كتاب
«ماني غبي لهذي الدرجة»!
تاريخ النشر: 26 أبريل 2022 22:08 KSA
من وجهة نظر شخصية أرى أن هذه الجملة الساخرة أبلغ وأصدق عبارة تعبر عن رؤية الإنسان البسيط لكافة القضايا الاقتصادية، الاجتماعية، التعليمية، والعمالية التي تدور من حوله، لعلمه أنه لا حول له ولا قوة، لذا تجده من جهة لا ينفي عن نفسه صفة (الغباء) القسري الذي قد تضطره الظروف لإيهام الغير به، ومن جهة أخرى تجده لا يريد أن يعزز لاستغفال الآخرين به، فتأخذ المسألة منحنى أخطر، لذلك تجده ينتقد متهكماً «ماني غبي لهذي الدرجة»!
حين يرى الإنسان البسيط لوحة أمام كاشير الصيدلية، تترجم جشع التجار، عروض الخصم لا تشمل حليب الأطفال، ويكون المبرر المختلق تشجيع الأمهات على (الرضاعة الطبيعية)، فإنه لن يملك حينها سوى التنهد والتمتمة ساخراً، «ترى ماني غبي لهذي الدرجة»!
حين يرى ذلك الإنسان البسيط ظاهرة اختراق الحسابات البنكية، ثم يقرأ حادثة ضحية راجع البنك قبلها أو تزامن اتصال الهكر عليه مع انتهاء صرافته وقد ذكر له بيانات لا يعرفها إلا هو والموظفة، فإنه لن يملك حينها سوى التنهد والتمتمة ساخراً «ترى ماني غبي لهذي الدرجة»! حين يرى ذلك الإنسان البسيط مقابلة تلفزيونية مباشرة، يظهر فيها الضيف الذي يعرف الجميع أنه من نسل عائلة ثرية؛ مدعياً أنه ترك وظيفته واتجه للتجارة ليصبح دخله أضعاف راتبه، فإنه لن يملك حينها سوى التنهد والتمتمة ساخراً، «ترى ماني غبي لهذي الدرجة»!
حين يرى ذلك الإنسان البسيط تزايد جرائم العنف الأسرية، ويلحظ تحرك النيابة والأجهزة الأمنية (تم القبض) بمدة قياسية، ثم يسمع إشادة بدور جمعية الحماية تجاه بلاغات الإيذاء السابقة، فإنه لن يملك حينها سوى التنهد والتمتمة ساخراً، «ترى ماني غبي لهذي الدرجة»! حين يرى ذلك الإنسان البسيط مدى إرهاق وإعياء أولاده لطول العام الدراسي -حتى برمضان- وأثره السلبي على مخرجات التعليم، ثم يقرأ خبر عاجل؛ حصول جودة التعليم لدينا على المرتبة الثانية عربيًا، فإنه لن يملك حينها سوى التنهد والتمتمة ساخراً، «ترى ماني غبي لهذي الدرجة»!
حين يرى ذلك الإنسان البسيط هيمنة واحتكار العمالة الأجنبية حتى أقصوا شبابنا وحولوا أسواقنا لحارات قديمة بدكا ودلهي والمكلا، ثم يأتي (المنبطحون) ليتهموا كل من ينتقدهم بالعنصرية، فإنه لن يملك حينها سوى التنهد والتمتمة ساخراً، «ترى ماني غبي لهذي الدرجة»!
من وجهة نظر شخصية، فإن الإنسان البسيط الذي يكتفي بنقده للقضايا التي لا تتوافق مع إدراكه لحقيقة الأمور من حوله بعبارة، (ماني غبي لهذي الدرجة) أراه شخص فطن وذكي للغاية، ويعرف كيف يوزن الأمور، وكيف يوجه لمن حاول الاستخفاف به رسالة مبطنة مفادها؛ (لا تكن غبيًا لهذه الدرجة)!!.
حين يرى الإنسان البسيط لوحة أمام كاشير الصيدلية، تترجم جشع التجار، عروض الخصم لا تشمل حليب الأطفال، ويكون المبرر المختلق تشجيع الأمهات على (الرضاعة الطبيعية)، فإنه لن يملك حينها سوى التنهد والتمتمة ساخراً، «ترى ماني غبي لهذي الدرجة»!
حين يرى ذلك الإنسان البسيط ظاهرة اختراق الحسابات البنكية، ثم يقرأ حادثة ضحية راجع البنك قبلها أو تزامن اتصال الهكر عليه مع انتهاء صرافته وقد ذكر له بيانات لا يعرفها إلا هو والموظفة، فإنه لن يملك حينها سوى التنهد والتمتمة ساخراً «ترى ماني غبي لهذي الدرجة»! حين يرى ذلك الإنسان البسيط مقابلة تلفزيونية مباشرة، يظهر فيها الضيف الذي يعرف الجميع أنه من نسل عائلة ثرية؛ مدعياً أنه ترك وظيفته واتجه للتجارة ليصبح دخله أضعاف راتبه، فإنه لن يملك حينها سوى التنهد والتمتمة ساخراً، «ترى ماني غبي لهذي الدرجة»!
حين يرى ذلك الإنسان البسيط تزايد جرائم العنف الأسرية، ويلحظ تحرك النيابة والأجهزة الأمنية (تم القبض) بمدة قياسية، ثم يسمع إشادة بدور جمعية الحماية تجاه بلاغات الإيذاء السابقة، فإنه لن يملك حينها سوى التنهد والتمتمة ساخراً، «ترى ماني غبي لهذي الدرجة»! حين يرى ذلك الإنسان البسيط مدى إرهاق وإعياء أولاده لطول العام الدراسي -حتى برمضان- وأثره السلبي على مخرجات التعليم، ثم يقرأ خبر عاجل؛ حصول جودة التعليم لدينا على المرتبة الثانية عربيًا، فإنه لن يملك حينها سوى التنهد والتمتمة ساخراً، «ترى ماني غبي لهذي الدرجة»!
حين يرى ذلك الإنسان البسيط هيمنة واحتكار العمالة الأجنبية حتى أقصوا شبابنا وحولوا أسواقنا لحارات قديمة بدكا ودلهي والمكلا، ثم يأتي (المنبطحون) ليتهموا كل من ينتقدهم بالعنصرية، فإنه لن يملك حينها سوى التنهد والتمتمة ساخراً، «ترى ماني غبي لهذي الدرجة»!
من وجهة نظر شخصية، فإن الإنسان البسيط الذي يكتفي بنقده للقضايا التي لا تتوافق مع إدراكه لحقيقة الأمور من حوله بعبارة، (ماني غبي لهذي الدرجة) أراه شخص فطن وذكي للغاية، ويعرف كيف يوزن الأمور، وكيف يوجه لمن حاول الاستخفاف به رسالة مبطنة مفادها؛ (لا تكن غبيًا لهذه الدرجة)!!.