كتاب
في العلاقة التاريخية بين مصطلحي: «الأزمة» و«النقد» في الثقافة الغربية
تاريخ النشر: 18 نوفمبر 2021 00:08 KSA
منذ ثمانينيات القرن المنصرم بدأ الحديث عن أزمة النقد الأدبي يتردد في أروقة الجامعات والمجلات الثقافية العالمية، وقد كان نقاشاً مستمراً شارك فيه كبار المفكرين والمثقفين من مختلف التوجهات والثقافات.. احتدمت هذه الأزمة طبعاً مع دخول الألفية الجديدة، والتطور المذهل في تقنية الاتصالات، وأصبح سؤال الوظيفة شاغلاً من شواغل النقد والنقاد. لكن العلاقة بين النقد والأزمة تاريخية على ما يبدو، تعود جذورها إلى الجذر المشترك للمفهوم، كما لاحظ الناقد البريطاني قاري داي Gary Day الذي يفتتح كتابه (النقد الحديث Literary Criticism) بتسليط الضوء على المصطلح اليوناني الذي تنبثق منه الكلمتان (النقد) و(الأزمة)؛ فكلمة «krisis» الإغريقية، تشير إلى العديد من المعاني مثل الحُكم، والفصل، والقرار الذي يكون في محكمة أو في مسابقة شعرية من المسابقات التي كان شهيرة في اليونان الإغريقية قبل الميلاد.. ويضيف قاري داي أن تعريف (الأزمة)، وفقًا لقاموس أكسفورد، تشير إلى لحظة الخطر العظيم والتوتر التي توجب حل المشكلة أو اتخاذ قرارات مهمة، من هنا سيأتي الوقت الذي يجب أن يختار فيه قارئ النص ويفاضل ويحكم.. تمثل هذه الحاجة الملحة نقطة الالتقاء والتقارب بين (النقد) و(الأزمة).عندما استُخدمت الكلمة (Criticism) لأول مرة في اللغة الإنجليزية، لم يكن لها ارتباط بالأدب على وجه التحديد؛ بل كانت تشير بشكل عام إلى فعل الاستهجان وإصدار أحكام على صفات أو مزايا أي شيء؛ وبالتالي لم يكن هناك شيء خارج مجال النقد.. وقد استخدمت الكلمة لأول مرة بهذا المعنى عام 1607م، حيث يستشهد القاموس بعبارة توماس ديكر (1572–1632) الذي يقول: «لذلك -أيها القارئ- هل... أقف عند علامة النقد وسهامه لتلومني»، وبعد ثلاثين عاماً، استخدم توماس هيوود (1570-1641) الكلمة في كتابه (السفينة الملكية Royal ship) حين قال: «هم لن يسمحوا بذلك... ولكن... كان انتقادهم بديلاً عن جهلي».
وعلى الرغم من ذلك فقد تكررت اشتقاقات أخرى في وقت أبكر بكثير من ديكر؛ ففي عام 1544، كانت كلمة «Creticke» شائعة في سياقات طبية وتدل على ما استُبدل الآن بكلمة «Critical» للإشارة إلى أزمة المرض؛ وكذلك كلمات الناقد والنقد الهجائي اللتين استخدمتا في الخطابات اللاحقة والمختلفة للإشارة إلى الشخص الذي «يصدر حكمًا على أي شيء أو شخص».
هذا التعريف يتوافق مع التعريف الموثق من قبل تشارلز جايلي وفريد شوت في كتابهما (مقدمة في مناهج وأدوات النقد الأدبي- An introduction to the Methods and Materials of Literary Criticism) اللذين يعتبران (النقد) طريقة فلسفية لتحديد النقد، وعملية إصدار حكم على أي شيء.
ويتتبع الناقد الشهير رينيه ويليك في مؤلفه (مفاهيم نقدية Concepts of Criticism) التاريخ المفاهيمي للكلمة، سواء في علاقتها بالأدب، أو ترددها بين مجموعة واسعة من التخصصات السياسية والاجتماعية والتاريخي والموسيقية.. في سياقها الأدبي كانت كلمتا (Kritikos وCriticus) -يؤكد ويليك- ألقاباً لقاضي الأدب في اللغة اليونانية القديمة واللاتينية الكلاسيكية على التوالي، وقد بدأ ارتباطهما بالأدب في العقود الأخيرة من القرن الرابع قبل الميلاد.. في كل هذه الاستخدامات اليونانية واللاتينية، كان هناك اعتراف بأدوار أخرى للناقد غير الدور الذي يؤطره فقط في إطار الأدب، والحكم على النصوص الأدبية.
وعلى الرغم من ذلك فقد تكررت اشتقاقات أخرى في وقت أبكر بكثير من ديكر؛ ففي عام 1544، كانت كلمة «Creticke» شائعة في سياقات طبية وتدل على ما استُبدل الآن بكلمة «Critical» للإشارة إلى أزمة المرض؛ وكذلك كلمات الناقد والنقد الهجائي اللتين استخدمتا في الخطابات اللاحقة والمختلفة للإشارة إلى الشخص الذي «يصدر حكمًا على أي شيء أو شخص».
هذا التعريف يتوافق مع التعريف الموثق من قبل تشارلز جايلي وفريد شوت في كتابهما (مقدمة في مناهج وأدوات النقد الأدبي- An introduction to the Methods and Materials of Literary Criticism) اللذين يعتبران (النقد) طريقة فلسفية لتحديد النقد، وعملية إصدار حكم على أي شيء.
ويتتبع الناقد الشهير رينيه ويليك في مؤلفه (مفاهيم نقدية Concepts of Criticism) التاريخ المفاهيمي للكلمة، سواء في علاقتها بالأدب، أو ترددها بين مجموعة واسعة من التخصصات السياسية والاجتماعية والتاريخي والموسيقية.. في سياقها الأدبي كانت كلمتا (Kritikos وCriticus) -يؤكد ويليك- ألقاباً لقاضي الأدب في اللغة اليونانية القديمة واللاتينية الكلاسيكية على التوالي، وقد بدأ ارتباطهما بالأدب في العقود الأخيرة من القرن الرابع قبل الميلاد.. في كل هذه الاستخدامات اليونانية واللاتينية، كان هناك اعتراف بأدوار أخرى للناقد غير الدور الذي يؤطره فقط في إطار الأدب، والحكم على النصوص الأدبية.