كتاب

لا يوجد سرير شاغر!!

يقول أحدهم: صحوت قبل أيام على أنين واستغاثة ابنتي الكبيرة، تشتكي ألماً فظيعاً بالجهة اليمنى أسفل البطن، لأنقلها على الفور بسيارتي لأقرب مستشفى أهلي، وقبل أن أكمل تسجيل بياناتها بالتأمين الطبي كانت الاستشارية قد كشفت عليها بالطوارئ وحضرت للريسبشن لابلاغي بوقف التسجيل، ونقلها فوراً لأقرب مستشفى كبيرة لاشتباه التهاب الزائدة وحاجتها لعملية جراحية عاجلة، ولكون مجمع الملك عبدالله الطبي، هو الأقرب ولدي تجربة ممتازة معه، لم أتردد للحظة بنقلها إليه، وهناك كانت المفاجأة والصدمة التي لم تخطر على بال!!

يقول: أحضرت الكرسي المتحرك، وقام موظف الاستقبال السعودي مشكوراً بقيد بياناتها، وفتح ملف لها، وإدخالها لقسم الطوارئ فوراً، وهناك تم إجراء الفحص الأولي وسحب الدم وإعطاؤها إبرة مهدئة، ولأنني على أعصابي مخافة أن تنفجر الزائدة بأي لحظة -لا قدر الله- سألت ثائراً أين الدكتور الاستشاري؟! ليه ما كشف عليها، ليرد عليّ أخصائي شاب بكل برود: ليش معصب ياعم؟!


ويكمل الراوي متنهداً: بعدها تفاجأت بطلبهم العودة لقسم الانتظار خارجاً، حتى ينادوا على اسمها ويراها الاستشاري، لاستسلم للأمر الواقع، وتمر ساعات طويلة، رأيت فيها عجائب الدنيا السبع، مرضى ومريضات سعوديون فقدوا صبرهم وأعصابهم وغادروا بعد ما يأسوا من إقناع موظفي الأمن أو الاستقبال أو المدير المناوب بامتداد انتظارهم لخمس ساعات دون رؤية الاستشاري، مصابون أجانب تكدسوا بالممرات بعضهم حوادث سير وسقوط، خوف وغضب شديد من المراجعين يقابله برود ممارسين صحيين يكتفي الواحد منهم بهز كتفه ولي بوزه مبرراً؛ (إيش أسوي لك، لا يوجد سرير شاغر)!!

أمام هذه الرواية الصادمة، سأكون واضحاً وصريحاً معكم (بدون لف ودوران) لأقولها بالفم المليان: أن تكدس الأجانب بأروقة طوارئ المستشفى الحكومي يظل السبب الجوهري في تأخير أو بالأصح تعطيل انتفاع المواطنين من خدمة العلاج المجاني الذي كفلته لهم الأنظمة المرعية وعلى رأسها النظام الأساسي للحكم!!


وأمام هذا الرأي المنطقي، سيطل علينا متفزلك متعافي يتفلسف علينا:

«حين يتعلق الأمر بإنقاذ حياة مريض تنتفي جميع الطبقات والأجناس ويبقى المستوى الإنساني هو الفيصل لتقديم الخدمة العلاجية حتى بداخل المستشفيات الحكومية»، الله.. الله عليك صفقوا له، طيب يالمتحضر: ولو كان الأجانب بالطوارئ الحكومية أضعاف المواطنين، لو كان غالبيتهم باستثناء الخادم والسائق والمزارع يفترض تمتعهم بتأمين طبي، لو كان بعضهم يحصل على سرير طبي وعملية سريعاً، فيما ينتظرالمواطن ابن البلد طويلاً قبل يأسه ومغادرته؟!

هنا سينسى هذا المتفزلك كل القيم التي صم آذاننا بها ويرد عليك بلكنة عربجية مضللة ومتناقضة تخدم توجهه ولا تقيم وزناً لحياة الإنسان المريض: خلي المواطن يدبر نفسه!!

وطالما الأمور هكذا، خلنا نعود للراوي، الذي ينهي حكايته قائلاً: استدركت خطأي بعدما أعيانا الانتظار، وقررت الاستفادة من التأمين، فسألت ابنتي: راح الألم، فأجابت نعم، لأعقد العزم على نقلها لمستشفى أهلي، متأملاً وأنا أسندها ونغادر المكان، نفس الوجوه اليائسة التي رأينا أغلبها ونحن داخلين: منها من لا يزال مسجى على سرير الانتظار يتألم، منها من يقف غاضباً أمام الريسبشن ملوحاً بورقة الفحص، منها من نادى الممرضين متأخرين على اسمه لمقابلة الاستشاري لكن دون إجابة بعد ما نفذ صبره وغادر، لتقع عيني بعد خروجنا على إعلان تحذيري بواجهة الطوارئ: (أن عقوبة الاعتداء على موظف صحي تشمل السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات) لأتساءل بحرقة: وماذا عن عقوبة الممارس الصحي البارد إن أدين بتسببه بجرم (لا يوجد سرير شاغر)؟!

أخبار ذات صلة

حواري مع رئيس هيئة العقار
الحسدُ الإلكترونيُّ..!!
مستشفى خيري للأمراض المستعصية
الحُب والتربية النبوية
;
سلالة الخلايا الجذعية «SKGh»
التسامح جسور للتفاهم والتعايش في عالم متنوع
التقويم الهجري ومطالب التصحيح
كأس نادي الصقور.. ختامها مسك
;
المدينـة النائمـة
كتاب التمكين الصحي.. منهج للوعي
الإسلام.. الدِّيانة الأُولى في 2060م
ما لا يرضاه الغرب للعرب!
;
العمل الخيري الصحي.. في ظل رؤية 2030
القمة العربية الإسلامية.. قوة وحدة القرارات
يا صبر عدنان !!
احذروا البخور!!