كتاب

مكة.. والتعليم النظامي

ليس خافيًا على أحد مكانة مكة العلمية على مدار تاريخ الإسلام، فالحرمُ المكيُّ هو أعظمُ جامعة إسلامية عرفها الإسلام على مرّ تاريخه، والكتاتيب القرآنية امتلأتْ بها أحياءُ مكةَ ودورُها على مرِّ عصورِها.

ولكنّ ما قد يخفى على البعضِ هو دورُ مكة في ترسيخ (التعليم النظاميّ) الحديث، الذي يؤهلُ الطلابَ والطالباتِ لدخول الجامعاتِ، والحصول على أعلى الرتب العلمية.


وحسبي أن أشير هنا إلى أوليات مكية في هذا السياق:

- أولُ مدرسة نظامية عرفتها الجزيرةُ العربية هي المدرسةُ (الصولتية)، التي أنشأها الشيخ محمد رحمة الله خليل العثماني في مكة، وتبرع لها أمراء المهاجرين المقيمين فيها، حتى أفردتْ لها المحسنةُ الهندية (صولت النساء) مبنى واسعًا، وخصصت لها جزءًا كبيرًا من ثروتها، ويشهد التاريخ أن كثيرًا من المدارس التي عرفتها مكةُ من بعد، كان تأسيسها على يد خريجي المدرسة الصولتية، كالمدرسة الفخرية، ودار الفائزين، والخيرية.


- أولُ مدرسةٍ ثانوية في المملكة العربية السعودية كانتْ في مكة، وهي مدرسة (تحضير البعثات)، التي كانتْ تهيئ كوادر الوطن للالتحاق بالجامعاتِ المصرية وغيرها، وهي المدرسة التي خرَّجتِ الأجيال الأولى من قادة العلم والفكر والإدارة في بلادنا الغالية، ولذلك وصف الأستاذ عبدالله عبدالجبار افتتاح هذه المدرسة بمكة بأنه: «أخطر حدثٍ في تاريخ التعليم الحديث في السعودية أجمع»، وأضاف: «لولاها لما كان لنا هذا العدد من الجامعيين، ولولاها ما أقدمنا على إنشاء جامعة الرياض».

- أول مدرسة ابتدائية للبنات في تاريخ المملكة العربية السعودية كانت في مكة، وهي مدرسة البنات الأهلية التي أُنشئت سنة 1362هـ.

- أول مدرسة ثانوية للبنات كانت في مكة، وهي مدرسة الزهراء الأهلية، أسَّسها الأستاذ عمر عبدالجبار.

- أول إدارة تعليم في المملكة العربية السعودية كانت في مكة، أنشئت سنة 1380هـ.

- أول مدرسة ليلية في المملكة العربية السعودية هي مدرسة النجاح الليلية، التي أسسها الأستاذ عبدالله أحمد خوجة في حي المسفلة، واستهدف من خلالها الأميين من كبار السن والعمال والباعة والتجار.

وحين نستعرضُ هذه الأولياتِ ندرك أن مكة -عمرها الله- حازت قصب السبق في العصر الحديث في ترسيخ التعليم النظامي. وفوق هذه الأوليات فإن مكة قد شهدت تأسيس كوكبة من أرفع المدارس النظامية في تاريخ الجزيرة، كمدرسة الفلاح، ومدرسة دار الحديث، ومدرسة إندونيسيا المكية، ومدرسة دار العلوم الدينية، ومدرسة الفتاة، والمدرسة الرحمانية، وغيرها.

وإذا أضفتَ إلى كلِّ هذا، استعراضَ أسماءِ رجالاتِ المملكة ونسائها ممن تخرَّج في هذه المدارسِ، علمتَ أنَّ هذه البقعة المباركةَ قد أمدَّتْ هذا الوطنَ الغالي بكوكبةٍ من أخلصَ رجالاته، وأكثرهم كفايةً وصدقًا وعطاءً. ولا عجبَ أن تكونَ الأرضُ التي شهدتْ تنزُّلَ (اقرأ)، موطنًا للقراءةِ والعلمِ والتعليم.

أخبار ذات صلة

اللغة الشاعرة
مؤتمر الأردن.. دعماً لوحدة سوريا ومستقبلها
الجهات التنظيمية.. تدفع عجلة التنمية
الاستثمار في مدارس الحي
;
معرض جدة للكتاب.. حلَّة جديدة
«حركية الحرمين».. إخلاص وبرامج نوعية
دموع النهرين...!!
الجمال الهائل في #سياحة_حائل
;
عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض