كتاب
رحلة البرعي للأماكن المقدسة
تاريخ النشر: 22 يونيو 2022 00:05 KSA
تهفو قلوب المسلمين إلى أداء مناسك الحج والعمرة في بيت الله الحرام؛ وزيارة مسجد نبيه الكريم -صلى الله عليه وسلم- في المدينة المنورة.. وتجد بعضهم يذرف الدموع وهو يُودِّع أقاربه من الحجاج أو يستقبلهم، من هؤلاء الذين طغى الشوق على قلوبهم، فخرج شعراً على لسانه، شاعرُ اليَمَنِ وأحد فُحول شعراء القَرن الثامن الهجري «عبدالرحيم بن أحمد بن علي البُرَعي»، الذي جاءَ حاجًّا، فلمّا قارب مكة المكرمة، وهَبَّ عليه النسيم رطبًا عليلًا معطرًا برائحة الأماكن المقدسة، غَلَبَهُ الشوق، فأنشد قصيدته المشهورة التي قال فيها: يَا رَاحِلِينَ إِلَى مِنًى بِقِيَادِي... هيجتمو يَوْمَ الرَّحِيلِ فُؤَادِي وَيَلُوحُ لِي مَا بَيْنَ زَمْزَمَ وَالصَّفَا... عِنْدَ الْمَقَامِ سَمِعْتُ صَوْتَ مُنَادِ وَيَقُولُ لِي يَا نَائِمًا جَدَّ السُّرَى... عَرَفَاتُ تَجْلُو كُلَّ قَلْبٍ صَادِ مَنْ نَالَ مِنْ عَرَفَاتْ نَظْرَةَ سَاعَةٍ... نَالَ السُّرُورَ وَنَالَ كُلَّ مُرَادِ تَاللهِ مَا أَحْلَى المَبِيتَ علَى مِنى... فِي لَيْلِ عِيدٍ أبْرَك الأَعْيَادِ ضَحُّوا ضَحَايَاهُم فَسَالَ دِمَاؤُهَا... وَأَنَا المتَيَّم ُقَد نَحَرْتُ فُؤَادِي يَا رَبِّ أَنْت َوَصَلْتَهُم صِلْنِي بِهِم... فبِحَقِّهِم يَا رَبِّ فِيكَ قِيَادِي قُولُوا لَهم عَبْدُالرَّحِيمِ مُتَيَّم... وَمُفَارِق الأَحْبَابِ وَالأَوْلَادِ صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يَا عَلَم الهُدَى... مَا سَارَ رَكْبٌ أَو تَرَنَّمَ حَادِي وتعود قصة هذا الشاعر وقصيدته، وقتما حمل متاعه على جملٍ؛ قاصدًا البقاع المقدسة لأداء فريضة الحج، وعندما اقترب رَكْبُهُ من مكة، هبَّت نسائم الأماكن المقدسة، فازداد شوقه للوصول، لكن مرض الموت اشتد عليه بصورةٍ قاسية ومتسارعة لم تمهله، فلفظ أنفاسه مع آخر بيت من هذه القصيدة التي سطرها هذا الشاعر حبًّا في الحج وأيامه، والتي قدم في أبياتها عصارة أحلامه وأمانيه في أداء شعيرة الحج، وزيارة الأماكن المقدسة، ذكر فيها هياجه وحبه إلى تلك الأماكن المقدسة.
وهذا ما نجده عادةً في نظمه، فتجد المفردة سهلة المعنى، قوية البناء، موضوعة بدقةٍ متناهية في مكانها الصحيح، توفَّاه الله، ودُفن (رحمه الله) بمكانٍ يُسمَّى (خيف البرعي)، في سنة 803 من الهجرة النبوية الشريفة.. إنها قصيدة من البحر الكامل، ضمن فيها البرعي أحاسيسه ولوعته وهو يُودِّع قافلة الحجاج المتجهة إلى مشعر منى، إنها قصيدة لا تموت، لأن أغلب ضيوف الرحمن يعرفونها، ويتحاكون بقصتها رغم مرور السنين.
وهذا ما نجده عادةً في نظمه، فتجد المفردة سهلة المعنى، قوية البناء، موضوعة بدقةٍ متناهية في مكانها الصحيح، توفَّاه الله، ودُفن (رحمه الله) بمكانٍ يُسمَّى (خيف البرعي)، في سنة 803 من الهجرة النبوية الشريفة.. إنها قصيدة من البحر الكامل، ضمن فيها البرعي أحاسيسه ولوعته وهو يُودِّع قافلة الحجاج المتجهة إلى مشعر منى، إنها قصيدة لا تموت، لأن أغلب ضيوف الرحمن يعرفونها، ويتحاكون بقصتها رغم مرور السنين.