كتاب

الإحساس بالنهاية: رواية البوكر التي سيطرت عليّ!

في العام 2011، ظهرت رواية (The Sense of an Ending - الإحساس بالنهاية) للروائي الإنجليزي الشهير جوليان بارنز (Julian Barnes) لتفوز بعد ذلك بجائزة البوكر العالمية للرواية في العام ذاته.. تدخل الرواية ضمن نطاق (تيار الوعي)، «التي يحتوي مضمونها الجوهري على وعي شخصية أو أكثر؛ أي أن الوعي المصور يخدمنا باعتباره (شاشة) تعرض عليها المادة في هذه الروايات»، كما يوضح روبرت همفري (Robert Humphrey).

تحكي رواية بارنز قصةَ رجل متقاعد يدعى توني وبستر، يسترجع أحداثاً من ماضيه في لندن مع عدد من أصدقائه من أبناء الطبقة الوسطى، وماذا فعلت بهم الحياة بعد ذلك.. تركز الرواية بالذات على علاقة ثلاثية بين (توني) الشخصية الرئيسة في الرواية، وحبيبته (فيرونيكا فورد) التي انفصل عنها بعد علاقة حب معقدة وغير سعيدة، وكذلك صديقه (أدريان فين) الفتى المميز في المدرسة الذي انتهى به المقام منتحراً في جامعة كامبريدج بعد علاقة قصيرة مع فيرونيكا.. تطارد الحكاية -بأسلوب أدبي رفيع- لغزاً غريباً يكتنف هذه العلاقة، حتى تصل إلى كشف مفاجئ وصادم في خاتمتها.


تمثل «الذاكرة» واحداً من الموضوعات الأثيرة لدى المؤلف البريطاني المسكون «دائمًا بالعلاقة الإشكالية بين التاريخ والحقيقة بشكل عام، وبين السرد والمفارقة بشكل خاص»، وفي روايته هذه يستمر في مساءلة العلاقة الملتبسة بين الذاكرة والتاريخ، عبر محاولات الشخصية الرئيسة في العمل لاسترجاع الماضي، وبناء الأحداث بصورة تجعله يفسّر المآلات التي انتهت بها قصته مع صديقه، وحبيبته.. و»من المهم ملاحظة أن الرواية تأخذ عنوانها من دراسة مؤثرة أجراها الناقد فرانك كيرمود عام 1966، على السرد، يصفها بأنها نموذج أخير نستخدمه لمحاولة صياغة معنى ما لتجربتنا الفوضوية في الحياة»، يمكن القول: إن (الإحساس بالنهاية) نص سردي محكم الإخراج، كُتبَ «بدقةِ، وبراعةِ، ورؤيةِ أحد أهم كتاب العالم».

الرواية ليست كبيرة الحجم؛ إذ تحتل مئة وخمسين صفحة فقط، وقد ترجمها إلى العربية خالد مسعود شقير في العام 2012م تحت عنوان (الإحساس بالنهاية). وفي العام 2017م ظهرت على شكل فيلم يحمل العنوان ذاته، من إخراج ريتيش باترا، وتمثيل كل جيم برودبنت (Jim Broadbent)، في دور توني، وشارلوت رامبلنق (Charlotte Rampling) في دور فيرونيكا، وجوُ ألوين (Joe Alwyn) في دور أدريان، ولا يمكن القول: إن الفيلم حقق نجاحاً موازياً لنجاح الرواية، فقد ظلت ردود الفعل حول الفيلم متباينة ومترددة، كما أن تقييمه النهائي وفقاً لعدد من النقاد، وعدد من المواقع المتخصصة، لا يضعه ضمن الأفضل، ولا يقارن تلقيه بتلقي الرواية.


مؤلف الرواية جوليان بارنز تعجّب -وضحك- حين رأى أن سيناريو الفيلم يختلف تماماً عن عمله (لا يكاد يضم سطراً من حوار الرواية)؛ لكنه لم يستنكر ذلك: «سيظل الأدب دائماً حياً ويزدهر.. ليس هنالك نوع فني آخر يمكنه اصطياد الحياة الداخلية -الروح، القلب، العقل- مثلما تفعل الرواية».

وعلى الرغم من ذلك فقد كانت وصيته لصانعي الفيلم أن يفعلوا بقصته ما يشاؤون: «أعتقد أنه لا يفترض بالكاتب أن يقف على أكتاف المخرج [كناية عن متابعة العمل السينمائي أثناء إنتاجه]»، «هم لا يصنعون نصباً تذكارياً، بل شكلاً فنياً له قوانينه وجمالياته الخاصة به، من هنا يفترض بهم أن يهشموا كتابي برميه على الجدار، ثم يجمعون أجزاءه من جديد بطريقة مختلفة»، قرأت الرواية عقب صدورها بقليل.. وأعدت قراءتها عدة مرات.. ثم غدت بعد ذلك رفيقتي في كل مكان وسفر، مثل تعويذة صوفية، وظلت معي لسنوات، حتى قاومت أثرها، ووجدت لها مكاناً على الرف.. وكلي يقين أني سأظل أعود إليها.

أخبار ذات صلة

اللغة الشاعرة
مؤتمر الأردن.. دعماً لوحدة سوريا ومستقبلها
الجهات التنظيمية.. تدفع عجلة التنمية
الاستثمار في مدارس الحي
;
معرض جدة للكتاب.. حلَّة جديدة
«حركية الحرمين».. إخلاص وبرامج نوعية
دموع النهرين...!!
الجمال الهائل في #سياحة_حائل
;
عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض