كتاب
طـلابنـــــــا
تاريخ النشر: 05 سبتمبر 2022 20:44 KSA
من النادر أن تجد مدرساً سعيداً بوضعه المالي في أي مكان حول العالم.. ولكن النواحي الأهم من المقابل المادي؛ تجعل مردود التدريس لا يُقارَن بأي مهنة أخرى.. عزوة المدرس لا تُقاس بعدد الطلاب الذي تشرَّف بتدريسهم فحسب، ولكنها تنمو مع الزمن، فتستمر في العطاء بطرقٍ مختلفة، ومنها رفعة شأن طلابه.. والحمد لله أنني حظيت بشرف تدريس أكثر من ألفي طالب خلال حوالى أربعين سنة في الوطن والخارج.. وعندي العديد من قصص الفخر والاعتزاز، وإليكم إحداها: في رمضان عام ١٤١٦هـ، الموافق عام ١٩٩٦م، قامت كلية تصاميم البيئة في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة؛ بالمشاركة في مسابقة معمارية عالمية للطلاب.. شملت المسابقة مجموعات طلاب من حوالى ٤٣ دولة، تشمل الولايات المتحدة، وإنجلترا، وألمانيا، وسنغافورة، وغيرها.. وتشرَّفت بأن أكون أحد المشرفين على الطلاب؛ ضمن فريق من زملائي المتميزين من أساتذة الجامعة.. وعمل الطلاب ليلاً نهاراً خلال الشهر الفضيل لمحاولة حل التحديات العمرانية، وتقديم الحلول العمرانية المتميزة، ووضعها في أُطر مهنية منافسة لأكثر من ١٨٠٠ طالب من حول العالم، وبتوفيق الله انتهى الطلاب من عمل المتطلبات الفنية من لوحات وتقارير، لتعكس الأفكار العمرانية الإبداعية.
تكونت مجموعات الطلاب من أربعة فرق مختلفة، كل منهم له أفكاره الرائعة، وهنا كان فوزنا الأول.. وكنا نعمل في رحاب جامعتنا في جدة، وأما التحكيم المهني، فكان في العاصمة الأمريكية واشنطن، في مقر المعهد المهني الأمريكي للمعماريين.. وهنا فُوجئنا بمشكلة هائلة، وهي أن شركة النقل التي اتفقنا معها لإيصال اللوحات الهندسية إلى واشنطن، رفضت نقل الشحنة بحجة أنها لم تستوفِ متطلبات التغليف.. وأن الاستيفاء بالمتطلبات سيحتاج إلى فترة زمنية ستضعنا خارج نافذة الاستلام الرسمية للتحكيم.. وهنا جاء الفوز الثاني بظهور الطالب طارق حمزة شلبي الذي عرض بكل بساطة أن يحمل شخصياً جميع اللوحات الهندسية والتقارير الخاصة بالتقديم، ويُسلِّمها في واشنطن خلال فترة أربعة وعشرين ساعة، وأن لديه تذكرة سفر، والأهم من ذلك أنه لديه الرغبة والقدرة.. قام الطالب طارق فعلا بحمل الشحنة بيديه بداخل مقصورة ركاب الطائرة، وسافر ليلتها من جدة إلى واشنطن.. وأتذكَّر بوضوح أنني اتفقتُ معه أن يُؤكِّد لي تسليمه للشحنة في مقر المعهد المهني في واشنطن.. وأتذكَّر أيضاً أنني سهرت طوال الليل إلى أن وصلتني مكالمة منه ببشرتين: أولهما أن التسليم تم في الوقت المحدد، 'على الحركرك'، أي في آخر لحظة.. وثانياً جاءتني البشرى 'من طارق/ لطارق' بكل ثقةٍ وبهجة بعدما اطلع على نماذج من الأعمال المنافسة.. قالها ببساطة: 'سنفوز بمشيئة الله'.. وأما الفوز الثالث، فكان الإعلان الرسمي عن فوز طلابنا بالمركز الثالث عالميًا، فأضاف ذلك إلى مجموعة من الجوائز الدولية التي فازت بها كليتنا.
وكانت فرحة الانتصار للأقسام العلمية المعنية، والكلية، والجامعة، والوطن. ولكن فرحة الانتصار الأكبر كانت للمبادئ والقيم.. والمثابرة من الطلاب خلال الشهر الفضيل، وروح التحدي، وشهامة الإصرار على إيصال العمل إلى مسافة تفوق ربع محيط كوكب الأرض.. والطلاب الفائزين هم: سالم السديس، وإبراهيم فلقي، ومحمد ناجم الحويطي، وزين نقشبندي، وأسامة يوسف بنغالي.
* أمنيــــــــــة:
قصص الفوز كثيرة ومتنوعة في وطننا في المجالات المختلفة، وكلها تستحق التوثيق والتقدير والذكرى.. وقصص طلابنا تستحق وقفات فخر وتقدير.. أتمنى أن نسمع المزيد عن تلك القصص، فهي من المكاسب الوطنية الجميلة بتوفيق الله عز وجل، وهو من وراء القصد.
تكونت مجموعات الطلاب من أربعة فرق مختلفة، كل منهم له أفكاره الرائعة، وهنا كان فوزنا الأول.. وكنا نعمل في رحاب جامعتنا في جدة، وأما التحكيم المهني، فكان في العاصمة الأمريكية واشنطن، في مقر المعهد المهني الأمريكي للمعماريين.. وهنا فُوجئنا بمشكلة هائلة، وهي أن شركة النقل التي اتفقنا معها لإيصال اللوحات الهندسية إلى واشنطن، رفضت نقل الشحنة بحجة أنها لم تستوفِ متطلبات التغليف.. وأن الاستيفاء بالمتطلبات سيحتاج إلى فترة زمنية ستضعنا خارج نافذة الاستلام الرسمية للتحكيم.. وهنا جاء الفوز الثاني بظهور الطالب طارق حمزة شلبي الذي عرض بكل بساطة أن يحمل شخصياً جميع اللوحات الهندسية والتقارير الخاصة بالتقديم، ويُسلِّمها في واشنطن خلال فترة أربعة وعشرين ساعة، وأن لديه تذكرة سفر، والأهم من ذلك أنه لديه الرغبة والقدرة.. قام الطالب طارق فعلا بحمل الشحنة بيديه بداخل مقصورة ركاب الطائرة، وسافر ليلتها من جدة إلى واشنطن.. وأتذكَّر بوضوح أنني اتفقتُ معه أن يُؤكِّد لي تسليمه للشحنة في مقر المعهد المهني في واشنطن.. وأتذكَّر أيضاً أنني سهرت طوال الليل إلى أن وصلتني مكالمة منه ببشرتين: أولهما أن التسليم تم في الوقت المحدد، 'على الحركرك'، أي في آخر لحظة.. وثانياً جاءتني البشرى 'من طارق/ لطارق' بكل ثقةٍ وبهجة بعدما اطلع على نماذج من الأعمال المنافسة.. قالها ببساطة: 'سنفوز بمشيئة الله'.. وأما الفوز الثالث، فكان الإعلان الرسمي عن فوز طلابنا بالمركز الثالث عالميًا، فأضاف ذلك إلى مجموعة من الجوائز الدولية التي فازت بها كليتنا.
وكانت فرحة الانتصار للأقسام العلمية المعنية، والكلية، والجامعة، والوطن. ولكن فرحة الانتصار الأكبر كانت للمبادئ والقيم.. والمثابرة من الطلاب خلال الشهر الفضيل، وروح التحدي، وشهامة الإصرار على إيصال العمل إلى مسافة تفوق ربع محيط كوكب الأرض.. والطلاب الفائزين هم: سالم السديس، وإبراهيم فلقي، ومحمد ناجم الحويطي، وزين نقشبندي، وأسامة يوسف بنغالي.
* أمنيــــــــــة:
قصص الفوز كثيرة ومتنوعة في وطننا في المجالات المختلفة، وكلها تستحق التوثيق والتقدير والذكرى.. وقصص طلابنا تستحق وقفات فخر وتقدير.. أتمنى أن نسمع المزيد عن تلك القصص، فهي من المكاسب الوطنية الجميلة بتوفيق الله عز وجل، وهو من وراء القصد.