كتاب

ولا يزال ريان داخل البئر!!

لخمسة أيام متتالية، حبس العالم أنفاسه، في انتظار إخراج الطفل المغربي (ريان) من البئر العميقة، لقد نسي العالم حروبه، همومه، ومحافله، وظل متسمراً أمام الشاشة يتأمل ذلك الجسد الصغير وهو يئن بجوف الأرض وبالكاد يتنفس ويرتشف الغذاء عبر الأنبوبة، فيما ظل أهالي قريته مرابطين بالموقع منهم من يفترش التراب ومنهم من يتسلق رافعة الشيول ومنهم من يلهج بالدعاء الصادق بأن ينجي الله الطفل (ريان) كما نجَّى النبي يونس من بطن الحوت، لكن الله بحكمته اختار أن يأخذ (ريان) إلى جواره ليحفه بعد ظلمة البئر وعذابه بنعيم الجنة وجمالها.

نفس العالم الذين تعاطفوا وبكوا على حال (ريان) لسقوطه واحتجازه بالبئر العميقة وربما لاموا فرق الحفر والحكومة المغربية لتأخرها بإنقاذه، لديهم في حياتهم الخاصة واحدًا أو أكثر مثل (ريان) سقط في بئر إهمالهم ورغباتهم ومع ذلك لم يشعروا للحظة بمعاناته أو يفكروا بإنقاذه! لقد نسي ذلك الرجل المزواج كل المواقع وقروبات الواتس أب التي كان يشارك فيها ليل نهار ناشراً المقاطع التوعوية التي تحث على فضل التعدد، وظل يتنقل عبر جواله بين القنوات الإخبارية مبدلاً بقلق بين نظاراته كل ما جاءت اللقطة على (ريان) عله يرصد حركته فيطمئن قلبه عليه، فيما كانوا أطفاله الذين هم من لحمه وشحمه حبيسي بئر الحرمان منذ أشهر بعد أن قطع عنهم بقسوته وعناده النفقة والأبوة الحانية!!


لقد نسيت تلك المرأة المتحررة كل الهاشتاقات التي اعتادت على إنشائها أو المشاركة فيها مطالبة بتمرد النساء ونشر ثقافة الطلاق وسط بنات حواء، وبقيت تكفكف دموعها على فقدان (ريان) لحنان والديه وبقائه وحيداً داخل البئر العميقة يتألم دون أن يجد اليد الرحيمة التي تطبطب عليه، فيما كان أطفالها الذين هم من لحمها وشحمها حبيسي بئر رغباتها منذ سنين بعد طلاقها وتشتت عائلتها وانشغالها بالقضايا الأسرية!!

لقد نسي ذلك المنتمي لثلة مشاهير الفلس تهريجه ولعبه الذي يبثه على مدار الساعة مع عائلته جرياً منه خلف ملايين الإعلانات والمتابعين، وراح يتابع آخر الأخبار المستجدة عن (ريان) ناسباً أسباب ما حدث له لإهمال أمه وأبيه حين تركوه يلعب طويلاً في هذه المنطقة دون أن يمنعوه، فيما كان أطفاله الذين هم من لحمه وشحمه حبيسي بئر هوسه للشهرة المزمنة وقد حرموا من الخصوصية ولازمتهم الأمراض النفسية!!


ربما لا تتسع المساحة للتطرق لبقية ما يعانيه الطفل بمجتمعاتنا العربية من عنف واستغلال، ولكن الحق يقال إن مظاهر التعاطف التي لمسناها تجاه (ريان) أشعرتنا للحظه أننا نعيش بالجنة مع الحور العين والملائكة، قبل أن نفجع بوفاته ويبكيه العالم ويعود الإنسان لطبيعته القاسية، وإذا كانت وزارة البيئة والمياه والزراعة أطلقت تحذيراتها بضرورة ردم الأبار الارتوازية المهجورة، فإنني كمستشار قانوني أطلق تحذيراتي بضرورة نبش آبار الطلاق والخلع والإيذاء والتي يسقط ويحتجز فيها مئات الأطفال في سن (ريان) دون أن يتعاطف أو يشعر بألمهم أقرب الناس!؟.

أخبار ذات صلة

حواري مع رئيس هيئة العقار
الحسدُ الإلكترونيُّ..!!
مستشفى خيري للأمراض المستعصية
الحُب والتربية النبوية
;
سلالة الخلايا الجذعية «SKGh»
التسامح جسور للتفاهم والتعايش في عالم متنوع
التقويم الهجري ومطالب التصحيح
كأس نادي الصقور.. ختامها مسك
;
المدينـة النائمـة
كتاب التمكين الصحي.. منهج للوعي
الإسلام.. الدِّيانة الأُولى في 2060م
ما لا يرضاه الغرب للعرب!
;
العمل الخيري الصحي.. في ظل رؤية 2030
القمة العربية الإسلامية.. قوة وحدة القرارات
يا صبر عدنان !!
احذروا البخور!!