كتاب

هل هناك عودة لحرب عالمية نووية؟!

الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا يملكان فيما بينهما 95% من السلاح النووي في العالم، وأي صراع مباشر بينهما يضع هذه الكمية من السلاح النووي في معادلة مواجهتهما لبعضهما البعض. وعندما يقول وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، أن هدف العملية العسكرية الغربية لمواجهة روسيا؛ هو منع أي قائد روسي، في المستقبل، من التفكير في اتخاذ قرار شبيه بما فعله بوتين في أوكرانيا، فإن معنى ذلك إضعاف روسيا عسكرياً ومعنوياً إلى الحد الذي يفقدها القدرة على التفكير فحسب، وليس العمل، على مواجهة بلد آخر، حتى وإن كان صغيراً.. أي أن المواجهة بين العملاقين النوويين ليست بالوكالة عبر أوكرانيا، كما يقول البعض، وإنما هي مواجهة مباشرة، وتحمل نذراً خطيرة يعي الروس، ومعهم الصينيون، وكذلك الإدارة الأمريكية عواقبها ونتائجها، ويستعد كل منهم لكسب نتائجها. حيث دخلت الدول الغربية - أوروبا وأمريكا - في موجة صرف على استعدادات عسكرية، تشمل أسلحة تُنتج في المصانع يُقال إنها لمساعدة أوكرانيا، في حين أن جزءاً كبيراً منها لا يعرف الجيش الأوكراني كيف يستخدمها، وتنفق الخزائن الغربية عشرات المليارات من الدولارات (لمساعدة) أوكرانيا على (هزيمة) القوات الروسية الغازية لها، مما تسبَّب - حتى الآن - في خمسة ملايين لاجئ يهربون إلى خارج أوكرانيا، وقيام فنلندا والسويد - اللتين اختارتا الحياد بين الاتحاد السوفيتي/ روسيا والدول الغربية منذ الحرب العالمية الثانية - بالاستعداد للانخراط في الحلف الأطلسي (الناتو)، وتواصل خطوط الاتصال - التي كانت مفيدة خلال الحرب الباردة، بين عواصم أوروبا وأمريكا من ناحية، وموسكو من ناحية أخرى - انقطاعها، فلا حديث عن أي حلول وسط، بل دعوة موسكو الانسحاب من أوكرانيا والاستسلام، واستمرار التصعيد العسكري على الساحة الأوكرانية والشحن الإعلامي والدبلوماسي القوي ضد المعتدي الروسي.

ظهرت تحليلات من مراكز بحث - لها تأثير في البيت الأبيض - تشير الى أن ليس كل الأسلحة النووية فتَّاكة وبشعة، بل هناك أسلحة نووية محدودة المفعول وصغيرة. وبرزت هذه التحليلات بعد أن قامت إدارة بايدن بالطلب من البنتاجون بأن يقتطع من ميزانيته لعام 2023 المبالغ التي أجازتها إدارة الرئيس السابق، دونالد ترمب، لبرنامج صواريخ نووية (صغيرة) المفعول؛ يتم إطلاقها من الغواصات. ويشتد الآن الجدل فيما بين النواب من الحزبين الديموقراطي والجمهوري حول هذا الأمر، وسط معلومات تقول: إن أعداد جنرالات البنتاجون المؤيدين لهذه الصواريخ حاملة الرؤوس النووية (الصغيرة) تتزايد، وبالطبع ليست هذه الأسلحة النووية الصغيرة الوحيدة، بل تتواجد في ترسانة الطرفين أسلحة صغيرة أخرى.


الصين لاحظت التصعيد الأمريكي ضد روسيا وسمعت قول بايدن، في خطابه الأخير أمام الكونجرس، أن هدف أمريكا الأول هو الصين وليس روسيا (للمواجهة الاقتصادية). فأخذت تزيد من طلعاتها العسكرية الجوية فوق جزر تايوان، التي تعتبرها جزءاً من الدولة الصينية، وأعلنت أنها تُنسِّق مع روسيا في المواجهة القائمة الآن، ووقعت اتفاقية عسكرية مع دول جزر سليمان، غير البعيدة عن حليف أمريكا/ أستراليا،. وانطلقت بحريتها العسكرية تجوب البحار حول الجزر التي بنتها وحوَّلتها إلى قواعد عسكرية، متجاوزة الحدود الدولية البحرية لعدة بلدان آسيوية.

باختصار ما نُشاهده اليوم من اللاعبين الدوليين الثلاثة، روسيا وأمريكا والصين، هو سياسة حافة الهاوية، التي لا تتيح مجالاً كبيراً للمناورة وارتكاب الأخطاء لأي منهم. وهي سياسة تتجه بالجميع إلى نهاية مأساوية لهم، ولباقي العالم.. فهل توجد حسابات لا نفهمها حتى الآن تشير الى إمكانية انتصار أحد اللاعبين في هذه اللعبة الخطيرة، بحيث لا يتعرض العالم للفناء بالسلاحين الكيماوي والنووي؟!.


* ملحوظة:

كُتب هذا الموضوع قبل عرض النصر السنوي الذي تقوم به موسكو، وقبل سماع خطاب بوتين فيه (يوم 9 مايو).

أخبار ذات صلة

اللغة الشاعرة
مؤتمر الأردن.. دعماً لوحدة سوريا ومستقبلها
الجهات التنظيمية.. تدفع عجلة التنمية
الاستثمار في مدارس الحي
;
معرض جدة للكتاب.. حلَّة جديدة
«حركية الحرمين».. إخلاص وبرامج نوعية
دموع النهرين...!!
الجمال الهائل في #سياحة_حائل
;
عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض