كتاب

بين التجهيل والاستجهال..!!

.. طفلة سودانية لم تبلغ العاشرة من عمرها، وصفوها بالمعجزة الإلهية، ووصفوا علاجها بالماء بأنه من الخوارق..

وكما يقول المضللون عنها ولها إن هذه الطفلة المعجزة الإلهية رأت رؤيا وعمرها سبع سنوات، فقد جاءها ملك قال لها بأنك تعالجين أي (زول) يعاني من أي علة!!


وحين سألته: هل أنت شيطان أم ملك؟

قال لها أنا ملك من السماء..!!


****

.. ثم زاد المضللون في خداعهم:

إن أباها حين روت له القصة أراد أن يختبرها، أو يختبر صدقها فأحضروا لها مشلولا، وما أن رشته بالماء حتى قام يمشي سليمًا..!!

****

.. هذه الخرافة كانت كفيلة أن تنتشر كالنار في الهشيم في مجتمع يعاني أصلا الكثير من المشكلات، فتدافع الناس أمام بيتها ليحصلوا على رشة ماء من يدي الطفلة وهي تحثو عليهم من فوق سقف بيتها.. والأغرب من ذلك أولئك الذين توهموا بأنهم قد شفوا من أمراضهم...!!

****

.. حكاية الطفلة السودانية ذكرتني بقصة ذلك المتصعلك الذي عمل في العديد من الصنائع، ولما لم يفلح قرر أن يكون «شيخًا روحانيًا»..!!

وكل ما فعله هو أنه أطال لحيته وتمظهر بمظهر الناسك، وجند بعض أصدقائه في الحي ليروا حكاية أنه ذات ليلة تبتل وحلم بمن يلقنه علم فك الأسحار وطرد الأرواح الشريرة من الأجساد البشرية، وما هو إلا شهر أو شهرين حتى بدأ الناس يتهافتون إلى بيت هذا الشيخ الجليل الذي يعرف هو قبل غيره أنه مجرد صعلوك...!!

****

.. مثل هذه الخرافات تجسد حال مجتمعاتنا العربية وما تعانيه من جهل وتخلف وخلل يجعلها تركض خلف كل شائعة أو خرافة..

والمشكلة في نظري ليست في الجهل وحده، فالجهل حالة عقلية بنيوية متدرجة يتم تحرير العقل منها بالتنوير.

المشكلة فيما يمكن أن نسميه بـ»التجهيل» أو «الاستجهال»، بمعنى أنك تجد في قلب من يصدق بالخرافات طبقات من المثقفين والمتعلمين، هؤلاء لا يعانون (الجهل) ولكنهم لم يستطيعوا تحرير عقولهم من التجهيل أو الاستجهال..!!

****

.. وما بين التجهيل والاستجهال خيط رفيع، فالتجهيل تضليل قد يكون مصدره الآخرون، أما الاستجهال فتظليل قد تكون أنت مصدره..

ولكم أن تتأملوا كم شائعة مظللة صدقنا بها، وركضنا خلفها، ووقعنا في شراكها!!

وكم شائعة تشبه الخرافة أقدمنا عليها، ونحن نعرف في قرارة نفوسنا أنها ربما تكون مجرد شائعة..؟!

****

.. ولذلكم فمشكلتنا الحقيقية اليوم في مجتمعاتنا العربية ليس الجهل، فنحن في زمن الثورة العلمية، ولكن في تعطيل العقل، حتى أصبح ريشة في مهب الريح تهزه كل شائعة.. وفقد حالته السوية...!!

****

.. «آفة العقل «هي بعده عن عمقه الديني الذي يدعو إلى التفكر والتأمل والتدبر، ويقوده إلى الرشد وإلى الحالة السواء، وهذا هو قوام الحياة النورانية..!!

أخبار ذات صلة

اللغة الشاعرة
مؤتمر الأردن.. دعماً لوحدة سوريا ومستقبلها
الجهات التنظيمية.. تدفع عجلة التنمية
الاستثمار في مدارس الحي
;
معرض جدة للكتاب.. حلَّة جديدة
«حركية الحرمين».. إخلاص وبرامج نوعية
دموع النهرين...!!
الجمال الهائل في #سياحة_حائل
;
عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض