كتاب
نظرية الاتصال الأدبي: أبعاد وملامح
تاريخ النشر: 08 ديسمبر 2021 21:21 KSA
قدم الناقد المصري مراد مبروك خلال مسيرته أعمالاً نقدية مهمة، اعتمد فيها على مناهج ونظريات مختلفة، ويمكن أن تكون النظرية النصية في القراءة أبرزها، بالإضافة إلى دراسات تحليل الخطاب الأدبي. غير أنه وجد في نظرية «الاتصال الأدبي» ضالته:
«تلك النظرية التي تعتمد على الرؤية الشمولية فهي لا تعنى بالمؤلف فحسب مثلما عنيت به المناهج التقليدية لا سيما المنهج الاجتماعي كما أنها لا تعنى بالنص فحسب مثلما عني بها أصحاب المنهج الشكلاني ولا تعنى بالمتلقي فقط مثلما عني به أصحاب نظرية التلقي.. لكنها تعنى بالأضلاع الثلاثة للمثلث النقدي».
ويكرر مبروك مبرر تفضيله لنظرية الاتصال الأدبي التي تعنى بجوانب وأطراف العملية الاتصالية، فتحقق للناقد نظرةً أشمل للنص الأدبي، في عدة مواضع من مشروعه؛ فهو يؤمن بأن النظرية مرتبطة بالفكر الأدبي منذ بدايات التاريخ، فمبدع النص الشعري أو المسرحي أو الملحمي مرتبط بالمتلقي الذي يستقبل عمله هذا ويتفاعل معه، لأن الظاهرة الأدبية لا تتم إلا بتوفر الأركان الثلاثة: مبدع النص، النص الأدبي، ومتلقي ذلك النص الأدبي. ويرى مبروك أن النظرية تطورت عبر الزمن لتكون «الرؤية الشمولية للمعالجة النقدية»، تلك المعالجة التي «تتجاوز نقاط القصور التي شابت المعالجات النقدية المرتكزة على آليات التلقي دون غيرها». من هنا تشكل النظرية الاتصالية «ضرورة علمية في معالجتها لكل جوانب النص الأدبي بداية من المرسل ونهاية بالارتداد العكسي».
بالإضافة إلى الشمولية توفر نظرية الاتصال الأدبي للناقد ميزة أخرى، من وجهة نظر مبروك؛ تلك هي الصفة الموضوعية والمعيارية، فهي «تعتمد على معايير علمية دقيقة، تبدأ بالنص عبر الوسيلة الاتصالية، ونهاية بالمتلقي وما ينتج عنه من نص عكسي ارتدادي، ونستطيع من خلال هذه المعايير الحكم على العمل الأدبي وأبعاده حكماً أقرب إلى روح العلم منه إلى الفن في المراحل الزمنية والمكانية المختلفة».
يتفق مبروك في توجهه نحو هذه النظرية، وفي التأكيد على طابعها الشمولي مع نقاد آخرين سبقوه؛ فقد كانت مساهمة ياكبسون في وضع الوظيفة الشعرية ضمن سياق الوظائف العامة للاتصال اللغوي منصة انطلق منها نقاد غربيون لمحاولة تأطير نظرية تنطلق من فكرة ياكبسون. من أولئك -على سبيل المثال- الناقد الأمريكي والتر ميرز الذي نشر في العام 1969م ورقة علمية في مجلة القنصلية الوطنية لمعلمي الإنجليزية تحت عنوان Literary Terms and Jakobson›s Theory of Communication (المصطلحات الأدبية ونظرية الاتصال عند ياكبسون).. يشير ميرز إلى أن ياكبسون جعله لا يحتاج أن يطرح طرقاً منهجية جديدة في ورقته، بقدر ما يحتاج لِلمِّ شتات مجموعة المفاهيم والطرق التي هي بحوزة النقد أساساً
لذلك يرى أن تحليل وظائف الاتصال الياكبسونية يوفر الإطار لفعل ذلك. وبعد أن يعرض ميرز فكرته نظرياً وتطبيقياً، ينتهي إلى أن نظرية الاتصال الأدبي كما اقترحها ياكبسون يمكن أن تكون نظرية شاملة وإطاراً عاماً للنقد الأدبي مهما تنوعت اتجاهاته.
من هذا المنطلق ألف ناقد شهير هو روجر دي سل كتاباً مهماً في هذا السياق هو Literature as Communication (الأدب بصفته اتصالاً)، محاولاً تطبيق النموذج اللغوي على العملية الأدبية متخذاً من شعرية ياكبسون مدخلاً لفهم علاقة الوظيفة الاتصالية الشعرية بالدور الجمالي للأدب، ليس بصفته الفنية وحسب، بل بصفته الإيصالية في الحياة اليومية أيضاً.. لذلك يمثل الكتاب محاولة جادة في التوسط بين الأدباء والمتلقين.
«تلك النظرية التي تعتمد على الرؤية الشمولية فهي لا تعنى بالمؤلف فحسب مثلما عنيت به المناهج التقليدية لا سيما المنهج الاجتماعي كما أنها لا تعنى بالنص فحسب مثلما عني بها أصحاب المنهج الشكلاني ولا تعنى بالمتلقي فقط مثلما عني به أصحاب نظرية التلقي.. لكنها تعنى بالأضلاع الثلاثة للمثلث النقدي».
ويكرر مبروك مبرر تفضيله لنظرية الاتصال الأدبي التي تعنى بجوانب وأطراف العملية الاتصالية، فتحقق للناقد نظرةً أشمل للنص الأدبي، في عدة مواضع من مشروعه؛ فهو يؤمن بأن النظرية مرتبطة بالفكر الأدبي منذ بدايات التاريخ، فمبدع النص الشعري أو المسرحي أو الملحمي مرتبط بالمتلقي الذي يستقبل عمله هذا ويتفاعل معه، لأن الظاهرة الأدبية لا تتم إلا بتوفر الأركان الثلاثة: مبدع النص، النص الأدبي، ومتلقي ذلك النص الأدبي. ويرى مبروك أن النظرية تطورت عبر الزمن لتكون «الرؤية الشمولية للمعالجة النقدية»، تلك المعالجة التي «تتجاوز نقاط القصور التي شابت المعالجات النقدية المرتكزة على آليات التلقي دون غيرها». من هنا تشكل النظرية الاتصالية «ضرورة علمية في معالجتها لكل جوانب النص الأدبي بداية من المرسل ونهاية بالارتداد العكسي».
بالإضافة إلى الشمولية توفر نظرية الاتصال الأدبي للناقد ميزة أخرى، من وجهة نظر مبروك؛ تلك هي الصفة الموضوعية والمعيارية، فهي «تعتمد على معايير علمية دقيقة، تبدأ بالنص عبر الوسيلة الاتصالية، ونهاية بالمتلقي وما ينتج عنه من نص عكسي ارتدادي، ونستطيع من خلال هذه المعايير الحكم على العمل الأدبي وأبعاده حكماً أقرب إلى روح العلم منه إلى الفن في المراحل الزمنية والمكانية المختلفة».
يتفق مبروك في توجهه نحو هذه النظرية، وفي التأكيد على طابعها الشمولي مع نقاد آخرين سبقوه؛ فقد كانت مساهمة ياكبسون في وضع الوظيفة الشعرية ضمن سياق الوظائف العامة للاتصال اللغوي منصة انطلق منها نقاد غربيون لمحاولة تأطير نظرية تنطلق من فكرة ياكبسون. من أولئك -على سبيل المثال- الناقد الأمريكي والتر ميرز الذي نشر في العام 1969م ورقة علمية في مجلة القنصلية الوطنية لمعلمي الإنجليزية تحت عنوان Literary Terms and Jakobson›s Theory of Communication (المصطلحات الأدبية ونظرية الاتصال عند ياكبسون).. يشير ميرز إلى أن ياكبسون جعله لا يحتاج أن يطرح طرقاً منهجية جديدة في ورقته، بقدر ما يحتاج لِلمِّ شتات مجموعة المفاهيم والطرق التي هي بحوزة النقد أساساً
لذلك يرى أن تحليل وظائف الاتصال الياكبسونية يوفر الإطار لفعل ذلك. وبعد أن يعرض ميرز فكرته نظرياً وتطبيقياً، ينتهي إلى أن نظرية الاتصال الأدبي كما اقترحها ياكبسون يمكن أن تكون نظرية شاملة وإطاراً عاماً للنقد الأدبي مهما تنوعت اتجاهاته.
من هذا المنطلق ألف ناقد شهير هو روجر دي سل كتاباً مهماً في هذا السياق هو Literature as Communication (الأدب بصفته اتصالاً)، محاولاً تطبيق النموذج اللغوي على العملية الأدبية متخذاً من شعرية ياكبسون مدخلاً لفهم علاقة الوظيفة الاتصالية الشعرية بالدور الجمالي للأدب، ليس بصفته الفنية وحسب، بل بصفته الإيصالية في الحياة اليومية أيضاً.. لذلك يمثل الكتاب محاولة جادة في التوسط بين الأدباء والمتلقين.