كتاب
من أدب الرحلات.. (دار الزيتونة)
تاريخ النشر: 24 مارس 2022 23:20 KSA
قديمًا كان يقال: (مصر تؤلف وبيروت تطبع والعراق تقرأ)، هذه المقولة لم تعد تعمل حالياً، تماماً كمقولة الفيزيائي اينشتاين الذي قال ذات يوم: (الشيء الوحيد الذي عليك معرفته هو أين تقع المكتبة)، لأن الكتب والصحف والمجلات الورقية أصبح الإقبال عليها في حده الأدنى حالياً والسبب يعود للإعلام الرقمي وما يقدمه من خدمة سريعة تمكن طالب الخدمة من الحصول على ما يريد عن طريق الهواتف الذكية التي يحملها في جيبه.. فالتقنيات الحديثة وانتشار الإنترنت ونمط الحياة السريع جعل القراء يبحثون عن الأخبار المختصرة والسريعة ادى ذلك إلى ازدهار النشر الإلكتروني.
لا يزال في الذاكرة عندما زرت مكتبة (دار الزيتونة) قبل الجائحة، الواقعة في شارع (فلاي بورغ)، والتي افتتحها اللبناني (آلن البطار) بعد وصوله إلى جنيف مهاجراً من بلده قبل (42) سنة.. ذكر صاحب المكتبة أن المكتبة كانت في طريقها للإغلاق والإفلاس لقلة الإقبال على شراء الكتب الورقية لولا الدعم الذي تم تقديمه من قبل مجلس مدينة (جنيف) وبعض الجمعيات المدنية والتي يقدر بحوالي 200 ألف فرنك سويسري سنويًا على اعتبار أنها تقوم بمهمة التعريف بثقافة وحضارة وتراث الأمة العربية في تلك المدينة. وعن سبب رواج الكتاب العربي في جنيف في فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي قال: قديماً كانت كتب القومية العربية والاشتراكية أكثر الكتب رواجاً، وبعدها أصبح الكتاب الممنوع من الدخول لأي بلد عربي هو الكتاب الرائج ومبيعاته عالية، وظهر بسبب ذلك ما سمى (بالأدب الممنوع)، فكل ما منع كتاب في أي بلد عربي يزيد الطلب عليه وتكثر مبيعاته، لدرجة -والكلام لصاحب المكتبة- أن كتاب (خريف الغضب) على سبيل المثال، للكاتب محمد حسنين هيكل والذي تم منعه في مصر وبعض البلاد العربية في الثمانينات من القرن الميلادي الماضي، قامت المكتبة ببيع أكثر من (5000) نسخة منه للسياح العرب الذين يزورون المدينة، لدرجة أنه عند ظهور كتاب هيكل بعنوان (بين الصحافة والسياسة) ظن صديقنا (آلن) -والكلام له- أنه يمكن أن يمنع من التداول، فقام بشراء (4000) نسخة إلا أن توقعه لم يكن في محلة فلم يمنع الكتاب وأدى ذلك لخسارته وتم بيع 24 نسخة فقط منه.
في أيامنا هذه -والكلام لصاحب الدار- لم يعد هناك إقبال على الكتب الورقية لدرجة أن الدار غيرت من نشاطها تمامًا إلى إقامة مهرجانات للموسيقى العربية وعرض بعض الفعاليات والأفلام والمسرحيات في قاعة (الحمراء) الشهيرة في مدينة جنيف والغريب أن 80% من الحضور في هذه الفعاليات هم من غير العرب على الرغم من الجالية العربية الكبيرة المقيمة في المدينة.