كتاب
كنت فاهم الدنيا غلط!
تاريخ النشر: 21 ديسمبر 2021 23:10 KSA
عندما كنت صغيراً: كنت أنظر للدنيا على أنها وردية، ومساحة لا حدود لها من البراءة والشقاوة والعفوية، لم أكن أتأخر في إطلاق أحكامي النهائية، كنت أبنيها على حدة الصوت وتعابير الوجوه الملائكية أو الشيطانية، كنت أنظر للدنيا على أنها لعب ولهو وإقامة مجانية شاملة للوجبات الرئيسية، لم أكن أحمل -بفضل أبي وأمي- أي هموم عامة أو شخصية، حتى كبرت وبدأت أتحمل المسؤولية، لأكتشف فجأة بأن الدنيا أشبه ما تكون بالسيمفونية، تبدأ مقطوعة الأوركسترا بحركة نشطة وحيوية، ثم مرحلة أبطأ وأكثر غنائية، ثم فورة رقص تنشيطية، ثم خاتمة مؤثرة مأساوية!
كنت فاهم الدنيا غلط: عندما كنت أرهق ميزانية والدي المتواضعة والذي يقتصر دخله على الضمان والدخل المتواضع من بيع المحاصيل الزراعية، قبل أن أتقمص الدور مع أبنائي: وأتجول ساعة الضحى بين غرفهم وأنزل الدرج وأطوف الحوش لأطفئ الأنوار المشتعلة تجنباً للفواتير المرتفعة!.
كنت فاهم الدنيا غلط: عندما أوهموني بعض الصداقين، بأن (من جد وجد)، فكنت أحضر أول الموظفين وأنجز مهامي ومهام الزملاء الآخرين، وبنهاية السنة المالية، تذهب الترقية والعلاوة للوصوليين، الذين يداومون متأخراً لسهرهم حتى الفجر مع شلة الأنس من النواب والمديرين!
كنت فاهم الدنيا غلط: عندما كنت اكتفي بدموع المرأة لأصادق على مزاعمها تجاه زوجها الذي تشيع بأنه: ظالم، بخيل، عصبي، سيئ العشرة، حتى اكتشفت بأنه المغلوب على أمره، فرغم شقائه وتضحياته، ترمي بحسناته بجيبها المخروم وتحتفظ بسيئته الوحيدة بجيبها المنظوم!!
كنت فاهم الدنيا غلط: عندما كنت أقدم مصالح الآخرين على مصالحي الشخصية، عندما كنت أؤثر على نفسي لأزرع الابتسامة على الوجوه البائسة والحزينة، قبل أن تدور الدنيا فأبحث عنهم ولا أجدهم، منهم من يختلق الزعل ومنهم من يدعي الظروف القاهرة، لدرجة أنه يستكثر عليك الوقفة المعنوية!
كنت فاهم الدنيا غلط: عندما كنت لا أحمل أي شعور أو تعاطف تجاه ذلك الأربعيني وهو يستند لكبوت التاكسي الذي يكد عليه وعمامته على كتفه شاكياً: الفقر، العوز، الحاجة حتى فهمت مع الأيام معنى البطالة ومعنى أن تعول أسرة كبيرة وأنت عاجز على أن توفر لهم سبل الحياة الكريمة!
كنت فاهم الدنيا غلط: عندما كنت أناصر المؤجر فقط لأنه صاحب العقار والدائن لأنه صاحب المال والمسؤول لأنه صاحب الجاه والكلمة المسموعة، قبل أن أكتشف متأخراً بأن الحق غالباً مع المواطن الغلبان، الذي عصرته الدينا حتى أوقفت خدماته ورسي على الرصيف يبيع الشاي بالنعناع!
اليوم فقط، يمكنني القول بأنني فهمت الدنيا صح، لهذا لم أعد أهتم لألوانها وردية كانت أم سوداوية، هي باختصار مساحة لا حدود لها من النوايا الإنسانية، عليك أن تحسن قراءتها مهما أغرتك المظاهر الشكلية، عليك أن تكون أكثر حكمة ومصداقية، حتى لا تكتشف متأخراً بأنك كنت زي الأطرش وسط السيمفونية!!.
كنت فاهم الدنيا غلط: عندما كنت أرهق ميزانية والدي المتواضعة والذي يقتصر دخله على الضمان والدخل المتواضع من بيع المحاصيل الزراعية، قبل أن أتقمص الدور مع أبنائي: وأتجول ساعة الضحى بين غرفهم وأنزل الدرج وأطوف الحوش لأطفئ الأنوار المشتعلة تجنباً للفواتير المرتفعة!.
كنت فاهم الدنيا غلط: عندما أوهموني بعض الصداقين، بأن (من جد وجد)، فكنت أحضر أول الموظفين وأنجز مهامي ومهام الزملاء الآخرين، وبنهاية السنة المالية، تذهب الترقية والعلاوة للوصوليين، الذين يداومون متأخراً لسهرهم حتى الفجر مع شلة الأنس من النواب والمديرين!
كنت فاهم الدنيا غلط: عندما كنت اكتفي بدموع المرأة لأصادق على مزاعمها تجاه زوجها الذي تشيع بأنه: ظالم، بخيل، عصبي، سيئ العشرة، حتى اكتشفت بأنه المغلوب على أمره، فرغم شقائه وتضحياته، ترمي بحسناته بجيبها المخروم وتحتفظ بسيئته الوحيدة بجيبها المنظوم!!
كنت فاهم الدنيا غلط: عندما كنت أقدم مصالح الآخرين على مصالحي الشخصية، عندما كنت أؤثر على نفسي لأزرع الابتسامة على الوجوه البائسة والحزينة، قبل أن تدور الدنيا فأبحث عنهم ولا أجدهم، منهم من يختلق الزعل ومنهم من يدعي الظروف القاهرة، لدرجة أنه يستكثر عليك الوقفة المعنوية!
كنت فاهم الدنيا غلط: عندما كنت لا أحمل أي شعور أو تعاطف تجاه ذلك الأربعيني وهو يستند لكبوت التاكسي الذي يكد عليه وعمامته على كتفه شاكياً: الفقر، العوز، الحاجة حتى فهمت مع الأيام معنى البطالة ومعنى أن تعول أسرة كبيرة وأنت عاجز على أن توفر لهم سبل الحياة الكريمة!
كنت فاهم الدنيا غلط: عندما كنت أناصر المؤجر فقط لأنه صاحب العقار والدائن لأنه صاحب المال والمسؤول لأنه صاحب الجاه والكلمة المسموعة، قبل أن أكتشف متأخراً بأن الحق غالباً مع المواطن الغلبان، الذي عصرته الدينا حتى أوقفت خدماته ورسي على الرصيف يبيع الشاي بالنعناع!
اليوم فقط، يمكنني القول بأنني فهمت الدنيا صح، لهذا لم أعد أهتم لألوانها وردية كانت أم سوداوية، هي باختصار مساحة لا حدود لها من النوايا الإنسانية، عليك أن تحسن قراءتها مهما أغرتك المظاهر الشكلية، عليك أن تكون أكثر حكمة ومصداقية، حتى لا تكتشف متأخراً بأنك كنت زي الأطرش وسط السيمفونية!!.