كتاب

وترجل فارس العربية ووجهها المشرق

رجعت للتو من وداع أستاذنا ووالدنا عالم العربية وأديبها الأستاذ الدكتور محمد خضر عريف، حيث غادر دنيانا مساء أمس الأحد ٢٣ ربيع الآخر الموافق ٢٩ نوفمبر ٢٠٢١.

رجعت وأثاره الجليلة وذكرياته الرائعة تتزاحم وتتسابق لتصدر المشهد في خاطري، ولم أجد ما يعبر عن هذا الحدث الجلل خيرا من قول الشريف الرضي رحمه الله تعالى:


راحِلٌ أَنتَ وَاللَيالي نُزولُ

وَمُضِرٌّ بِكَ البَقاءُ الطَويلُ


لا شُجاعٌ يَبقى فَيَعتَنِقَ البيضَ

وَلا آمِلٌ وَلا مَأمولُ

غايَةُ الناسِ في الزَمانِ فَناءٌ

وَكَذا غايَةُ الغُصونِ الذُبولُ

عادَةٌ لِلزَمانِ في كُلِّ يَومٍ

يَتَناءى خِلٌّ وَتَبكي طُلولُ

ودعت أستاذنا إلى مثواه، ونظراته الأبوية الحانية تتراءى لي في مقابلة التعيين الأولى التي أجريت لي معه في جامعة الملك عبد العزيز ..

ودعته مستحضرا وقوفه إلى جانبي وغيري، وتعزيزه لكل خطوة وعمل أقوم به..

ودعته مستحضراً الاهتمام الكبير الذي أولاني إياه، حتى إنه ذكر اسمي في أكثر من عشر مقالات له في جريدة المدينة كتبها في مواقف وأحداث متفرقة.

لقد كان رحمه الله تعالى عالماً جليل القدر ، حجة في تخصصه في مجال العربية وآدابها..

حصل رحمه الله تعالى على الدكتوراه في علم اللغة التطبيقي من جامعة كاليفورنيا عام ١٩٨٦م.

وعمل بعد عودته إلى أرض الوطن في قسم اللغة العربية، ثم ارتقى في سلمه الوظيفي بفضل إخلاصه، وإبداعه في عمله إلى أن بلغ رتبة الأستاذية.

كما عين مديرا لمركز البحوث في جامعة الملك عبدالعزيز وذلك في عام ١٤٢١ه‍ ، وعين كذلك وكيلاً للدراسات العليا والبحث العلمي في جامعة الملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى.

لقد حباه الله من جميل المزايا الخلقية ، وحسن المعشر، وجمال اللغة، وسرعة البديهة، والنكتة الحاضرة، ما جعل المتعة والفائدة حاضرة في مجالسه.

ولقد كتب الله لأسلوبه في العربية القبول ، بل كان محل إعجاب وتقدير عند أهلها ؛ يقول عنه صفيه وخليله أستاذنا الدكتور عبداللطيف الشيرازي الصباغ رحمه الله تعالى بعد أن قرأ مقالا له حول لغة القرآن:

'بارك الله تعالى في الأخ الأستاذ الدكتور محمد خضر عريف وجزاه الله خيرا عن دينه وكتابه ولغة القرآن، ولله دره ما أرقى أفكاره، وما أحسن مدخله ، وما أعذب أسلوبه وعباراته.

إني والله لأشهد بأنه مرابط على ثغر كثيرة من ثغور الإسلام في هذه المرحلة مع حسن التأتي وبراعة المعالجة، وحكمة العقل واللسان.

جزى الله عنا أستاذنا ومعلمنا وملهمنا الأستاذ الدكتور محمد خضر عريف وعن العربية خير الجزاء وأتمه وأكمله.

وعلى مثلكم فلتبك البواكي أباأيمن..

نودعكم والقلب يعتصره الأسى، وإنني إذ أعزي بلادنا وطلاب العربية في كل مكان، وأسرته وتلاميذه وزملاءه لأدعو الله تعالى له بالرحمة والمغفرة ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا: 'إنا لله وإنا إليه راجعون'.

* عميد كلية الدراسات العليا التربوية بجامعة الملك عبدالعزيز

أخبار ذات صلة

حياة جديدة وملهمة بعد الثمانين!
قصَّة غزَّة وعُزيْر..!!
الطائف والمشروعات التنموية
مراكز الأحياء ومرتكزات النجاح
;
بيجـــر
مسميات انحرفت بالأمة وشرمذتها
شيخ خبير خلف مهرجان البحر الأحمر السينمائي
دور البيئة البركانية في العمارة والتاريخ
;
يقول الناس!!
ثقافتنا.. والشركات الاستشارية الأجنبية
أبناؤنا واللغة العربية.. الهوية والإبداع
تعلم اللغة العربية جوهر جودة التعلم
;
أثر (القيلولة).. في تحسن التفكير الإبداعي
بين صيفين!!
سيناريوهات برنارد لويس في العالم الإسلامي
الصمت المُقنع