كتاب

البرازيليـة

في تاريخ العلوم، يُطلق على عام 1666م اسم «عام المعجزات».. وذلك بسبب اكتشافات جوهرية غيرت العالم عندما قام العالم الإنجليزي «اسحاق نيوتن» باكتشاف قوانين الحركة، والجاذبية، والتفاضل والتكامل، وخصائص الضوء.. وفي تاريخ الطيران والفضاء كان عام 1969م هو «عام المعجزات» أيضاً، فشهد هبوط الإنسان على سطح القمر بنجاح.. وأول طيران للبوينج 747 الجامبو؛ التي غيرت عالم الطيران التجاري.. وولادة طائرة «أ 300»، لتصبح أول طائرات الإيرباص الأوروبية.. وطيران «الكونكورد» البريطانية الفرنسية التجارية الأسرع من الصوت.. وفي ذلك العام، تم تأسيس الشركة البرازيلية للطيران، أو «إمبريير»، لتوطين صناعة الطائرات بدعم الحكومة..

فبدأت الشركة بداية متواضعة، وأنتجت طائرة مروحية صغيرة، لتحمل حوالى 15 راكباً، للاستعمالات المختلفة المدنية والعسكرية.. فكانت طائرة مزعجة، ولم تكن مريحة، ولكنها نجحت نجاحاً عالمياً كبيراً بسبب سلامة تصميمها، واقتصادياتها. صنعت الشركة خمسمائة طائرة، وباعتها محلياً بداخل البرازيل، وعالمياً خلال الفترة 1969 إلى 1990.. وأتذكر أنني سافرت على متنها عندما كنت طالباً في الولايات المتحدة، وبصراحة لم تكن مريحة أبداً.. «رجرجة، وخضخضة، واهتزاز» من هنا وهناك.. وكما كان اسمها «بنديرانتي»، ويرمز إلى قاطع الطرق أو القبضاي.. وشعرت بأنني خارج عن القانون أثناء سفري على متنها. وبمرور السنين، بنت الشركة على تجارب نجاح طائرتها الأولى، فصممت منتجات مختلفة، ركزت على أجزاء أسواق النقل الجوي، التي لم تهتم بها الشركات الكبرى، وتحديداً فقد كانت الشركات الكبرى وفي مقدمتها شركتا «بوينج» و»إيرباص» مهتمة بصناعة الطائرات، ذات سعة 120 راكباً، وما فوق ذلك، للمسافات المتوسطة والطويلة.. ولكن الشركة البرازيلية ركزت على سعة ما دون ذلك. ونجحت نجاحاً باهراً في الأسواق العالمية والدولية أيضاً. واستطاعت عبر السنين أن تثبت جدارتها في بعض من أشد البيئات التنافسية حول العالم، حيث أصبحت من أهم مكونات النقل الإقليمي والمحلي في 70 دولة حول العالم، وأكثر من مائة شركة طيران، ومنها شركات مرموقة مثل: اليابانية، والألمانية، والفرنسية، والإيطالية، والنمساوية، والعديد من الشركات الأمريكية المرموقة مثل: «دلتا»، و»يونايتد»، و»أمريكان»، و»آلاسكا»، وغيرها. وتوسعت أنشطة الشركة لتشمل منتجات جديدة مثل الطائرات الخاصة، والطائرات العسكرية، وبعض من مكونات المنظومات الفضائية. وللعلم، فهي لا تصنع جميع مكونات الطائرة، فالمحركات مثلاً صناعة أمريكية من شركة «برات أند ويتني» و»جنرال إلكتريك»، وتعرضت الشركة إلى مقلب محترم عام 2018م، حيث قامت شركة بوينج الأمريكية بالإعلان عن تحالف مع الشركة البرازيلية، لتصبح أكبر وأقوى كيان في مجال النقل الجوي، ولكن بوينج انسحبت فجأة بدون أسباب مقنعة.


وأخيراً، فجدير بالذكر أن إحدى طرازات الشركة خدمت بدءاً من 2006 ضمن أسطول الخطوط الجوية العربية السعودية بطائرات ذات سعة 66 راكباً، لخدمة المسافات القصيرة، وكانت محبوبة للطيارين بسبب تقنياتها المتقدمة، ومحبوبة للعديد من ركابها بسبب سعة مقصورتها، فلم يوجد بها أي مقعد في الوسط.. حيث كانت ولا تزال فلسفة الشركة أن تكون جميع الكراسي على الشباك أو الممر. وبالرغم من مميزاتها، فلم تخدم إلا لفترة عشرة سنوات فقط في أسطول السعودية.

* أمنية:


واجهت صناعة الطيران العربية تحديات كثيرة، تسببت في تعثر محاولات النهوض بهذا القطاع المهم.، وللعلم فهو من أهم قطاعات نقل وتطويع وتطوير التقنيات المختلفة.. أتمنى أن نتعلم جميعاً من دروس نجاح «إمبريير» البرازيلية، وأحد أهم عوامل نجاحها هو: نشر التقنية محلياً، من خلال أفضل برامج الشراكات الدولية الذكية، والأبحاث والتطوير، والتوطين والتدريب للشباب في هذا القطاع المهم.. وتحتل اليوم «إمبريير» البرازيلية المركز الثالث في صناعة الطائرات التجارية عالمياً بتوفيق الله.. وهو من وراء القصد.

أخبار ذات صلة

شهامة سعودية.. ووفاء يمني
(مطبخ) العنونة الصحفيَّة..!!
رؤية وطن يهزم المستحيل
ريادة الأعمال.. «مسك الواعدة»
;
هل يفي ترامب بوعوده؟
رياضة المدينة.. إلى أين؟!
جيل 2000.. والتمور
التراث الجيولوجي.. ثروة تنتظر الحفظ والتوثيق
;
قصَّة أوَّل قصيدة حُبٍّ..!
حواري مع رئيس هيئة العقار
الحسدُ الإلكترونيُّ..!!
مستشفى خيري للأمراض المستعصية
;
الحُب والتربية النبوية
سلالة الخلايا الجذعية «SKGh»
التسامح جسور للتفاهم والتعايش في عالم متنوع
التقويم الهجري ومطالب التصحيح