كتاب

هل تعيش النخبة الحاكمة بواشنطن في عالم افتراضي؟!

هناك واقع يرفض الأمريكيون الاعتراف به حتى الآن، وهو يتعارض مع رغبة واشنطن في فرض النموذج الغربي على العالم، وعلى مجتمعات تختلف تجاربها وتطورها واستقرارها عما مرت أو تمر به (شعوب) الولايات المتحدة الأمريكية. ولا تُسلِّم النخبة الحاكمة بأمريكا بحق أي شعب من شعوب الأرض في التطور والتقدم وفق إرادات هذه الشعوب، وتصر على أن نموذجها هو النموذج الذي يجب أن يُتَّبع، وأن «حقوق الإنسان» هي حسب المواصفات التي تراها هذه النخبة. وعندما كان الاتحاد السوفيتي قائماً وبشعار الشيوعية والاشتراكية، شنَّت واشنطن حملة شعواء على ذلك النظام، وسعت لكسب دعم العالم لها بالقول: إن الشيوعية تحض على التخلي عن الأديان، وجندت كثيرا من المجتمعات في عدة دول لمحاربة دعوة الإلحاد التي تحملها الشيوعية، واصطفت كثير من الدول إلى جانب واشنطن في حرب شنَّتها بالوكالة على الاتحاد السوفيتي، وتمكنت تلك الكتلة المناوئة للنظام الشيوعي من إسقاط الاتحاد السوفيتي، وتنصيب واشنطن قطباً أوحداً للعالم. إلا أن الإمبراطورية الأمريكية أساءت إدارة انتصارها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وتقمَّصت العباءة الاستعمارية للدول الكبرى، وأخذت في النظر إلى العالم بفوقية وتعالٍ، وطلبت تنفيذ أجندتها اليسارية المتطرفة على شعوب العالم، بصرف النظر عمَّا تُمثِّله هذه الشعوب، وتضمَّنت هذه الأجندة؛ التخلي عن الدين والإيمان والتقاليد، والقبول بحرية الشواذ جنسياً، وفرض الأنظمة والقوانين التي تتيح لهم العمل على تغيير مجتمعاتهم وإفسادها.

كثير من الشعوب، غير الأوروبية، تتطلع نحو أمريكا برأسماليَّتها وجامعاتها ومراكز البحوث فيها، والحريات التي تؤمنها أنظمتها للأفراد. إلا أن هذه الشعوب غير مستعدة للتخلي عن قيمها، وإيمانها لتبني ما تُبشِّر به أمريكا.. وتكون مجتمعاتها جزءاً من التجربة الليبرالية الجديدة فيها. وأدت الضغوط التي تمارسها أمريكا على المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة وما تفرَّع منها، بالإضافة إلى الضغط الأوروبي، واستسلام بعض الدول الأعضاء في هذه المنظمات، وتضمين بيانات ومشاريع المنظمات الدولية الأفكار اليسارية تحت شعارات «حقوق الإنسان» بمفهوم يساري متطرف.


في ظل الصراع المحتدم حالياً حول أحقية أمريكا في أن تكون القطب المهيمن أو جزءاً من الأقطاب في العالم، على النخبة المهيمنة على سياسات واشنطن أن تكون حذرة في تعاملها مع دول وشعوب العالم، حتى لا تتجه الأنظار إلى نماذج اقتصادية وسياسية بعيداً عن المحور الغربي. خاصة أن الصين، بالرغم مما يُشاع عن قسوتها وبطشها، لم تكن دولة استعمارية خارج حدودها، وأنها حتى في سياستها التوسعية الأخيرة ابتعدت عن السياسة في علاقتها بدول العالم، وركزت على البنى التحتية ومجال الطاقة في تعاملها مع دول في آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا وأمريكا اللاتينية. وفي هذا الإطار تمضي في سياسة العولمة الخاصة بها عبر «مبادرة الحزام والطريق»، علماً بأن سياستها الاقتصادية مبنية على مبادئ رأسمالية تُناسب دول الشرق الأوسط وغيرها.

خلال حرب روسيا على أوكرانيا، والتي تقودها أمريكا لدعم أوكرانيا وتقديم المساعدات العسكرية والاقتصادية لها، وقيام الصين ببناء الأسس لنظام عالمي جديد مع الهند وجنوب إفريقيا والبرازيل وروسيا (دول بريكست) يعتمد بشكل رئيسي على التعاون الاقتصادي. فإن دول العالم تبحث عن موقع يُؤمِّن لها أمنها واستقرارها ونموها. وتبدو الإدارة الحالية في واشنطن وكأنها تعيش في عالم افتراضي بعيداً عن الواقع.

أخبار ذات صلة

اللغة الشاعرة
مؤتمر الأردن.. دعماً لوحدة سوريا ومستقبلها
الجهات التنظيمية.. تدفع عجلة التنمية
الاستثمار في مدارس الحي
;
معرض جدة للكتاب.. حلَّة جديدة
«حركية الحرمين».. إخلاص وبرامج نوعية
دموع النهرين...!!
الجمال الهائل في #سياحة_حائل
;
عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض