الأنقياءَ يفعلون الخير لأنّه خيرٌ بذاته، وليس لأنّ مِن ورائه مكافأة، ويتجنّبون الشرّ لأنّه شرّ بذاته، وليس خوفاً من عقوبة.. أحسبُهم كذلك.

أخبار ذات صلة

سياحة بين الكتب
تمويل البلديات.. والأنشطة المحلية
الإدارة بالوضوح!
نحـــــاس
;
أدوار مجتمعية وتثقيفية رائدة لوزارة الداخلية
«صديقي دونالد ترامب»
قِيم الانتماء السعودية
جدة.. الطريق المُنتظر.. مكة!!
;
إسراف العمالة (المنزليَّة)!
اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة
الإنسان النصف!!
من طوكيو إلى واشنطن بدون طيار!!
;
التعليم أهم رسالة.. والمعلم أهم مهنة
كوني قوية فلستِ وحدكِ
شهامة سعودية.. ووفاء يمني
(مطبخ) العنونة الصحفيَّة..!!