كتاب

المرأة السعودية والحركة النسوية

في رسالة مطولة انتشرت مؤخراً في واتس أب من سيدة سعودية متألمة لما يحدث وتحذير من فتنة كبرى تحدث في البيوت؛ وأن سيدات زيّنَ لها (جنة الحرية) والتخلي عن الزوج وشيطنته؛ وأنه لا يمكن أن تكوني سعيدة في ظل زوج إلا إذا استسلم لك أو الطلاق!!، وان هؤلاء جميعاً موظفات إما مطلقات أو غير متزوجات وفضّلن الحرية عن الخضوع للزوج، وهي- نتيجة لاتباع تعليماتهن- تطلقت من زوجها فتزوج بأخرى واحتقرها أبناؤها لأنها تخلت عنهم إلى صديقات، وشاليهات، وكافيهات..!!. إنها عصابة مجرمة تسعى لتدمير البيوت عن طريق خلق عداوة وحقد على الرجل وأن المرأة ضروري أن تستقل براتبها وسيارتها ولا تسمح لرجل أن يسألها حتى ولو أبوها!!. والحمد لله أنها استيقظت بعد أربع سنوات وراجعت ذاتها ولكنها تشعر بالندم والأسى لأنها فقدت بيتها، وأسرتها وزوجها الرجل الحنون الشهم وتتمنى لو تعود له. وبصرف النظر عن مدى صحة الرسالة أو أنها مؤلفة.. ولكن أجد فيها الكثير مما يجب التنبيه له واليقظة حوله؛ فالحركة النسوية هي حركة عالمية بدأت منذ القرن الثامن عشر حين اضطهدت النساء وكان هناك تمييز جذري بين المرأة والرجل في المرتبات والأجور وهضم للحقوق الإنسانية، بل جاء آخرون ودافعوا من أجل المساواة الكاملة بين الجنسين في المجال السياسي والاجتماعي والجنسي. ثم تطور المصطلح إلى حركة (تحرير المرأة) وهو ما وصل إلى البلاد العربية مثل مصر والمغرب واتخذت طابعاً سياسيا واجتماعياً لم يكن مقبولاً في دول لها قيمها الإسلامية وكان ذلك منذ الستينيات الميلادية. ثم تم رفع سقف المطالبات إلى ما يتعلق بحقوق المثليين وغيرها!.. وهي تتفاوت في القبول والرفض حتى في المجتمعات الغربية نفسها. ولكن هذه الحركات لم تجد قبولاً في مجتمعنا سوى لدى بعض النساء المقموعات أصلاً ونمط الحياة الذي تأصل فيه الكبت وإذلال المرأة فوجدت بعض النساء- نتيجة لقلة الوعي- متنفساً في هذه الحركات بالخروج على السلطة القانونية والسياسية للدولة وأسمين أنفسهن (ناشطات نسويات) وكانت بدايتها قيادة السيارة بدون مسوغ نظامي، ولكن الدولة أعزها الله لم ولن ترضى بالخروج عن الأنظمة والقوانين؛ فقامت وبعد دراسات متأنية من الجهات التشريعية بسن الأنظمة والقوانين التي تكفل حقوق المرأة؛ وهي التي كفلها لها الاسلام ومكنتها اجتماعياً وحقوقياً وقانونياً؛ فأصبحت المرأة عضواً في مجلس الشوري، والمجالس البلدية، والغرف التجارية، ثم سمحت لها بالعمل في وظائف كانت حكراً على الرجال، كما أصدرت قوانين بأحقيتها بالسفر والعلاج والعمل دون موافقة من ولي الأمر إذا كانت فوق 21 عاماً. وكل ذلك لتمكين المرأة واعطائها حقها في المشاركة في التنمية الوطنية. إذن مصطلح (النسوية لدينا) ليس حراكاً منظماً معترفاً به بل تعتبر من الحركات المتطرفة حسب تصنيف أمن الدولة. ولكن ربما تكون الرسالة نذير بوجود حالات تنمر وتمرد على الزوج أو الأسرة نتيجة لفهم خاطئ لمعنى الحرية أو التمكين لدى بعض المراهقات فكرياً وعقلياً ونفسياً. وهنا لابد من وقفة جادة نحو الإصلاح الحقيقي ولا بد أن تتضافر الجامعات السعودية بعمل دراسات مستفيضة في هذا الجانب؛ فقد كثرت حالات الطلاق بصورة مخيفة ومهددة لأمن المجتمع حتى وصل المعدل إلى 7 حالات طلاق في الساعة الواحدة- بحسب الكتاب الإحصائي السنوي الصادر عن مصلحة الإحصاءات العامة - وبين كل 10 زيجات هناك 3 حالات طلاق!! وبصرف النظر عن الخسائر المادية فإن الخسائر الاجتماعية والنفسية للأطفال هي الطامة الكبرى؛ فالطلاق معناه هدم الأسرة وتشتيت الأبناء؛ والأسرة هي النواة الأساسية في صلاح المجتمع. نحتاج حقيقة إلى الحد من مصادر التحريض والتمرد على الزوج وقيم الأسرة وخاصة في الإعلام، وما يسمى بدورات السعادة وهي هدم في كثير من أفكارها! كما نحتاج إلى دورات مقننة للمقبلين على الزواج وتكون وثيقة الحصول على الدورة أساساً في عقد النكاح، بل دراسات وحلول عاجلة من المؤسسات التربوية والاجتماعية والدينية والثقافية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

أخبار ذات صلة

«اسحب على الجامعة يا عم»!!
حكاية مسجد في حارتنا..!!
شر البلية ما يُضحك
أطفالنا والشاشات
;
الرد على مزاعم إسلام بحيري في برنامجه إسلام حر
السعودية ومرحلة الشراكة لا التبعية
جلسات علمية عن الخلايا الجذعية
الشقة من حق الزوجة
;
المزارات في المدينة المنوَّرة
خطورة المتعاطف المظلم!
خطورة المتعاطف المظلم!
لماذا يحتاج العالم.. دبلوماسية عامة جديدة؟!
أدب الرحلات.. والمؤلفات
;
كيف نقضي على أساليب خداع الجماهير؟!
المتقاعدون والبنوك!!
د. عبدالوهاب عزام.. إسهامات لا تُنسى
فلسفة الحياة.. توازن الثنائيات